اخبارالرئيسيةعيون

تجدد الحراك السياسي الليبي.. هل يفضي لانتخابات طال انتظارها؟ (تقرير)

الأناضول-

قبل أيام، استضافت مصر مجددا لقاء ليبيًا لافتا يسبق اجتماعا خماسيا دعا إليه مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي الأطراف المؤسسية الرئيسية لتسوية خلافات سياسية تعرقل إجراء انتخابات طال انتظارها لمعالجة نزاعات وإنهاء فترات انتقالية متوالية منذ عام 2011.

واجتمع في القاهرة، يوم 16 ديسمبر الجاري، كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وحفتر، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل.

المجتمعون أكدوا ترحيبهم بالمشاركة في الاجتماع الخماسي الذي دعا إليه المبعوث الأممي إلى ليبيا شريطة عدم إقصاء أي طرف، ومراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين، ودعم الحل الليبي- الليبي المتوازن، بما يحقق تطلعات وآمال الشعب الليبي لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بحسب بيان صدر عقب الاجتماع.

وفي البداية، كان عقيلة يرفض المشاركة في الاجتماع الخماسي، لذلك رجح مراقبون أن ترحيبه هو وحفتر بالمشاركة في الاجتماع جاءت نتيجة ضغوطات من القاهرة.

وقال مجلس النواب، عبر بيان في 24 نوفمبر الماضي، إنه “يتحفظ على ما ورد بالبيان الأممي (بشأن الدعوة إلى الاجتماع الخماسي)، وخاصة عدم احترام البعثة لمخرجات مجلس النواب المتعلقة بالتعديل الدستوري 13، وقرار منح الثقة للحكومة (برئاسة أسامة حماد)”.

المجلس (شرق) انتقد عدم دعوتها (حكومة حماد) للاجتماع، معتبرا أنها “الحكومة الشرعية عقب انتهاء المدة القانونية لحكومة الوحدة الوطنية، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة”، بحسب البيان.

ومنذ مطلع العام الماضي، توجد في البلد الغني بالنفط حكومتان يرأس إحداهما حماد بتكليف من مجلس النواب، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

مساعدة لباتيلي

بخصوص لقاء القاهرة، قال المحلل السياسي فرج فركاش للأناضول إن “لقاء المنفي مع حفتر وعقيلة يأتي في إطار لقاء المنفي مع جميع الأطراف في ليبيا شرقا وغربا، باعتباره طرفا محايدا يسعى لمساعدة باتيلي لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء كما صرح المنفي مرارا”.

واستدرك: “ولكن هناك تخوفات مشروعة يطرحها بعض المناوئين لمعسكر عقيلة وحفتر تقول إن المنفي ربما بهذه الخطوة يعلن انضمامه إليهما، الذي قال إنه تمت دعوته لهذا اللقاء من الطرف المصري الذي كان حاضرا بوضوح”.

فركاش تابع: “أستبعد أن يكون المنفي اختار طرفا على آخر، فهو يعلم أن هذا بمثابة انتحار سياسي بحكم تواجده في (العاصمة) طرابلس (غرب- مقر حكومة الوحدة)، وربما تحركاته تأتي بالفعل ضمن الوساطة التي يقوم بها ويعول عليها باتيلي لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء”.

وبناء على ما ورد في بيان القاهرة، قال فركاش: “المنفي ربما نجح، وربما بضغوطات مصرية أيضا، في إقناع عقيلة وحفتر بالمشاركة في الاجتماع الخماسي”.

وأردف: “يبدو أنه يوجد انقسام داخل مجلس النواب بين أعضاء معروفين بولائهم لحفتر وبين هيئة الرئاسة نفسها، أي بين عقيلة ونائبيه الأول والثاني.. وهذا سيستمر وسيكون عائقا أمام نجاح مبادرة باتيلي.. وسيكون ضاغطا على عقيلة الذي يريد تسمية ممثلي المجلس في الحوار الخماسي بنفسه بعيدا عن رأي باقي الأعضاء”.

وبحسب فركاش: “لو تمكن باتيلي من إحداث اختراق يوحد فيه السلطة التنفيذية عبر تحالف القوى الفاعلة، أي حفتر والدبيبة، في حكومة واحدة، فسيقطع الطريق على عقيلة وطموحاته في الإطاحة بالدبيبة، الذي يرفض تشكيل حكومة جديدة (قبل الانتخابات) ومنفتح على تعديل حكومي يستوعب المعارضين”.

واستدرك: “ولكن هذا يحتاج إلى تخلي الطرف المصري عن عقيلة، وهذا ربما لن يحدث إلا إذا كان هناك بديلا تضمن عبره القاهرة مصالحها على الأقل في الشرق الليبي، إذ تنظر مصر إلى عقيلة كضامن حتى الآن”.

ورجح أنه “في حالة حدوث هذا الاختراق فسيمهد على الأقل لإجراء انتخابات برلمانية؛ فمن الواضح أنه لن تعقد انتخابات رئاسية بالقوانين الحالية وفي ظل استمرار انعدام الثقة وعدم توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية وعدم وجود دستور توافقي، وإصرار بعض الشخصيات الجدلية على خوض غمار هذه الانتخابات”.

فركاش رأى أن “إجراء الانتخابات الرئاسية سيكون عاملا مزعزعا للاستقرار وستدخلنا ربما في دوامة من العنف والصراعات لا تريدها البعثة الأممية ولا الدول الغربية، خاصة الواقعة شمال البحر المتوسط لليبيا، في ظل تفاقم الهجرة غير الشرعية وعدم استقرار سوق الطاقة، خاصة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وحرب الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة”.

تحالف قائم مع مصر

أما المحلل السياسي أحمد التهامي فقال إن “التحالف قائم بين حفتر ومجلس النواب من قبل.. هذا التحالف قائم مع مصر وليس بجديد.. ويأتي لقاء القاهرة في إطار الدفع نحو استقرار المشهد السياسي الليبي”.

وأضاف التهامي لأناضول: “ما وراء لقاء القاهرة هو إبداء تعاون مصر مع الولايات المتحدة وأوروبا في الشأن الليبي، وأن مصر ليست عقبة في وجه جهود باتيلي، خاصة أن البيان لم يحمل أي جديد إلا على مستوى اللغة فقط، إذ رحب بجهد باتيلي بعد أن كانت أطراف شرق البلاد قد انتقدت مغامرته الفاشلة”.

وتابع أن البيان “لا يجاوز قبول جهد باتيلي ومبادرته بشرط أن يجري تعديلات أساسية عليها، فيجعل التوازن بديلا للاختلال الحالي، أي عليه إما أن يدعو حكومة حماد الموازية إلى طاولة الاجتماع أو يستبعد حكومة الدبيبة، فالطاولة فيها عدم توازن، حيث تعطي الإخوان المسلمين ثلاثة أصوات مقابل تقييد حفتر بصوتين فقط”، على حد تقديره.

التهامي اعتبر أن “مثل هذه اللقاءات ستسهم في توضيح مكامن القوة والضعف في عمل باتيلي، وأعتقد أنه في آخر أيامه في ليبيا والأزمة ستطول لسنوات أخرى، فهذا المندوب تميز بتجريب المجرب سابقا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى