الناس-
صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية المهندس “عبدالحميد الدبيبة” أن حكومته لن تقف مكتوفة الأيدي أمامَ من يسعى لتدميرِ أبناء ليبيا وسرقةِ أحلامِهِم، وتعهد بعدم التهاون في حمايةِ ليبيا من آفةِ المخدرات التي تستهدفُ استقرارَها وأجيالَها القادمةَ.
جاء ذلك خلال مشاركته في حفل تدشين مستحدثة بالمركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين الجمعة (26 نوفمبر 2024م)، بحضور رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، ووزيري المواصلات والعمل وعدد من وكلاء الوزارات وأعضاء المجلس البلدي، ومديري عدد من القطاعات والمصالح ببلدية مصراتة.
وأشاد في كلمة له بالمركز الذي يعملُ بكوادرَ ليبيةٍ خالصةٍ “وأصبحَ نموذجًا يُحتذى بهِ في تقديمِ الرعايةِ الشاملةِ والتأهيلِ الطبيِّ والنفسيِّ والاجتماعيِّ، ونجاحهُ بشهادةِ المتعافينَ الذينَ تلقّوا العلاجَ فيه، والذين من بينهم منهم من لجأَ للعلاجِ في دولٍ جارةٍ وعادَ ليجدَ في المركز كفاءةً تُضاهي المعاييرَ الدوليةَ”- حسب قوله.
دعم الحكومة
من جهته ثمن المدير المساعد لمدير المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين السيد “محمد أبو فناس” دعم الحكومة للمركز وتبنيه ضمن خطة عودة الحياة بافتتاح مجموعة من المشاريع الهامة التي ستسهم في تقديم أفضل الخدمات لنزلاء المركز
وتضمنت المقرات المحتفى بتدشينها مسجداً ومكتبة، ومبنى للعزل، وآخر للمغسلة والمطعم، ودعا “أبو فناس” إلى التعاون بكل مجهود “لدعم المركز في علاج شبابنا، ليكونوا شباب المستقبل ومعولا في البناء والتطوير”
وقدّم في كلمته الشكر لمن ساهم في نجاح المركز من مختلف أطياف المجتمع وفئاته والقائمين على المركز وموظفيه منذ تأسيسه.
2721 مريضًا
وبحسب إحصاءات إدارة الشؤون الطبية بالمركز فقد تلقي العلاج فيه خلال العشرةِ أشهرِ الأولى من هذا العامِ الجاري 2721 مريضًا من مختلفِ مدنِ ليبيا، ومن بعضِ الدولِ العربيةِ الشقيقة، جرى إعادة تأهيلهم وعلاجهم داخل المركز.
وقال مدير إدارة الشؤون الطبية بالمركز الدكتور “أنور أحمد يونس” إنَّ 57% من المتردِّدينَ على هذا المركزِ هم ضحايا الحروب.
وأضاف أن الأطباء المعالجين داخل المركز يبذلون ما في وسعهم لإعادةِ تأهيلِ المدمنينَ ودعمِهِم وتوعيتِهِم وتثقيفِهِم، وذلك لإعادتِهِم إلى أسرِهِم ومجتمعِهِم أكثرَ قوةً وثقةً.
2014-2024
وتأسس المركز في العام 2014م كقسمٍ تابعٍ لإدارةِ مكافحةِ الجريمةِ في مصراتة، وفي العام 2015م أصبح القسم مصحة تابعة لجهاز المباحث الجنائية، وفي العام 2019م أضحى مركزاً لرعاية وحماية المدمنين تابع لوزارة الداخلية، قبل أن يتم ترفيعه إلى المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين، بقرار حكومة الوحدة الوطنية المتضمن نقل تبعيته إليها.
ويهدف المركز إلى توفير بيئة علاجية آمنة، وإعادة تأهيل المدمنين طبياً ونفسياً ومساندتهم للخروج من محنتهم، وتشجيعهم للرجوع إلى أسرهم بعد توعيتهم وتثقيفهم، ورفع مستوى الوعي لعائلات وأسر المصابين، وبث رسائل توعوية للمجتمع.
ويعمل المركز انطلاقاً من أن الإدمان ليس جريمة يعاقب المصاب بها، وإنما مشكلة يجب معالجتها، أما رؤية المركز فهي الحد من انتشار المخدرات في المجتمع الليبي عبر التوعية والتنبيه بأخطار تعاطيها.
إطلاقِ بطاقةِ تعافٍ
وشهدت احتفالية المركز إطلاقِ بطاقةِ تعافٍ، وهي مبادرةٌ تهدفُ إلى تتبُّعِ رحلةِ المتعاطي نحوَ التعافي الكاملِ.
وتم توزيعُ البطاقةِ على عدد من المتعافينَ الذينَ أتمُّوا برامجَ العلاجِ والتأهيلِ، وهي خطوةُ تمثِّلُ شهادةَ نجاحٍ لهم وللمركزِ على حدٍّ سواءٍ.
وتتضمن البطاقة معلومات عن الحالة، وتقييمات الأطباء المعالجين لها، وتوجيهات إرشادات للمرضى بما يضمن عدم انتكاستهم وعودتهم لسابق إدمانهم.
وتتضمن مراحل العلاج في المركز استقبال الحالة، وإجراء التحاليل اللازمة لها، وعرضها فيما بعد على الأخصائي النفسي والاجتماعي، ومراجعة قسم إزالة السمّيّات لمدة 3 أسابيع، وصولاً إلى آخر المراحل وهي التأهيل وتتضمن الرياضة اليومية وقراءة الكتب، حصص توعوية دينية، وجلسات دعم نفسي، وتدريب عملي في عدة مجالات.
هلكونا التجّار
استعرضت الحاج فاطمة رحلتها في علاج ابنها المدمن، والتي بدأت منذ معركة البنيان المرصوص في العام 2016م.
وقالت “أم محمد” أنها بذلت جهودا مضنية في سبيل علاج ابنها الذي يعول 3 أطفال، وأنها اضطرت لاستجدائه لكي يقبل العلاج في المركز.
ودعت إلى تكريم العاملين في المركز، وزيادة مرتباتهم، لأنهم يتلقون الكدمات، والضربات، والسب والشتم من المرضى من أجل تربية جيل مدمن.
كما دعت “الحاجة فاطمة” رئيس الحكومة لعلاج أصل المشكلة من خلال إيقاف السموم التي ترد عبر المطار والميناء بقولها: “تجار المخدرات حرقونا، هلكونا، هلكوا صغارنا”.
وفي ختام كلمتها خاطبت الدبيبة بقولها أن الوقت قد حان لعلاج الإدمان، لأن أبناءنا اضطروا للسرقة لشراء المخدرات “بيش يتعاطوا مش لأنهم جيعانين” على حد وصفها.
المشكلة عالمية
ولا تنشر الجهات الرسمية المعنية عادة إحصائيات موثقة عن عدد المتعاطين في ليبيا، لكن عالميا أظهر تقرير للأمم المتحدة صدر في يونيو الماضي أن هناك نحو 300 مليون شخص حول العالم يتعاطون المخدرات.
التقرير الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات أوضح أن أغلب المتعاطين في جميع أنحاء العالم يتعاطون القنب (228) مليون شخص، بينما يستهلك 60 مليون شخص المواد الأفيونية ويتعاطى 30 مليون شخص الإمفيتامينات، و23 مليون شخص يتعاطون الكوكايين، و20 مليونا يتعاطون الإكستاسي.
وقد أظهر تقرير آخر نشرته الأمم المتحدة بالمناسبة إلى أن 2.6 مليون حالة وفاة سنويا تقع لأسباب تتعلق باستهلاك الكحول، وأن (600) ألف وفاة أخرى تحدث بسبب تعاطي المخدرات. كما أظهر أن الرقم الأعلى بين الوفيات كان في المنطقتين الاوروبية والإفريقية، خاصة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (20)، (39) عاما.
ذكريات أليمة
وقد شهدت ليبيا خلال العام 2013 موجة تسمم واسعة بسبب التسمم الكحولي. إثر تعاطيهم خمور مغشوشة محلية الصنع تحوي مادة “الميثانول” بتركيز زائد، الأمر الذي أدى إلى وفاة أكثر من خمسين شخصا، وتعرض المئات لأضرار متفاوتة بينها فقدان البصر.
الانترنت. داء ودواء..
ولا يكاد يمر يوم دون ضبط كميات من المخدرات والمواد المهلوسة في ليبيا، وضبط المتاجرين من شتى الجنسيات، كما تقوم الأجهزة المعنية بتسيير دوريات صحراوية. إلا أن عدد المتعاطين الذي ترددوا على مركز رعاية المدمنين بمصراتة في 11 شهرا يشي بما هو أخطر.. فلا شك أن العدد أقل بكثير من عدد المتعاطين، غير أن التحذير جاء من رئيس الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات الذي أشار بوضوح من تزايد الاتجار بالمخدرات عبر الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وفق ما نقلت عنه نشرت الأمم المتحدة. إلا أنه أوضح أيضا أن بإمكان الانترنت أن يشكل فرصة كبيرة جدا للوصول إلى المتعاطين وتوعيتهم بنشر المعلومات الصحيحة حول أضرار المخدرات. وخاصة في أوساط الشباب.