اخبارالرئيسيةعيون

تزايد مخاطر الأزمة النقدية في ليبيا

العربي الجديد-

تعيش ليبيا واحدة من أعقد أزماتها الاقتصادية في تاريخها الحديث، حيث تتكشّف ملامح الانهيار يومًا بعد آخر، وسط مؤشرات مالية ونقدية تنذر بانزلاق البلاد إلى مرحلة حرجة يصعب الخروج منها دون إصلاح شامل، وسط الإنفاق المزدوج للحكومتين شرقا وغربا مع تحذيرات لوزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية من ارتفاع الأسعار 25%.

وفي خطوة تهدف لاحتواء الضغوط على الاحتياطيات النقدية، خفّض مصرف ليبيا المركزي قيمة الدينار بنحو 13% في مطلع إبريل، وشدّد قيود النقد الأجنبي في ظل غياب أدوات السياسة النقدية التقليدية، مع استمرار الضريبة على الدولار بنسبة 15%.

وفي هذا السياق، حذر الخبير الاقتصادي محمد بن يوسف من تداعيات خفض سعر صرف الدينار مقابل حقوق السحب الخاصة، مشيرًا إلى أن تأثيره لا يتوقف عند تآكل دخول الأفراد، بل يمتد إلى المساس بأصول مصرف ليبيا المركزي، والشركات العامة والخاصة، والمدخرات الفردية. وأوضح في حديث لـ”العربي الجديد”، أن استمرار هذه السياسة دون معالجة آثارها سيقود البلاد نحو حلقة مفرغة من الانكماش والفقر، داعيًا المصرف المركزي إلى حماية أصول الدولة ووقف تغطية العجز الناتج عن إنفاق حكومي غير منضبط.

من جهته، أعرب المحلل المالي إدريس الشريف عن قلقه إزاء تمويل عجز ميزانية 2024 في ظل غياب قانون ميزانية معتمد، وأوضح أن الحكومة تجاوزت بكثير قاعدة “1/12” المعتمدة في حال غياب الميزانية الرسمية، متسائلًا عما إذا كان المصرف المركزي يعلم فعلًا على أي أرقام تستند سياسات الصرف والتمويل الجارية.

وانتقد الشريف لجوء المصرف إلى تخفيض قيمة الدينار باعتباره حلًا سريعًا، معتبرًا إياه “مسكنًا ماليًا” يتحمّل المواطن كلفته المباشرة عبر التضخم وغلاء المعيشة، مضيفًا أن هذا الإجراء يزيد الضغط على العملة الصعبة ويفتح الباب أمام موجات تخفيض جديدة. وفي هذا الإطار، رأى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة عبد الحميد الفضيل أن استمرار الإنفاق الموازي من قبل الحكومة المكلفة من مجلس النواب يفاقم الضغط على الوضع النقدي ويزيد احتمالات حصول تخفيض جديد في قيمة الدينار.

أما الخبير حسين البوعيشي، فقد حذر من دخول ليبيا في حلقة تضخمية مفرغة مع تزايد العجز والاستدانة، لا سيما في ظل انخفاض أسعار النفط عالميًا، وهو ما سيصعّب على الدولة تأمين الرواتب والالتزامات الأساسية من خلال الخزينة العامة. وأضاف في حديث لـ”العربي الجديد”، أن السياسات الاقتصادية لا يجب أن تكون صادمة أو مرتجلة، بل مدروسة ومبنية على أدوات قادرة على تعزيز الاستقرار والنمو التدريجي.

ودعا صندوق النقد الدولي إلى توحيد الموازنة العامة باعتبار ذلك أولوية ملحة، والحد من الإنفاق الجاري، خصوصاً في بندي الرواتب والدعم، مع تبني إصلاحات تدريجية في هيكل الأجور والدعم والطاقة، وتنمية مصادر الإيرادات غير النفطية لضمان الاستقرار المالي مستقبلاً.

وتشير آخر بيانات مصرف ليبيا المركزي إلى أن الدين العام بلغ نحو 125% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تخطّى الإنفاق العام نسبة 165% من إجمالي الدخل، ما يعكس اختلالًا خطيرًا في هيكل المالية العامة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى