
العربي الجديد-
قرر مصرف ليبيا المركزي رفع نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي المفروض على المصارف التجارية من 20% إلى 30%.
ويُنظر إلى هذا القرار أداةً من أدوات السياسة النقدية تهدف إلى تقليص السيولة وتحقيق نوع من الانضباط النقدي، ويأتي في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذها المصرف مؤخراً، أبرزها تعديل سعر صرف الدينار الليبي إلى 5.56 دنانير مقابل الدولار، مع الإبقاء على ضريبة الـ 15%. وقد أثارت هذه التدابير جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والمصرفية، بين من يعتبرها ضرورية لضبط السوق، ومن يراها غير كافية لمعالجة الاختلالات العميقة في بنية الاقتصاد المأزوم.
الدكتور عطية الفيتوري، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، وصف القرار بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”، مؤكدًا أن رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي يحد من قدرة المصارف على خلق النقود، مما يُسهم في كبح التضخم الناتج عن التوسع النقدي غير المدروس. وأوضح لـ “العربي الجديد” أن المصرف المركزي يفتقر حالياً إلى أدوات فعّالة للتحكم في المعروض النقدي باستثناء بيع العملة الأجنبية، وهي أداة قد تُستنزف بسرعة في حال عدم وضع ضوابط دقيقة لها.
معتز هويدي، محلل مصرفي، رأى أن القرار يمكن تفسيره أيضًا بأنه محاولة لتعزيز حماية أموال المودعين، خاصة في حال تعرض بعض البنوك لمخاطر تعثر أو إفلاس، حيث يتيح الاحتياطي المرتفع للمصرف المركزي إمكانية التدخل السريع لتوفير السيولة اللازمة.
ومع ذلك، انتقد هويدي خلال حديثه لـ “العربي الجديد” اقتصار الإجراءات على الأدوات التقليدية، معتبرًا أن رفع الاحتياطي وحده لن يعالج الأسباب العميقة للاختلالات النقدية، لا سيما مع استمرار الحكومة في التمويل المباشر للعجز من خلال المصرف المركزي، مما يفاقم الضغوط التضخمية ويرفع مستويات الدين العام إلى مستويات غير مستدامة.
أما علي سالم، المحلل المالي، فقد وصف القرار بأنه “غير ذي جدوى”، موضحًا أن المشكلة الأساسية تكمن في التمويل المفرط لعجز الموازنات الحكومية عبر الاقتراض من البنك المركزي. وأشار إلى أن الدين العام تجاوز 125% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر خطير على هشاشة الوضع المالي.
وأضاف لـ “العربي الجديد” أن رفع الاحتياطي لا طائل منه في ظل وجود فائض سيولة في المصارف التجارية يزيد عن 80 مليار دينار، وهي أموال لا يمكن توظيفها أو توجيهها للإقراض بسبب غياب بيئة استثمارية مستقرة وقيود تنظيمية صارمة.