
الناس-
كان أحمد، مجرد طفل في الثالثة عشرة من عمره عندما قرر أن “يجرب” – التعاطي، كما ظن– ليعيش اللحظة مع أصدقاء السوء، لم يكن يدرك أن تلك التجربة ستأخذه في دوامة طويلة من الانحدار، وتنقله من حضن أسرته إلى ظلمة الإدمان والسجون.
“كنت كبير العائلة، محل ثقة الجميع، لكن كل شيء تبدّل بعد ما دخلت هذا الطريق.”
يصف أحمد حياته قبل التعاطي بفخر وحنين، كان أكبر إخوته، يحمل مسؤوليات تفوق سنّه، يقود سيارة والده المتوفى، ويتمتع بثقة والدته وخاله وعمومته، لكن المخاوف الأولى حين تغيّرت ملامحه، فبدأت الشكوك تتسلل إلى عائلته، وتم سحب السيارة منه… هناك، بدأت الثقة تنهار
يقول: “كنت نشوف صحابي يتعاطوا، وقلت في نفسي: ليش ما نجرب؟“
كانت أول تجربة لي مع الحشيش عندما كنت أدرس في الصف التاسع – يقول أحمد – بعدها بدأت الأمور تخرج عن السيطرة، خُصومة مع خاله دفعته للعيش مع عمّه، الذي لم يكن أفضل حالاً.
يتذكر أول مرة دخل عليه عمه وهو في حالة سُكر، ومد له “الكنشة” قائلاً: “جرّبها“… وجربها فعلًا، تدحرجت الأمور بسرعة، من الحشيش إلى “البافرات”، ومن هناك إلى ترامادول، روج، ليريكا، الخمر… مزيج من الحبوب المخدرة أصبح روتينه اليومي.
كنت استيقظ صباحاً وأتناول الترامادول كوجبة إفطار، وصلت إلى 10 حبات يوميًا، ما تسبب لي في تشنجات، حتى أنني وصلت لتعاطي 32 حبة روج في اليوم الواحد!
بدأت ملامح محدثنا تفضحه، رفضه للطعام، طلبه المستمر للمال، افتعاله للمشاكل، رفع صوته على أمه وأخواله، كلها إشارات لم يكن يستطيع إخفاءها، رغم كل المحاولات لمنعه، كان في مرحلة الإنكار، أو ربما، الاستسلام. ثم راوده التساؤل: لماذا لا أصبح تاجرًا؟
بدأت في تجارة المخدرات عن طريق أصحابي، وفعلاً نجحت في ذلك
لكن أحمد لم يربح، بل خسر أكثر، جرّ أصدقاءه إلى الإدمان، حتى أولئك الذين لم يكونوا يتعاطون، جعل منهم متعاطين، كنت أمرّ من بوابات التفتيش بكميات، حتى افتضح أمري في أكثر من مرة وزُج بي في السجون.
“وصلت للحضيض.”
في لحظة ما، أدرك أنه إما أن ينقذ نفسه أو يضيع للأبد.
كانت أمه النور الوحيد وسط عتمته، أصرت عليه بالعلاج في المركز الوطني لتأهيل المدمنين. في البداية، أنكر، تهرّب، ثم استسلم.
“ذهبت إلى المركز وهناك تحصلت على العلاج“ اليوم، يحاول أحمد لملمة ما تبقى من حياته. يفكر في العودة للدراسة، في البحث عن عمل، في استعادة ثقة أسرته، وخاصّة أخواله.
يحمل “أحمد” اليوم رسالة واحدة، يوجهها لكل شاب يقف على حافة القرار الذي اتخذه هو يومًا” :ابتعدوا عن هذا الطريق، يهلك صحتكم، يدمّركم، أصحوا قبل الندم، قبل فوات الآوان”