* كتب/ مفتاح سويب،
[يقول الأب الروحي للتعليم الفنلندي الدكتور راسي سالبرغ: إنَّ أول خطوة اتخذتها فنلندا للنهوض بالتعليم هي التخلص من الجراثيم.
وهل للتعليمِ من جراثيم؟!
هذا ما تراهُ فنلندا، ويبدو أنها حدَّدت الوصف الصحيح للأساليب التي يجب على التعليم أن يتخلَّص منها، وهي في نظره ستةُ جراثيم هي كالآتي: الجرثومة الأولى وهي كثافة المواد، إنها إحدى أهم الجراثيم التي يتصف بها تعليمنا وفق قاعدة التعامل مع الطالب بالكم وليس بالكيف.
الجرثومة الثانية هي كثرة الاختبارات والامتحانات، لقد فعلوا خيراً في الطالب بإبعاده عن شبحِ الاختبارات والامتحانات المرعب.
الجرثومة الثالثة هي إطالة ساعات الدوام، وتعني إنهاك الطالب ذهنيا وإرهاقه جسديا، مما يتسبِّب في ضعف التركيز لديه.
الجرثومة الرابعة هي الدراسة المنزلية وحل الواجبات وعمل الأنشطة في البيت، حيثُ ترى فنلندا أنَّ للطالب الحق في الاستمتاع بوقته خارج وقت المدرسة.
الجرثومة الخامسة هي الدروس الخصوصية.
الجرثومة السادسة وهي المواد المعقدة التي لا ينتفع منها الطالب، لأنّها لا تنفعه في واقعه أو في ميوله واتجاهاته، وهي ما يطلقُ عليها سالبرغ وصف “المعرفة المعزولة”، ويعني بالمعرفة المعزولة تلك المعلومات التفصيلية التي لا يتداولها إلاَّ أهل التخصص الدقيق.
هذه جراثيم تخلصت منها فنلندا فتصدَّرت العالم في قائمة أفضل الأنظمة التعليمية، وحازَ طلابها المراكز المرموقة عالمياً، وتسابقت الدول لتحظى بالاستفادة من تجربة التعليم الفنلندي”.. فهل سنتخلَّصُ نحن أيضاً من هذه الجراثيم بعد تجربة فنلندا الناجحة؟!]- اقتباس
في بلادنا وخاصة في وزارة التعليم التقني التي من أسسها تعليم المهن وليس حشو المعلومات بزيارة المواد التي هي في الأصل كثيرة ولا داعي لكثير منها.. فالطالب الذي اختار مشوار التعليم التقني وصل إلى قناعة أن يتخلص من عبء المعلومات علي أن يتحصل على صنعة يد مع شهادة معتمدة من مؤسسة تعليمية، كوزارة التعليم الفني، ولكننا نلاحظ جنوح هذه المؤسسة عن هذا النهج، وبدت كل سنة تضيف مواد غير ذات جدوى كمادة الاتصال والتواصل وغيرها، والأدهى والأمر ما حدث هذا العام من إضافة مادتي الفيزياء والكيمياء.. على حساب التدريبات العملية في الورش، ففي السابق كان الطالب يدرس المواد النظرية يومين ونصف والتدريبات العملية يومين ونصف.. (ما هذا العبث الطالب هارب من الثانوية من أجل التخلص من عبء هذه المواد ما الداعي لهذه الإضافة؟) وخاصة في هذه الظروف من حيث قلة المدرسين وكذلك الوعاء الزمني و و و و….
شخصيا أرى أن تقليص مواد كاللغة العربية والتربية الإسلامية إلى مادة واحدة فقط خلال إجمالي فترة الدراسة لأن الطالب درس هذه المواد في المدة السابقة، ونزيد من الأيام التي يصقل بها الطالب مهارته العملية بالورش وليس العكس. ولو كان من الضرورة دراسة مواد كالكيمياء مثلا فإننا نختصر المعلومات في كتيب لا يزيد عن 20 ورقة، ويكون مخصصا لكل قسم على حده، فمثلا الكيمياء في قسم اللحام تكون في موضوع الطلاء ومكافحة الصدأ والتآكل، وفي الميكانيكا تكون في الاحتراق التام للغازات الناتجة من حرق البنزين والمازوت ووو.. ولكن أن تخصص كتب كمعلومات عامة لا تمت إلى الأقسام العملية المنسب لها الطالب كالفيزياء في قسم الحاسوب، فهذا ظلم كبير أجبر فيه الطلاب على دراسة المعهد والثانوية معا.
السادة المحترمون في الوزارة هذه الأسطر اعتبروها نقدا بناء وليس تجريحا، نقدر حرصكم على التحصيل الدراسي للطلبة، ونثق في خبراتكم ومؤهلاتكم العلمية والمهنية، ولكن ما نحس به نحن من زاويتنا التي تشكلت من معرفتنا بمستويات الطلبة قد يختلف عن زاوية النظر التي ترونها..