العربي الجديد-
اتهمت المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء في ليبيا وزارة الصحة وأجهزتها بـ”التقاعس عن توفير الأدوية الأساسية، وأهمها تلك المستخدمة في تثبيط المناعة لزارعي الأعضاء، ولغسل الكلى منذ أكثر من سنة ونصف السنة”
أطلقت المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء في ليبيا نداء استغاثة إلى الجهات المختصة في شأن تعرض حياة آلاف مرضى زرع الكلى والكبد والفشل الكلوي لمخاطر كبيرة بسبب عدم قدرتهم على الحصول على أدوية بسبب تراجع قدرات المراكز الصحية المعنية بتوفيرها.
وأورد بيان نشرته المنظمة أخيراً: “مرّ أكثر من عام ونصف العام من إهمال توفير أدوية حيوية لمرضى غسل الكلى وأخرى لتثبيط مناعة زارعي الأعضاء”.
تابع: “تؤرق أزمة غياب الأدوية آلاف المرضى الذين يعتمدون بشكل أساسي عليها لمساعدتهم في منع رفض أجسامهم الأعضاء المزروعة. وهم يجدون بالتالي أنفسهم أمام معضلة حقيقية فعدم توفر الأدوية الأساسية يعني أن حياتهم مهددة في كل لحظة”.
وفيما أشارت المنظمة إلى أن الحكومة تخصص ميزانية كبيرة لقطاع الصحة، اعتبرت أن “تقسيم قطاع الصحة إلى أجهزة وهيئات يشكل أحد أسباب تدني تقديم خدمة طبية جيدة للمرضى”.
وأشارت آخر معلومات وفرتها وزارة الصحة إلى أن معدل انتشار مرض الكلى المزمن الذي يتطلب غسل كلى كان نحو 624 حالة لكل مليون نسمة عام 2009، أما الاحصاءات الخاصة بعدد المرضى فغابت في السنوات الأخيرة. وعقدت وزارة الصحة العام الماضي اجتماعات لمراجعة الاحتياجات الطارئة لمراكز غسل الكلى، لكنها لم تقدم أرقاماً محددة، “ما زاد الوضع سوءاً”، بحسب ما يقول المهدي عرفة، وهو طبيب في أمراض الكلى لـ”العربي الجديد”.
ويتحدث عرفة عن نفاد دواء “سيلسبت” المهم جداً لزرع الكلى والكبد باعتباره يساعد أجسامهم في استيعاب الأعضاء المزروعة، والتجاوب مع باقي الأعضاء. كما يؤكد “معاناة مراكز غسل الكلى من قصور كبير، خصوصاً في ظل حاجة مرضى إلى جلسات عدة خلال الشهر الواحد، وفعلياً لا يستطيع بعضهم إلا الحصول على جلسات قليلة بسبب نقص التجهيزات والكوادر”.
وفي ما يتعلق بمرضى زرع الأعضاء تحديداً تتكرر أزمة غياب أدوية غالية الثمن لا يمكن أن يحصل عليها ذوو الدخل المتوسط والمحدود. ويوضح عرفة أنه “من بين أسباب النقص الحاد في أدوية زرع الأعضاء عدم وجود قاعدة بيانات خاصة بهذه الشريحة من المرضى، وهو ما يشمل غالبية الأمراض على صعيد تحديد أنواعها وعدد المصابين. ويجعل ذلك الأجهزة المختصة غير قادرة على تحديد الكميات المطلوبة لتغطية الاحتياجات، علماً انها تحتاج دائماً إلى إمداد المواد التشغيلية التي تنفد لمنع توقف مراكز عن تقديم خدمات ضرورية”.
ويذكر أن الدراسات التي ينفذها أفراد للوضع الصحي الخاص بزارعي الأعضاء تعتمد على أرقام تصدرها جهات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية. وترتكز الأرقام غالباً على تقديرات بسبب غياب جهاز وطني معني بالتدقيق في الأرقام وبناء منظومة بيانات رئيسية.
ويتحدث عبد اللطيف البحري، أحد مرضى الكلى الذين يترددون على مراكز الغسيل بطرابلس، لـ”العربي الجديد” عن المآسي التي تعانيها شريحة زرع الأعضاء، ويقول إن “بعض المرضى ينتظرون في طابور أن يصل دورهم خلال جلسات غسيل الكلى. وفي العادة يحتاج المريض إلى أكثر من جلسة شهرياً، لكنه لا يحصل عليها كلها بسبب الازدحام”.
وأمام الوضع المتردي لا ملجأ للمرضى إلا السفر لتلقي العلاج في دول الجوار، مثل تونس ومصر، حيث تتوفر خدمات طبية متقدمة، ومراكز مجهّزة لغسل الكلى، بحسب ما يقول البحري الذي يستدرك بالقول: “هذه الرحلات مكلفة للغاية، ولا يستطيع الجميع أن يتحملها”.
وفي ظل الأزمة المتفاقمة تنشط المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء في ليبيا في توعية المواطنين بأهمية التبرع لإنقاذ حياة المرضى، وتطلق مع منظمات أخرى، مثل “الجمعية الليبية لرعاية مرضى الكلى الخيرية”، حملة إعلامية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وباقي وسائل الإعلام للدعوة إلى التبرع بالأعضاء من أجل إنقاذ أرواح المرضى.
ويصف عرفة الاستجابة الحكومية بأنها “دون المستوى في العديد من المراكز الصحية، فهي تعتمد في بعض الأحيان على تقديم منظمات دولية إمدادات لتشغيل أجهزتها. والدعم محدود خاصة في ظل عدم قدرة القطاع الصحي على النهوض، واستمرار السلطات في الامتناع عن دعمه في شكل يتناسب مع حجم الانهيار الذي يعانيه منذ سنوات”.
وكانت منظمة الصحة العالمية أوضحت في تقرير أن “نظام الرعاية الصحية في ليبيا يعاني انهياراً كبيراً خصوصاً في مجال العناية بمرضى الكلى الذين لا يحصل 25% منهم على رعاية كافية ما يعرضهم لخطر الوفاة”.
وتشير تقارير المنظمة الدولية إلى أنها أرسلت فرقاً طبية لمساعدة ليبيا، لكنها تعتبر أن هذه المبادرات لا تكفي من دون تعاون سلطات البلاد في تأمين الأدوية والمعدات اللازمة وتعزيز برامج التوعية بالتبرع.