العربي الجديد-
تشهد غالبية أحياء مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، انقطاعاً مستمراً في الكهرباء حتّم عودة سكانها إلى الاستعانة بمولدات الكهرباء المنزلية لإنارة بيوتهم ومحلاتهم وتشغيل الأجهزة المستخدمة في حياتهم اليومية. وأعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق أن شركة تنفذ مشاريع لبناء جسور ألحقت ضرراً بخط رئيسي للتغذية بالكهرباء في بنغازي، ما أخرج 15 وحدة تغذية فرعية من الخدمة. وشكلت الحكومة فريقاً للتحقيق في الواقعة وتحديد مكان العطل، ثم أعلنت استقدام خبراء من الخارج لإصلاح الأعطال، ووعدت بعودة الكهرباء إلى بنغازي في وقت قريب. وخلال فترة سابقة انقطعت الكهرباء لأيام عن غالبية أحياء بنغازي بسبب حريق اندلع في محطة رئيسية للكهرباء
ورغم سيطرة فرق الدفاع المدني على الحريق استغرقت الجهود التي بذلت لإعادة التيار الكهربائي وقتاً غير قليل. وطالبت الحكومة في الشرق الوزارات والأجهزة التابعة لها بعدم إعطاء أي إذن للجهات العامة والخاصة لتنفيذ أعمال حفريات أو صيانة إلا بعد التنسيق مع مندوب الشركة العامة للكهرباء، ومراجعة الجهات المختصة في وزارتي الاتصالات والموارد المائية من أجل تجنّب اعتراض الحفريات مسارات كوابل الكهرباء أو الاتصالات، وأيضاً شبكات المياه والصرف الصحي. كما طالبت الحكومة وزارة الداخلية بتفعيل دوريات الحرس البلدي والشرطة الزراعية لاتخاذ كل ما يلزم لضبط أية مخالفات لتعليماتها، وتأكيد حصول الشركات العامة والخاصة على التصاريح اللازمة للحفر، خاصة في مواقع الطرقات العامة.
وفي العاصمة طرابلس، انقطعت الكهرباء فترات متفاوتة في مناطق عين زارة بسبب تعدي شركات تنفذ مشاريع لتشييد طرقات على خطوط إمدادات الكهرباء. وشمل ذلك أيضاً مدن زليتن شرق طرابلس، وطبرق (أقصى شرق)، بسبب خروج محطات لتوليد الكهرباء خروجاً طارئاً عن الخدمة. وتتزامن هذه الانقطاعات مع ارتفاع درجات الحرارة خلال موسم الصيف الحالي، ما يحتم لجوء مواطنين كثيرين إلى الاصطياف في مناطق مجاورة بين حين وآخر.
يقول الناشط المدني عقيلة الأطرش لـ”العربي الجديد”: “يشهد حي فنيسيا وسط بنغازي انقطاعاً لساعات معدودة يومياً بسبب وجود مساكن غالبية المسؤولين الحكوميين فيه، بينما تعاني أحياء أخرى انقطاعاً مستمراً لفترات أطول”. من جهته، يتحدث حاتم العايب، وهو مهندس صيانة في الشركة العامة للكهرباء، لـ”العربي الجديد”، عن أن “أسباب انقطاع التيار الكهربائي لا تتعلق بقدرات شركة الكهرباء بعدما تجاوزت العوائق التي كانت تسبب انقطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية، بل بتعدي شركات مكلفة بتنفيذ مشاريع طرقات وجسور وإجراء صيانات، بطريقة غير مقصودة، على خطوط نقل الكهرباء الرئيسية والفرعية”.
لكن العايب يستدرك بأن “هناك علاقة غير مباشرة لشركة الكهرباء بالأعطال هذه السنة باعتبارها لا تملك خرائط كهربائية تحتاج إليها شركات الصيانة والمواصلات لتفادي التعديات والقطع غير المقصود لخطوط نقل الكهرباء، وغياب هذه الخرائط والتدابير الاحتياطية من مسؤولية الحكومات”. ويقول مصباح أبحيري، أحد سكان حي الفرناج بطرابلس، لـ”العربي الجديد”: “غابت الكهرباء 4 أيام عن أحياء في المنطقة بسبب تعدي شركة مكلفة ببناء طرقات على خط إمداد الكهرباء، وأبدى الأهالي تذمراً واسعاً من تسبب الأعطال في إرباك حياتهم اليومية، علماً أن محلات ومتاجر توقفت عن العمل بالكامل، وحصلت أخرى على الكهرباء لثلاث أو أربع ساعات فقط قبل أن تقفل أبوابها”. وخلال السنوات الماضية شهدت ليبيا أزمة كهرباء خانقة كانت تزداد حدتها مع دخول مواسم الصيف، لكن حكومة الوحدة الوطنية في الغرب نجحت في معالجة الأزمة وإنهاء برامج طرح الأحمال
وفيما عرض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة خلال زيارته القاهرة أخيراً مساعدة مصر في تجاوز أزمة الكهرباء يعلّق الأطرش بالقول: “واضح أن الأمر يتعلق بالمناكفة السياسية وأن الدبيبة يوجه رسالة داخلية تفيد بأن حكومة الوحدة الوطنية تخطت أزمة الكهرباء الى حدّ امتلاك القدرة على معالجتها في مصر، في وقت تعجز حكومة بنغازي عن حل الأزمة”. يضيف: “لم تتوقف المتاجرة السياسية في معاناة المواطن وأزماته، وهذا مؤشر مقلق يؤكد أن حاجة المواطن الأساسية إلى الكهرباء باتت ورقة في يد المتصارعين يستخدمونها في أي وقت لضغط بعضهم على بعض من أجل تحقيق مكاسب”.