العربي الجديد-
يخوض المتنافسون على السلطة في ليبيا، سباقاً على إدارة أموال إعمار المدن المنكوبة شرقي البلاد، التي ضربتها الفيضانات الناجمة عن إعصار “دانيال”، وسط تحذيرات من أن الانقسام السياسي سوف يعوق أي جهود حقيقية للإعمار وإنفاق الأموال بشفافية.
وناشدت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، المعترف بها دولياً، البنك الدولي لمساعدتها على إدارة أموال إعادة إعمار المناطق المنكوبة، وتقييم سريع للأضرار الناجمة عن الفيضانات، وإنشاء برامج للتحويلات النقدية السريعة والطارئة للمتضررين.
وفي المقابل، أعلن رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب الليبي، أسامة حماد، عزم حكومته تنظيم مؤتمر دولي في العاشر من أكتوبر المقبل، بهدف إعادة إعمار مدينة درنة والمناطق الأخرى المتضررة شرقي البلاد.
وأكد محللون اقتصاديون ضرورة توحيد الجهود الحكومية بشأن إعادة إعمار المدن المنكوبة، محذرين من تداعيات الصراع بين حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، للحصول على الأموال من دون إيضاح الرؤية في إدارتها.
وقال المحلل المالي علي سالم في تصريحات لـ”العربي الجديد” إن كل حكومة تعمل منفردة للحصول على أموال إعادة الإعمار، دون وضع خريطة طريق بشأن المدن المنكوبة، والرؤية الاقتصادية، وتقييم الخسائر المالية على نحو دقيق، مشدداً على ضرورة إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار، على غرار صندوق دعم استقرار ليبيا الذي تأسس سنة 2016، وساهم في بناء العديد من المنشآت التعليمية.
ودعا الخبير الاقتصادي، عادل المقرحي، إلى ضرورة تقدير الخسائر على نحو دقيق، وطرح رؤية لإعادة الإعمار، موضحاً في تصريحات لـ”العربي الجديد” أن إعادة الإعمار تحتاج رؤية اقتصادية وخريطة طريق للمدن المنكوبة. وأكد المقرحي أن “الانقسام السياسي سوف يعوق أي جهود بشأن التمويل المالي للمدن المنكوبة، ومن ثم أي أموال لأي من الحكومتين الموجودتين مصيرها الفساد”.
وأقر مجلس النواب قانون موازنة للطوارئ للمدن المنكوبة بقيمة 10 مليارات دينار (حوالي ملياري دولار)، ما دعا المجلس الأعلى للدولة لمطالبته بإلغاء هذا القانون، باعتباره جاء دون الرجوع إليه أو التنسيق معه بشأنه.
وقال المصرفي معتز هويدي، لـ”العربي الجديد”، إن صراع السلطات على الأموال بطريقة عشوائية سوف تكون له تأثيرات على أي أموال يقدمها المانحون لإعادة الإعمار، خوفاً من عدم وصولها للمدن المتضررة من الحروب، مشيراً إلى تجارِب الحكومات السابقة بشأن إعادة إعمار المدن المتضررة من الحرب التي لم يجر فيها إنجاز أي شيء حتى الآن.
وتحكم ليبيا، التي دمرتها الانقسامات السياسية منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، حكومتان متنافستان، واحدة في طرابلس (غرب)، معترف بها من الأمم المتحدة ويقودها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق، تابعة لمعسكر خليفة حفتر. وتصاعدت وتيرة الخلافات السياسية مراراً وتكراراً وأفضت إلى قتال دامٍ مراراً. لكن منذ عام 2020، جرى احترام قرار وقف إطلاق النار إلى حد كبير.
وفي وقت سابق، أعلنت لجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا” أنّ الكلفة الإجماليّة للخسائر الناجمة عن الصراع في ليبيا منذ اندلاعه، تبلغ نحو 576 مليار دولار، محذرة من ارتفاع الكلفة بشكل حاد إذا لم يحل السلام.
وجاء قطاع البناء والبنية التحتية في مقدمة الخسائر على وقع انهيار آلاف المنازل والمنشآت، ثم تلا ذلك القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، من خلال تجريف مساحات شاسعة من الأراضي. كذلك كان لممتلكات المواطنين من سيارات ومتاجر وغيرها نصيب كبير من المأساة. وقدر محللون احتياجات البلاد من أجل إعادة الحياة إلى المدن المتضرّرة بنحو 7 مليارات دولار.