عربي 21-
طرح قرار مجلس النواب الليبي بقطع النفط وطرد سفراء الدول الغربية المؤيدة للعدوان على غزة، تساؤلات عن جدية الخطوة وقدرة البرلمان على منع تصدير النفط الليبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وطرد سفرائهم فعليا.
وطالب البرلمان الليبي سفراء الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي بمغادرة ليبيا فورا، كما دعا الحكومة المكلفة بوقف تصدير النفط والغاز للدول المساندة للاحتلال؛ وذلك ردا على ما تقوم به قوات الاحتلال في قطاع غزة من قتل وتشريد.
وأدان المجلس ما تقوم به حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا بدعمها للكيـان الصهيـوني في جرائمه على قطاع عزة، داعيا الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى عقد جلسة طارئة.
خطوة مماثلة
في سياق متصل، طالب المجلس الأعلى للدولة خلال جلسة استثنائية بقطع العلاقات مع الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي على غزة، وإيقاف تصدير الغاز والنفط إليها، ومقاطعة منتجاتها وتعليق التعامل مع سفراء هذه الدول حتى تتوقف الحرب هناك.
ولم يصدر أي تعليق على هذه الخطوات من قبل المجلس الرئاسي أو الحكومة الليبية برئاسة الدبيبة، سواء تأييدا أو رفضا؛ كونها المؤسسات المناط بها اعتماد السفراء الأجانب وحمايتهم.
فما تداعيات هذه الخطوة من قبل مجلس النواب الليبي؟ وهل يتم تنفيذ تهديداته فعلا أم محاولة لكسب تعاطف الشارع الليبي عبر أزمة غزة؟
خطوات جريئة
من جهتها قالت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة بوراس؛ إن “قرار البرلمان يعبر عن إرادة الليبيين الحقيقية في وقف نزيف الدم الحاصل على الأراضي الفلسطينية بدون وجه حق، إسرائيل وحماس على قيد الحياة والفلسطينيون يموتون كل يوم بسبب الحرب والدمار والقهر والاحتلال والاستيطان الخانق الذي عانوا منه منذ سنوات عديدة”.
وأكدت في تصريحات لـ”عربي21″، أن “أعضاء المجلس يحاولون مساعدة الشعب الفلسطيني، من خلال اتخاذهم خطوات جريئة وحاسمة لتحقيق السلام والعدالة لشعب فلسطين فوق أرضهم، ولن ولم تتوقف خطوات مجلس النواب عند دعوة الحكومة فقط لاتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة تجاه داعمي العدوان على الشعب الفلسطيني”.
وتابعت: “إضافة لهذا القرار، قمنا أيضا بحملة واسعة شملت سفارات دولة فرنسا وجمهورية إيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، من خلال وضع ملصقات على سفارات هذه الدول تدين العدوان الغاشم على غزة، وتطالب هذه الدول بالعدول عن مواقفها اللاإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني”، وفق كلامها.
مزايدات وفشل
في حين رأى الكاتب والمحلل السياسي الليبي المقيم في الولايات المتحدة، محمد بويصير، أن “بيان المجلس مجرد مزايدة وكلمات جوفاء، وهو جسم لا وزن له ولن يستطيع تنفيذ كلمة مما ذكرها بيانه الإنشائي، وكان من الأجدى لهم أن يلتفتوا للفظائع التي ترتكب في الشرق الليبي أولا، ثم بعد ذلك ينظرون في قضية فلسطين”.
وأضاف في تصريحه لـ”عربي21″: “أين هم مما يفعله حفتر في برقة من قمع فاق ما فعله الاحتلال الإيطالي، فأعضاء البرلمان يهربون من واجبهم لحماية الشعب من هذا القمع إلى كلام إنشائي فى قضية لا يؤثرون فيها ولا وزن لهم فيها، والبرلمان يحتاج أن يقوم بدوره في حماية الناس من القمع حتى نتحدث عن شعبيته”، وفق قوله.
موقف تاريخي
لكن الخبير الليبي في العلاقات الدولية، أسامة كعبار، رأى من جانبه أن “ما صدر عن مجلس النواب هو موقف للتاريخ، ويشهد لهم أمام الشعب الليبي وشعوب المنطقة، ولا نملك إلا أن نكون متفائلين من صدق موقفهم، فلا مجال للتخوين أو التصادم في وقت نحن بأمس الحاجة إلى التآزر والتضامن في خندق واحد، ضد طغيان هذا الكيان المغتصب للأرض والأرواح”.
وأشار إلى أن “الموقف يستحق الثناء محليا ودوليا، أما بخصوص الإجراءات العملية الفعلية والتنفيذية، فيجب أن تتخذها جهات متعددة منها الحكومة والمجلس الرئاسي”، بحسب تصريحه لـ”عربي21”.
ورقة النفط
وقال الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط لـ”عربي21″؛ إن “التهديد بغلق النفط ومنع تصديره لبعض الدول، هو تهديد لا يتجاوز قاعة البرلمان؛ كون ليبيا دولة تعتمد في اقتصادها على النفط بنسبة 95 بالمئة، وهذا في حد ذاته ضعف وليس موقف قوة”.
ورأى أن “قطاع النفط الليبي رغم ما عاناه من اضطرابات خلال السنوات الماضية، إلا أنه في هذه المرحلة يشهد استقرارا، لذلك وعلى هذا الأساس، أعتقد أن ما صدر عن البرلمان هو فقط تلويح واستثمار سياسي داخلي لأزمة غزة، ومسألة النفط كورقة ضغط؛ فإسرائيل نفسها تمكنت من تجاوزها قبل أكثر من 45 عاما، بل إن الأنظمة العربية النفطية أصبحت تعتمد على النفط لتحقيق الرخاء، فما بالك بليبيا التي تمر بسلسلة أزمات عميقة”.