اخبارالرئيسيةعيون

خلية أزمة مصرية للتعامل مع تطورات محتملة في ليبيا

العربي الجديد-

كشفت معلومات حصلت عليها “العربي الجديد” أن مصر قررت تشكيل خلية أزمة تضم مسؤولين من وزارة الخارجية، وجهاز المخابرات العامة، والاستخبارات الحربية، لمتابعة التطورات المتلاحقة في ليبيا وإعداد تقارير دورية عن الوضع الميداني هناك، في ظل تقديرات رسمية تشير إلى أن حالة عدم الاستقرار في الجارة الغربية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الحدود المصرية، وهو ما دفع السلطات إلى اتخاذ خطوات استباقية لمواجهة أي سيناريوهات غير محسوبة.

وتأتي هذه التطورات في ظل تعقيد المشهد السياسي والعسكري داخل ليبيا، حيث لا تزال البلاد تعاني من حالة انقسام سياسي حاد بين الشرق والغرب، وسط صراع نفوذ إقليمي ودولي على الساحة الليبية. وتراقب القاهرة الوضع عن كثب، خصوصاً مع وجود تقارير عن احتمال تصاعد التوترات بين الفصائل المسلحة، وهو ما قد يؤدي إلى موجات نزوح أو محاولات تهريب سلاح عبر الحدود.

محاولة تفادي سيناريوهات سلبية في ليبيا

وأشارت المصادر إلى أن خلية الأزمة المشكّلة حديثاً ستعمل على تقديم تقديرات دورية لصانعي القرار، تشمل تقييمات أمنية وسياسية للأوضاع، إضافة إلى اقتراح خطوات استباقية لحماية الأمن القومي المصري.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الملف الليبي، وذلك في محاولة لتفادي سيناريوهات قد تؤثر على استقرار مصر. وتمتلك مصر حدوداً صحراوية طويلة مع ليبيا تمتد لأكثر من 1200 كيلومتر، ما يجعلها عرضة لأي تحركات غير منضبطة قد تشمل تهريب أسلحة أو تسلل عناصر إرهابية.

وبينما تتزايد المخاوف المصرية بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا، جاءت تحركات سياسية وأمنية تؤكد حرص القاهرة على تأمين حدودها الغربية، إذ شهدت الأيام القليلة الماضية تحركات مصرية مكثفة على محورين: الأول أمني، تمثل في تفقد الفريق أحمد خليفة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، والثاني سياسي، من خلال الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، إلى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وأعضاء مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة لعقد اجتماعات تشاورية في القاهرة خلال الفترة من 22 إلى 25 فبراير الحالي.

وفي السياق، أكد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير رخا حسن، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن هناك تعاوناً أمنياً وثيقاً بين مصر والسلطات الليبية، خصوصاً في المناطق الشرقية من ليبيا، نظراً لقربها من الحدود المصرية. وأوضح أن هذا التعاون يهدف إلى مراقبة تحركات الجماعات الإرهابية داخل ليبيا وفي الدول المجاورة، والعمل على الحد من تهديداتها قبل أن تصل إلى الحدود المصرية. وأشار حسن إلى أن المستجدات في المشهد السوري تفرض تحديات أمنية على المنطقة ككل، مع احتمال انتقال عناصر متشددة من سورية إلى مناطق أخرى، بما في ذلك القارة الأفريقية. وشدد على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين دول المنطقة، وفي مقدمتها ليبيا، للتصدي لهذه المخاطر المحتملة

مخاوف من مواجهات مسلحة

من جهته، أكد مدير المركز الليبي للدراسات السياسية والاستراتيجية، شريف عبد الله، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن مصر تعتبر كلاً من عقيلة صالح، وحفتر، شريكين أساسيين في ليبيا، ولذلك هي تتحرك على المستويين الأمني مع حفتر والسياسي مع صالح. وأضاف أن حفتر يمثّل أداة رئيسية لتحقيق مصالح مصر في البلاد، حيث يحظى بدعم عسكري مستمر. وأوضح أن القاهرة لعبت دوراً فاعلاً في تعزيز قدرات حفتر، عبر تقديم التدريب العسكري وتزويده بالأسلحة والمعدات، إلى جانب دعمه اقتصادياً وأمنياً.

 

وأشار عبد الله إلى أن المشهد الإقليمي يشهد تطورات متسارعة منذ سقوط نظام بشار الأسد في سورية (في 8 ديسمبر 2024)، ما انعكس على السياسة الدولية تجاه ليبيا. ولفت إلى أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة، مثل اجتماعات البعثة الأممية وإنشاء لجنة خاصة للإعداد للانتخابات المقبلة، دفعت مصر إلى التركيز بشكل أكبر على الملف الليبي. وأوضح أن القاهرة تعمل على تأمين حدودها الغربية، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة في ليبيا قد تؤدي إلى انتشار السلاح وتدفق موجات النزوح نحو الأراضي المصرية.

وأضاف أن التنافس الجيوسياسي في المنطقة آخذ في التصاعد، خصوصاً مع انتقال قوات ومعدات روسية من سورية إلى ليبيا، ما يعزز من وجود موسكو العسكري في البلاد. وأكد أن هذا التطور يثير قلق القاهرة، خصوصاً مع استمرار الدور التركي الفاعل في ليبيا، حيث تتداخل مصالح أنقرة مع الأطراف الغربية ومع حفتر نفسه. واختتم عبد الله تصريحاته بالإشارة إلى أن التوتر الدولي في ليبيا، مع وجود أطراف مؤثرة مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يجعل المنطقة على حافة اضطرابات جديدة، وهو ما يدفع مصر إلى اتخاذ تدابير استباقية لحماية استقرارها وضمان أمنها القومي.

وكان رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، قد زار شرق ليبيا نهاية العام الماضي، وهي الزيارة الأولى له منذ توليه منصبه. وبحث رشاد مع القادة الليبيين إمكانية التوصل إلى توافق حول القوانين الانتخابية وآليات التنفيذ، في محاولة لإعادة التنسيق مع الأطراف الفاعلة في شرق ليبيا، خصوصاً حفتر، لتعزيز الاستقرار على الحدود المشتركة ومواجهة التهديدات.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى