الرئيسيةالراي

رأي- إيران بين دعم المقاومة واتهامات المطبعين

* كتب/ خالد الجربوعي،

يقاتلون بالوكالة عن إيران.. ينفذون أجندة إيرانية.. إيران هي من تقرر لهم..  هم مجرد ورقة في يد النظام الإيراني..

جمل كثيرة يرددها من يسمونهم محللين وسياسيين ودبلوماسيين عرب وغيرهم، عبر عديد القنوات التلفزية وغيرها من وسائل إعلام عربية وخارجية، كلما حدث أمر له علاقة بالمواجهة مع العدو الصهيوني في أي مكان من الأماكن القريبة من الأراضي المحتلة أو بداخلها، وطبعا المقصود هنا ومن توجه لهم التهم هم جماعات المقاومة التي رفعت شعار محاربة الصهاينة دون تتردد في كل مكان، داخل فلسطين وخارجها، وفي مقدمتها المقاومة في كل من فلسطين وخاصة غزة ثم لبنان وتحديدا جماعة حزب الله، ومن يواليها، وتأتي خلفهم جماعة الحوثي في اليمن دون أن ننسى بعض الجماعات الأخرى في العراق.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا والذي لا يمكن أن يطرحه مثل هؤلاء المحللين عند ذكر هذه الجمل والاتهامات هو.. الأراضي التي يتم القتال من أجلها ودفع الأرواح في سبيلها لمن تعود؟ ومن هم أصحابها فعلا؟ ومن يريد استعادتها ويقاتل من أجلها فعلا؟ هي أراض إيرانية تريد من هذه الجماعات أن تعيدها إليها أم أنها أراض عربية فلسطينية ولبنانية تخص من يقاتلون من أجلها؟ وإن كان كل ذلك يتم بدعم إيراني خاصة فيما يتعلق بتوفير السلاح والمال وغيرها من مساعدات.. بعد أن تراجع العرب وتركوا الشعب الفلسطيني ومعه الشعب اللبناني لوحدهم في مواجهة العدو المحتل، الذي أصبح حليفا للكثير منهم، ومنحوه شرعية الاحتلال بمعاهدات الخنوع والاستسلام والتطبيع..

أعتقد أن هذا الكلام وهذه الادعاءات هي مجرد هرطقات يرددها من يسيرون في ركب دول الخذلان والتطبيع، وفي مقدمتهم (بعض) دول الخليج التي آخر همهما وتفكيرها مقاتلة الصهاينة أو حتى دعم من يقاتلهم من أجل رفع العتب عنها، وعن مواقفها المتخاذلة من هذه القضايا.. ومع هذا لا يتركون من يدعم المقاومة لمقاتلة العدو في حاله، بل يتهمونه بأنه يقاتل نيابة عن الآخرين ومن أجل مصالحهم.. وكأن الأراضي المحتلة هي ملك للآخرين وليست أراضي من يقاتلون عنها.. متناسين أن هذه المقاومة في مقدمتهم المقاومة الفلسطينية لو وجدت عربا يدعمونها ويقفون معها حقا، وفعلا لا قولا وكذبا، لما اضطروا للبحث عن دول أخرى تدعمهم من خارج محيطهم العربي الأولى بهم..

كل هذا لا يعني أن إيران دولة مثالية وتفعل ما تفعله هكذا، ولكنها على الأقل مقارنة بدول التطبيع والعار تقف إلى جانب من يريد تحرير أرضه ويقاتل عدوه، الذي جعلته العدو الأول لها، ومن أجل ذلك تدفع أثمانا غالية من حصار وصراعات وصلت حد المواجهات غير المباشرة، ودفعت دماء وأموالا، رغم أنها لو فعلت ما يفعله الفاشلون من الأنظمة العربية أو على الأقل بقيت كما كانت قبل ثورتها الإسلامية في علاقاتها من العدو، لما تعرض لها أحد، ولما وصفت بدعم الإرهاب، ولا صنفت من دول الشر، بل لكانت من أقرب المقربين للعدو، ومن ورائه دول الهزيمة والعمالة..

وحتى عندما وصل الأمر بعد عقود من العداء وسنوات من تبادل الاتهام والمواجهات غير المباشر إلى قمة الصراع بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعدو الصهيوني إلى مرحلة المواجهة المباشرة عبر تبادل القصف وإرسال الصواريخ والطائرات المسيرة، وإن كان الأمر في حده الأدنى، وفي مواجهة يبدو أن الغرض منها جس النبض بين الطرفين ومعرفة كل طرف لقدرة الآخر، ومدى استعداده وإمكانياته الدفاعية لمواجهة أي تطورات عسكرية وحرب حقيقية يمكن أن تحدث في أي وقت، إضافة إلى تبادل الرسائل بينهما وإبلاغ كل طرف للآخر أنه لا يمكنه الصمت والوقوف متفرجا على أي حدث أو عدوان على مصالح الآخر في أي مكان، بعد ما حدث في السفارة الإيرانية في سوريا، ومع كل هذا، فطهران لم تقل إنها ستدخل في حرب طويلة مع العدو ولا أنها ستحرر فلسطين بهذا الهجوم.

إيران أرادت توجيه رسالة للعدو بأن أي عمل ضدها سيكون له رد فعل مباشر مستقبلا، ولن يمر مرور الكرام كما السابق، وهو ما فعلته بشكل غير مسبوق، ومباشرة من أراضيها إلى الأراضي المحتلة، ونجحت في إيصال رسالتها التي غيرت قواعد الاشتباك بين الطرفين، بعد أن كانت المواجهات سابقا لها طرق أخرى غير مباشرة طيلة العقود الماضية.. وبغض النظر عن الخسائر المباشرة للعدو فإن الأمر سيكون له تأثير كبير على الأوضاع وطرق الصراع في قادم الأيام، مختلف تماما عما كان عليه فيما مضى.. وهذه إحدى نتائج ومخرجات ما حدث في 7 أكتوبر وعملية “طوفان الأقصى” التي غيرت كل معادلات الصراع مع العدو وطرق التعامل معه، وحولت العدو من صاحب المبادرة والهجوم كما العادة إلى موقف الدفاع ورد الفعل، وهو أمر جديد سيغير كثيرا في أحداث المنطقة مستقبلا.. طبعا الاستسلام والتطبيع خارج كل الأحداث والمعادلات ..

ومن المحير أن ما ينكرون دعم إيران للمقاومة نجدهم في مقدمة من يدعم ما يحدث في بعض الدول العربية من حروب وصراعات مسلحة بين أبناء تلك الدول، بل هناك من يفتح الجبهات مباشرة فيها لقتال من يفترض أنهم جزء من قوميته، ولعل ما حدث ويحدث في دول مثل اليمن ولبنان وسوريا والعراق وليبيا خير مثال، دون أن يوجهوا رصاصة واحدة أو يدعموا مقاومي العدو الصهيوني ولو حتى بمسدس.

للكاتب أيضا: 

رأي- الصحافة الليبية بين الحرية والتبعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى