العربي الجديد-
يسود التفاؤل في الأوساط الاقتصادية الليبية، على خلفية الارتفاعات الكبيرة في سعر خام برنت متجاوزاً 90 دولاراً للبرميل، مما أعطى بارقة أمل لتعافي الاقتصاد الوطني للدولة العضو في منظمة أوبك.
وتعتمد ليبيا منذ عقود على النفط والغاز مصدراً رئيسياً للدخل، إذ تشكّل صادرات الطاقة 96% من إجمالي الصادرات، وتمول عائداته نحو 95% من ميزانية الدولة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري في تصريح لـ”العربي الجديد” إن تعافي إنتاج ليبيا من النفط يصاحبه ارتفاع أسعار النفط عالمياً ووصولها إلى نحو 91 دولاراً للبرميل، لذلك يجب الاستفادة من هذه العائدات. ويطالب الفيتوري بإلغاء الضريبة على الدولار، في ظل التطورات الجديدة، والتوقعات بتحسن المؤشرات الاقتصادية. ويوضح أن ليبيا تعتمد على سلعة واحدة، وهي النفط، مؤكداً أن اقتصادها ريعي، وارتفاع الأسعار عالمياً سيزيد من مداخيل ليبيا من النقد الأجنبي بشكل ملحوظ.
من جانبه، يشير المحلل الاقتصادي، محمد الشيباني، إلى أن المطلوب إعداد رؤية اقتصادية واضحة بشأن البلاد لاستغلال زيادة العائدات النفطية بشكل جيدة.
ويوضح الشيباني لـ”العربي الجديد” أن ارتفاع أسعار النفط سوف يساهم في حدوث توازن في ميزان المدفوعات، وتغذية الاحتياطيات من النقد الأجنبي المتوقع، وصولها إلى 88 مليار دولار، حسب ترجيحات صندوق النقد الدولي. ولكنه يؤكد في الوقت نفسه، أن الاعتماد الكلي على إيرادات تصدير النفط يجعل المالية العامة معرضة للصدمات.
بدوره، يشدد أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية، عبد الهادي الأسود، في حديثه لـ”العربي الجديد” على ضرورة إقرار موازنة عامة لعام 2024، وفتح مجالات استكشافية جديدة في مجال النفط والغاز لزيادة الإنتاج. ويضيف أن ليبيا تحتاج إلى سعر 100 دولار للبرميل، من أجل تحقيق فائض في الإيرادات، ما يحقق استقراراً اقتصادياً، ويرفع القوة الشرائية للدينار.
وتنقل وكالة “بلومبيرغ” عن محللين قولهم إن سعر النفط يمكن أن يواصل ارتفاعه إلى 100 دولار للبرميل، حيث تبدو سوق النفط العالمية أقرب إلى ما كانت عليه في عام 2023.
ويظهر مسح أجرته وكالة رويترز ارتفاع إنتاج “أوبك” من النفط في فبراير الماضي، إذ عوض تعافي الإنتاج الليبي تأثير تخفيضات الإنتاج الطوعية من أعضاء آخرين، في إطار اتفاق لمجموعة أوبك، وارتفع إنتاج ليبيا بمقدار 150 ألف برميل يومياً على أساس شهري.
وجاءت أكبر زيادة في الإنتاج من ليبيا، أحد أعضاء “أوبك” غير المطالبين بتقييد الإنتاج، بعد إعادة تشغيل حقل الشرارة النفطي، وهو من أكبر حقول البلاد، الذي أُغلق في وقت سابق بسبب اضطرابات.
وذكر مصرف ليبيا المركزي أن الاحتياطيات من النقد الأجنبي تبلغ 84 مليار دولار، وتشتمل على غطاء العملة، وأموال تخص مؤسسات ليبية أخرى، يديرها مصرف ليبيا المركزي، وأن المتاح من الاحتياطي الحر يبلغ 29 مليار دولار حتى الربع الأول من العام الحالي. وقدر المصرف المركزي احتياجات الاقتصاد الليبي من النقد الأجنبي خلال سنة 2024 بحوالي 36 مليار دولار، والإيرادات النفطية المتوقعة بنحو 25 مليار دولار.
كما سجلت ليبيا إيرادات نفطية خلال شهري يناير وفبراير الماضيين بقيمة 2.9 مليار دولار. وتمتلك ليبيا تاسع أكبر احتياطي في العالم، وخامس أكبر احتياطي للغاز في أفريقيا.
وتوقع البنك الأفريقي للتنمية، في تقرير نشره في وقت سابق هذا الشهر، أن يحقق الاقتصاد الليبي نمواً في حدود 7.9 في المئة خلال 2024، بفضل زيادة إنتاج النفط الخام، وبدء مشاريع إعادة إعمار المدن المتضررة من الإعصار. وتسعى المؤسسات الوطنية للنفط، المملوكة للدولة، إلى زيادة صادرات البلاد من الخام، التي وصلت وفق آخر تقارير محلية إلى نحو 1.2 مليون برميل يومياً، وتخطط لكي تبلغ مليوني برميل في أقل من ثلاث سنوات.