نوفا–
وجدت مدينة بنغازي، التي يسيطر عليها حفتر، نفسها غارقة مرة أخرى في الفوضى، حيث ظلت ثاني أكبر مدينة في ليبيا لعدة أيام معزولة ومنقطعة عن الاتصالات، وسط اشتباكات مسلحة بين الجيش الوطني وبعض الجماعات القبلية تسببت في عدد غير محدد من القتلى.
وتحدثت “وكالة نوفا” عن ذلك مع أحد الوجهاء البارزين، عبد الحميد الكزة، رئيس هيئة البرقاوي، وهي هيئة اجتماعية تأسست عام 2019 خلال الحرب التي شنها حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني آنذاك برئاسة فايز السراج.
وتدور الوقائع حول شخصيتي مهدي البرغثي، وزير الدفاع الأسبق في حكومة السراج، والشيخ عبد السلام عبد العاطي، وهو شيخ يعلن نفسه رئيسا لقبيلة البرغثة التي ينتمي إليها الوزير السابق. وقد اتصل هذا الزعيم القبلي مع آخرين بالبرغثي طالبين منه العودة إلى بنغازي وضمان سلامته، ولذلك وافق وزير دفاع السراج السابق على العودة إلى بنغازي مع أعيان البراغتة وقبائل أخرى لأنه لم يعد مرحبا به في طرابلس لظروف غير محددة.
وقال الكزة لـ”نوفا” إنه نصح البرغثي بعدم العودة إلى برقة، محذرا إياه من حفتر الذي لم يعد يثق به منذ فترة، إلا أنه قرر العودة إلى شرق ليبيا، بناءً على وثيقة موقعة من شيوخ القبائل وبعض ممثلي جيش التحرير الوطني، تحظر أي هجوم ضده في برقة.
ونتيجة لذلك، عاد البرغثي إلى بنغازي مع عائلته و30 من رجال الميليشيات من حرسه الخاص الجمعة الماضي 6 أكتوبر، واستقروا في منطقة السلماني. وقد رحب به الجيران وبعض الأقارب، بل وقدموا الأضاحي تكريماً له.
ومع ذلك، وبشكل غير متوقع، في الساعة الخامسة مساءً، حاول كوماندوز مدجج بالسلاح من ميليشيا طارق بن زياد، المعروفة بقيادة نجل حفتر، صدام، اعتقال المهدي ورجاله، غير أن حراس البرغثي الشخصيين، قاوموا وبدأوا معركة عنيفة استمرت حتى الساعة العاشرة مساءً. وتحدث الكزة عن سقوط عشرات القتلى والجرحى قبل قطع الاتصالات.
وفي الأيام الثلاثة التالية (الأحد 8 والاثنين 9 والثلاثاء 10 أكتوبر) لم يسمع أحد شيئًا مرة أخرى حتى ظهر عبد السلام عبد العاطي شيخ قبيلة البراغتة التي ينتمي إليها الوزير السابق، على قناة “المسار” التلفزيونية ينفي وجود أي تنسيق مع مهدي البرغثي، رغم الوثائق الموقعة منه.
وقال الكزة لـ”نوفا” إن بنغازي لا تزال في حالة حداد، ولم يتم دفن جثث الضحايا بعد. ولا يزال مصير الجرحى والسجناء والضحايا، بمن فيهم النساء والأطفال، مجهولاً، مما يلقي بظلال من عدم اليقين على الوضع المعقد بالفعل في ليبيا.
وفي تصريحات لـ”نوفا”، أكد جلال حرشاوي، الخبير في الشأن الليبي والزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن “قضية الجثث لا تزال دون حل”، لافتا إلى أن “تصريحات الشيخ عبد السلام لا قيمة لها، لأنه من الممكن أن يكون قد تم تهديده، لذا لا ينبغي أن تؤخذ قيمة تلك التصريحات بشكل حرفي. وأعتقد أن السؤال الآن هو: من الذي قُتل؟”.
في هذه الأثناء، هناك شيء واحد يبدو مؤكداً، حيث تم القبض على مهدي البرغثي. ويظهر مقطع فيديو تم تصويره بهاتف محمول من قبل رجال الميليشيا رجالاً مسلحين يأخذون الوزير السابق بعيداً، وسط صيحات “الله أكبر” وإطلاق أعيرة نارية في الهواء.