اخبارالرئيسيةعيون

زيارة خليفة حفتر لبيلاروسيا: مساعٍ لتعزيز التحالف أم رسائل إخفاق؟

العربي الجديد-

اختتم حفتر زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى بيلاروسيا، الخميس (19 فبراير 2025م) وسط غموض حول توقيتها وأهدافها وتفاصيلها، وبالرغم من أن عناوين التعاون الاقتصادي طغت على متابعة وسائل الإعلام البيلاروسية للزيارة، إلا أن ذلك أثار تساؤلات حول أبعادها العسكرية والسياسية ومدى ارتباطها بالصراع الدائر في ليبيا وتنافس القوى الإقليمية والدولية على النفوذ.

وبحسب وكالة “بيلتا” البيلاروسية الرسمية، فإن حفتر التقى الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، الثلاثاء (17 فبراير 2025م) وأكد الأخير اطلاعه على تطورات الأوضاع في ليبيا ووعده بـ”المساعدة بكل الطرق الممكنة” متعهداً بأن “كل ما سيُتفق عليه سيُنفذ في وقته المحدد”. ومن جانبه، أشاد حفتر بالتطور الصناعي والزراعي في بيلاروسيا معبراً عن رغبته في إقامة شراكة اقتصادية.

لكن الزيارة لم تقتصر على الجانب الاقتصادي، حيث التقى صدام حفتر مع وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين، الأربعاء (18 فبراير) وناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات وفقاً لشعبة الإعلام الحربي التابعة لحفتر، ما فتح الباب أمام تفسيرات أخرى للزيارة خاصة في ظل قرب بيلاروسيا مع روسيا، حليف حفتر العسكري.

وضم الوفد المرافق لحفتر نجليه: صدام آمر أركان القوات البرية وخالد آمر أركان القوات الأمنية لديه، بالإضافة لصهريه: باسم البوعيشي قائد كتيبة الحرس الخاص به وأيوب الفرجاني قائد أكبر كتيبة عسكرية تسيطر على بنغازي. وذلك وسط غياب الضباط الآخرين الذين ارتبط بهم خليفة حفتر منذ إنشاء قواته، ما أثار تساؤلات حول تشكيلة الوفد “العائلية” ودفع إلى تفسير ذلك بأنه محاولةٌ من حفتر لإرسال رسالة لخصومه في الداخل الليبي ومؤيديه، على حد سواء، بأن قرار مليشياته بيده وبيد مقربيه وأن سلطته تعززت الى حد أنه لم يعد يخشى حدوث أي انقلاب.

ولم تمر الزيارة دون تفاعل منصات التواصل الاجتماعي معها، حيث تداول نشطاء بشكل واسع صورة جماعية تظهر ابني حفتر وصهريه أثناء الزيارة، وسط تعليقات تنتقد ما وصفته بــ”الجيش العائلي” الذي يعتمد على الولاءات الشخصية بديلاً عن المؤسساتية، وتساؤلات عن مصير الضباط والعسكريين الذين اعتمد عليهم حفتر في السنوات الماضية

ويدل “الوفد العسكري العائلي” على حرص خليفة حفتر إظهار استقلاله بقراره السياسي عبر استقباله بشكل رسمي وعلى أعلى المستويات في الخارج وفقاً للناشط السياسي محمود المسعودي، الذي يرى في حديث مع “العربي الجديد” أن حفتر أراد أيضاً أن يقول أنه “قادر على بناء تحالفات خارج الإطار التقليدي لحلفائه السابقين مثل الإمارات ومصر”، معتبراً أن ظهور حفتر رفقة وفد عسكري مؤلف من أقاربه “يعطي انطباعاً سلبياً عن قيادة عسكرية غير مؤسساتية وأنه ليس إلا قائداً لمليشيا قبلية كبيرة، ما ُيضعف فرصه في الحصول على دعم دولي”.

ومن جهة أخرى، يبدو توقيت الزيارة لافتاً مع تصاعد الحديث عن نية روسيا نقل جزء من وجودها العسكري من سورية إلى ليبيا، لا سيما أن بيلاروسيا حليف مقرب من الكرملين وقد تمثل حلقة وصل جديدة بين موسكو وحفتر، ليتجاوز الأخير التحذيرات الأميركية والأوروبية الموجهة له بشأن تحالفه العسكري مع روسيا. ورغم ارتباط حفتر عسكرياً بروسيا منذ فترة إلا أن منح قاعدة السارة العسكرية، جنوب شرق ليبيا، موقعا خامسا لموسكو في ليبيا زاد من لفت الأنظار إليه.

ويشكك أستاذ العلاقات الدولية، رمضان النفاتي، في أن تكون زيارة خليفة حفتر لبيلاروسيا مرتبطة بشكل مباشر بملف القواعد الروسية، مشيراً في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن “التدفق المستمر للأسلحة الروسية إلى ليبيا لا يعني أن موسكو حسمت خياراتها لصالح ليبيا بديلا عن سورية”. ويرى النفاتي أن الزيارة قد تكون جزءاً من ترتيبات روسية لاحتضان لقاءات غير معلنة بين مسؤولين روس وخليفة حفتر بهدف “تطمينه” بعد التغيرات الأخيرة في الملف السوري، والتي تزامنت مع توقف زيارات نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف المفاجئ إلى ليبيا، بعد أن كانت زياراته تجري بشكل مكثف خلال العامين الماضيين في خضم اشرافه على تطوير الوجود العسكري الروسي في ليبيا من خلال بناء “الفيلق الأفريقي” داخل القواعد التي يسيطر عليها حفتر.

وبحسب النفاتي فإن التطورات الدولية، وأبرزها التقارب الروسي الأميركي بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تزيد من قلق خليفة حفتر على موقعه في “المعادلات الدولية الجديدة”، موضحاً أن حفتر يخشى من ضياع فرصة استثمار تداعيات التغيرات السورية على الوجود العسكري الروسي في ظل اتصالات موسكو مع القادة الجدد في سورية، وإمكانية أن تحصل تفاهمات روسية أميركية تسمح لموسكو باتساع خياراتها للحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة.

وفيما يؤكد النفاتي أن حفتر كان يطمح في الحصول على أسلحة روسية متطورة لتعزيز ترسانته العسكرية وموقعه في ليبيا من خلال فرض شروطه على موسكو في حال لم يبق لديها خيار إلا ليبيا بديلاً عن سورية، يرى من ناحية أخرى أن التقارب الروسي الأميركي الذي يمكن أن يحلحل جملة من الملفات الساخنة في المنطقة “لا يُقلل من فرص حفتر فقط، بل يقوض وضعه رجلا عسكريا يعتبر نفسه الأقوى في بلده”

 

وبالتزامن مع الزيارة كتب عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون، على حسابه بمنصة إكس، محذراً حفتر من “ارتكاب الخطأ الكبير”، إذا سمح بوجود عسكري أوسع لروسيا في ليبيا، ما يعكس متابعة أميركية في ظل قلقها المستمر من علاقته العسكرية بروسيا. ومنذ أسابيع أجرى مسؤولون عسكريون أمريكيون وبريطانيون مفاوضات مكثفة مع الحكومة في طرابلس ومع حفتر في بنغازي لبناء قوة عسكرية مشتركة مهامها تأمين الحدود الجنوبية الليبية ومواقع الطاقة والنفط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى