الرئيسيةالراي

في ذكراها الأولى … كارثة درنة… فزعة وانتهت

* كتب/ خالد الجربوعي،

 

عندما وقعت كارثة درنة قبل سنة من الآن ارتفعت الأصوات وخرجت التصريحات بأن الليبيين إخوة وأنهم لن يرفعوا في وجه بعضهم البعض السلاح، وأن القادم سيكون غير ما مضى ووالخ من كلام عاطفي..

ظن البعض أن الليبيين أصبحوا ملائكة وأن الحلول لكل أزماتهم قادمة بأسرع مما نتصور، فمن قال إنه سيسلم سلاحه ولن يرفعه في وجه ليبي بعد اليوم، ومن قال إنه سيعمل على تقديم كل التنازلات الممكنة حسب موقعه لتوحيد البلاد في أسرع وقت، ومن أعلن أن الأمور لا يجب أن تستمر بعد اليوم، وضرورة الخروج من كل الانقسامات والصراعات إلى آخر التصريحات والمواقف المعلنة في ذلك الوقت.

حينها ذكرت في مقال حول الموضوع كان بعنوان “فزعة ولكن” أن الأمر لا يتطلب كل هذا التفاؤل، وأن لا شيء سيتغير، فقط مجرد لحظة عاطفية جارفة، ستنتهي بمرور الزمن وانتهاء الحدث، وسيعود كل إلى أفعاله، وسنشاهد ما تعودنا عليه طيلة السنوات الماضية.. وأن لا شيء سيتغير أو يغير الوقائع.. ومرت الأيام، وتجاوز الكل الحدث وأثبتت صحة ما نشر وأن الأمور كانت مجرد زوبعة وسحابة صيف انتهت وذهبت في حال سبيلها لا أكثر.. ولعلى آخر ما يؤكد هذا الكلام ما حدث في أكثر من منطقة ومدينة من فتح جبهات وإطلاق رصاص، وقتل مواطنين واختطاف آخرين في طول البلاد وعرضها دون استثناء، لأي طرف من الأطراف.. كل ذلك بعد كارثة درنة، فارتفعت حدة الصراع والانقسام السياسي أكثر مما مضى بين الأطراف وتبادلت الاتهامات.. فيمن يعرقل الانتخابات التي يظن البعض أنها ستكون الحل وتحمل النهاية لكل صراع.. أما الفساد وتوسعه فحدث ولا حرج.

أما التسابق على من يكون صاحب الكلمة في إعمار درنة إن حدث إعمار حقيقي في ظل هذه الظروف فحدث ولا حرج.. فالكل يريد أن تكون له الكلمة في هذا الإعمار دون غيره، حتى وصل الأمر إلى تشكيل لجنة منحت كل الصلاحيات دون مساءلة ولا عقوبات أو معرفة ومتابعة ما سيصرف لها من ميزانيات.. إن الأمر يزداد كل يوم تأزما ومعاناة لا يدفع ثمنها إلا المواطن، والتي لا يبدو أن لها حلولا حقيقية في الأفق القريب في أي مجال أو مكان، فلا وجود لأي حلول حقيقية تسقط كل أسباب الصراع خاصة المسلح، ولو بشكل محدود والخارج عن كل منطق وقضية.. وهو أمر ليس بجديد، فهو حالة ليبية بامتياز حتى في حياتنا اليومية كما ذكرت في مقال سابق..

ولعل ما نعيشه في هذه الفترة من توسع الانقسام وارتفاع حدة الصراع وإصدار القرارات والقرارات المضادة كلا حسب موقعه لضرب خصمه بأي طريقة، ولو كانت خارج كل القوانين والحسابات ومصلحة البلاد والعباد، خير دليل على أن ما حدث في درنة وما كان من تصريحات ووعود لم تكن إلا مجرد لحظة توقف فيها الزمن حتى انفض غبار الحدث وانتهى معه كل شيء، وسقطت وراءه كل الوعود دون أي دروس أو اعتبار حتى للضحايا ومن سقطوا في تلك الكارثة المروعة..

إن الأمور لم تكن إلا فزعة وقتية، تحدث دائما عند وقوع الكارثة أو المصيبة أيا كان نوعها، شخصية أو عائلية، ويسرع الكل ليكون له دور في المساعدة والدعم لمن كان صاحب هذه الأزمة، ثم وبمرور الأيام تفتح المشاكل وترتفع أصوات الخلاف وتبدأ من جديد دورة الحياة الطبيعية، حاملة مزيد الخلافات والصراعات بين من كانوا عند الأزمة صفا واحدا، وظنوا أن كل خلافاتهم أصبحت ماضيا.. لكن مع الوقت يحدث العكس وترتفع بينهم المواجهات وإلى أقصى حد ممكن، أكثر حتى مما كانت عليه قبل الحادثة.. فإن كان هذا الحال في الأحداث الشخصية والخاصة، فما بالك في الأحداث العامة والتي يكون الصراع فيها والمكاسب أكبر وأكثر أهمية بين أطرافه المتعددة، لتكون كل الأحداث الكارثية مجرد لحظة عابرة حاول كل طرف فيها تقديم نفسهن لعله يكسب بعض الشعبية والدعم، ظنا من الآخرين أنه يفعل ذلك من أجل المواطن والوطن، لا بحثا عن دعاية ودعم يسقط وينتهي مع أول صدام يكشف حقيقة ما كان.

ذات صلة:

رأي- فزعة… ولكن..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى