اخبارالرئيسيةعيون

حكومة الوحدة الوطنية تدين “مشاهد مسربة صادمة” لنائب مختطف ظهر مقيداً بالسلاسل

العربي الجديد-

أدانت حكومة الوحدة الوطنية  في طرابلس، الاثنين، ما تعرّض له عضو مجلس النوّاب، إبراهيم الدرسي المغيَّب منذ نحو عام، من “تعذيب وتنكيل” في أحد مراكز الاعتقال المجهولة، مطالبةً بفتح تحقيق دولي عاجل تحت إشراف بعثة مستقلّة، وذلك عقب تسريب فيديو يُظهر مشاهد صادمة للنائب وهو عارٍ ومقيّد بالسلاسل.

ووجّهت الحكومة، في بيان لها، انتقادات حادّة إلى مجلس النوّاب ورئيسه عقيلة صالح، وحمّلتهما مسؤولية “الصمت والتقصير” تجاه الحادثة، واصفةً المشاهد التي ظهر فيها الدرسي بأنّها “مُهينة، صادمة، وغير إنسانية”، وشبّهتها بممارسات الأنظمة الشمولية، معتبرةً أنّ ما حدث “امتهان للكرامة البشرية وجريمة مكتملة الأركان لا تُبرّرها أيّ ظروف”. وحمّلت الحكومة المسؤولية الكاملة لكلّ من “شارك أو تواطأ” في الحادثة، “وفي مقدّمتهم ما يُعرف بالقيادة العامّة في شرق ليبيا، ممّن أصبحوا في موقع الاشتباه العلني بعد ظهور النائب نفسه في التسجيل المسرّب وهو يطلب العفو من الجهة ذاتها”.

كما انتقدت موقف رئيس مجلس النوّاب، عقيلة صالح، واعتبرت صمته “تخلّياً غير مقبول عن الواجب السياسي والأخلاقي”، مُؤكّدة أنّ تقاعس رئاسة المجلس يُهدّد الحصانة البرلمانية ويعمق أزمة الشرعية. وطالبت الحكومة بفتح تحقيق دولي عاجل تحت إشراف بعثة مستقلّة، وفق المعايير الدولية، للكشف عن ملابسات الجريمة وضمان محاسبة المتورّطين، محذّرة من أنّ استمرار “الإخفاء القسري وانتهاك الحصانة النيابية، يهدّدان العملية السياسية، ويغذّيان ثقافة الإفلات من العقاب”.

كما أكدّ البيان الحكومي أنّ ممارسات مجلس النوّاب في ظلّ “مناخ الترهيب وغياب الحماية الدستورية” باتت تفتقر إلى الشرعية، ودعت أعضاءه إلى “تحرير إرادة المجلس من سطوة جغرافيا السلطة العسكرية ورئاسة المجلس التي قيّدت استقلاله، والانفكاك عن كلّ وصاية تُفرض على القرار النيابي خارج إرادة الشعب”

وبالتزامن مع عقد مجلس النوّاب جلسته الاثنين (05 مايو 2025م) نشر موقع “أفريكا آزي” الفرنسي صوراً للدرسي وهو مقيَّد بالسلاسل، قبل أن ينشر الصحافي البريطاني إيان بيلهام تيرنر، المسؤول عن تسريب هذه الصور، فيديوهات على صفحته الرسمية في فيسبوك وإكس، تُظهر الدرسي وهو عارٍ ومقيَّد بسلسلة في عنقه، وعلى وجهه علامات تعذيب واضحة، من دون أن يوضّح تاريخ تصوير الفيديو

وخلال الفيديو، الذي نشره تيريز على ثلاثة أجزاء، وجّه الدرسي نداءً إلى حفتر ونجله صدام، طلب منهما فيه بالعفو عنه، نافياً التهم الموجّهة إليه، من دون أن يذكر تلك التهم. وأكّد الدرسي ولاءه لحفتر، وأنه لم ينقض “بيعته” له، مشدّداَ على حرصه على الاستمرار في دعم حفتر ومؤسّسته العسكرية، كما كرّر، خلال حديثه في الفيديو، ثناءه على صدام حفتر، ووصفه بــ”الشخصية العسكرية المتّزنة”، وأنّه من نشر الأمان في جنوب البلاد وشرقها، مثنياً على “حرصه على تنفيذ مشاريع الإنماء والإعمار”.

ولم يصدر عن قيادة حفتر أو مجلس النوّاب أيّ تعليق على الفيديوهات حتى الآن. لكنّ المتحدّث باسم المجلس النواب، عبد الله بليحق، أعلن انتقال جلسته إلى مغلقة بعد قطع البث المباشر، وهو ما رُبط بتسريب الصور والفيديوهات.

إلى ذلك، نشر جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية بحكومة مجلس النواب في بنغازي، مساء الاثنين، بياناً صوتياً، نفى فيه صحة الفيديو، وقال إن محتواه مفبرك “بالكامل بواسطة الذكاء الصناعي”. وجاء في البيان أن الجهاز “تابع ما نُشر عبر موقع ناطق بالفرنسية ومجهول التبعية، وكذلك على مواقع التواصل من صور ومقاطع مزعومة عن النائب المخطوف إبراهيم الدرسي”، ووجه فريقه التقني لفحص الفيديو “عبر تقنيات الفحص المتوفرة لديه، لتأتي النتيجة القطعية بأن المادة محل الفحص مفبركة بالكامل بواسطة الذكاء الصناعى عبر أدوات توليد شاملة للصورة والفيديو والصوت”.

وفيما أشار الجهاز إلى مسؤولية حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس عن “هذا التسريب المفبرك”، لفت إلى أن البعثة الأممية “حذرت قبل يومين فقط من نشر هذه الفبركة المفضوحة من مغبة استخدام تقنيات الذكاء الصناعي في التزوير واستخدامها في الصراع السياسي وحملات التشويه”. وطالب الجهاز البعثة الأممية بتزويده “بأي معلومات عن الجهة المتورطة في هذا العمل المشين كون تحذير البعثة من الفبركة باستخدام الذكاء الصناعي قد جاء قبل ساعات من نشر الفبركة المتعلقة بالنائب الدرسي ما يوحي بامتلاكها معلومات عن عمل مسبق ومدبر بالخصوص”.

ورغم ذلك، استمرت مواقف الانتقاد حيال الفيديو المسرب، إذ أصدر خالد المشري بياناً، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، استنكر فيه “الصور والمقاطع الصادمة التي أظهرت النائب إبراهيم الدرسي في وضع مؤسف وحالة يُرثى لها، وهو يتمتع بحصانة برلمانية يكفلها القانون”. واعتبر المشري، في بيان، أن ما تسرب حول وضع الدرسي “انتهاك صريح للقوانين”، ودعا مجلس النواب إلى تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في الحادثة وكشف مصير النائب الدرسي، وكذلك مصير النائبة سهام سرقيوه، المغيبة منذ سبتمبر عام 2019. كما دعا النائب العام “لفتح تحقيق عاجل وشامل لمحاسبة المسؤولين”.

وكان الدرسي قد اختُطف في مايو من العام الماضي على يد مسلّحين مجهولين، بعد مغادرته احتفالاً أقامه حفتر في بنغازي بمناسبة مرور عشر سنوات على “عملية الكرامة”، التي شارك فيها الدرسي رفقة عدد كبير من النواب، بالإضافة إلى حفتر وأبنائه وعديد من القادة العسكريّين المقربين منه. وأُثيرت العديد من الأسباب حول اختفائه وقتها، لكن أبرزها خروج الدرسي قبل يوم من الاحتفال على شاشة فضائية محلّية وهو ينتقد طريقة إدارة أبناء حفتر لملفّ الاعمار، وعدم إعطاء منطقته نصيباً في مشاريعها.

وفي أول تعليق له بعد ساعات طويلة على انتشار الفيديو المسرب، طالب مجلس النواب مكتب النائب العام والأجهزة الأمنية “بالاضطلاع بدورها ومتابعة وتكثيف التحقيقات بشكل عاجل”، حول الفيديو. وقال المجلس، في بيان الاثنين، أنه “تابع الصور والفيديوهات البشعة والصادمة المنسوبة للدرسي التي ظهرت على وسائل الإعلام اليوم، كما تابعها كافة أبناء الشعب الليبي”، معبرا عن استنكاره لـ”هذه الجريمة بأشد العبارات”.

وطالب مجلس النواب مكتب “النائب العام والأجهزة الأمنية كافة بالاضطلاع بدورها ومتابعة وتكثيف التحقيقات بشكل عاجل حول هذه التسريبات والتأكد من صحتها ومن مصدرها والأسباب التي وراءها ووراء إخراجها في هذا التوقيت وإظهار المستفيد منها”، مشيرا إلى أنه متمسك بموقفه في “المطالبة بالكشف من مصيره حتى إظهار الحقيقة كاملة”.

وعبر المجلس عن استنكاره “الشديد من استخدام القضايا الإنسانية مثل الخطف والتعذيب وغيرها من قبل بعض الأطراف من أجل التأثير على المسار السياسي السلمي لحل الأزمة في البلاد”، في إشارة لبيان حكومة الوحدة الوطنية الذي حملت فيه مجلس النواب وحفتر المسؤولية عن سلامة الدرسي.

وفيما أعلنت حكومة مجلس النواب عن بدء رئيس الحكومة أسامة حماد اجتماعا “أمني طارئ” بمقر جهاز الأمن الداخلي ببنغازي، لبحث تطورات واقعة اختطاف عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، وفقا للصفحة الرسمية للحكومة على موقع فيسبوك، أصدرت وزارة الداخلية بالحكومة بيانا قالت فيه إن الدرسي مختطف من “جهة إجرامية مجهولة تتبع عصابة منظمة”، وأن قضيته “لا تزال محل ملاحقة وتحقيق دقيق من الجهات المعنية”. وأوضحت الوزارة أنها شكلت “لجنة تحقيق عليا بالتنسيق مع جهاز الأمن الداخلي وكافة الجهات الأمنية المختصة، وذلك لمتابعة ملابسات الحادثة وكشف هوية الجناة”

وحول فيديو الدرسي المسرب اليوم، قالت الوزارة إن المعطيات التي توفرت لديها تشير إلى أنها “مادة منسقة بعناية من المجموعة الخاطفة، بهدف تضليل الرأي العام وتشويه صورة القوات المسلحة العربية الليبية وقياداتها”، في إشارة إلى قيادة حفتر. وفيما وصفت الوزارة الفيديو بـ”المفبرك” وبـ”العمل الإجرامي”، اعتبر أنه عمل يهدف “إلى تشويه المؤسسة العسكرية وزعزعة استقرار المناطق التي تنعم بالأمن والإعمار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى