العربي الجديد-
يدور الحديث منذ نحو السنتين بشكل متقطع عن دور رئيسي محتمل لصدّام حفتر، في القيادة العسكرية لوالده خليفة حفتر، وربما أيضاً خلافته.
وعلى الرغم من أنه حديث يستند إلى التكهن ضمن قراءات لبعض الوقائع والأحداث كالتحركات والزيارات التي أجراها صدّام في أبوظبي وتل أبيب، وقيادته للواء طارق بن زياد؛ أقوى مليشيات والده، إلا أن مؤشرات عدة مرتبطة بهذا الملف بدأت تبرز للعلن في الآونة الأخيرة.
كان صدّام في أغسطس الماضي ضمن 20 ضابطاً من مليشيات حفتر، أغلبهم من لواء طارق بن زياد، منخرطون في دورة تدريبية تنظمها كلية القيادة والأركان بالجيش المصري، عندما قطع مشاركته في الدورة وعاد على عجل إلى الرجمة؛ مقر والده العسكري للانضمام لمحادثات الوفد الروسي رفيع المستوى بقيادة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف.
وكان يفكوروف وقتها يجري زيارة لشرق البلاد لم تنته حتى أعلن حفتر عن إطلاق عملية عسكرية واسعة في الجنوب الليبي بالقرب من الحدود مع تشاد بقيادة ابنه صدام. وظهر الأخير على الفور في عدة صور وفيديوهات داخل غرفة تخطيط وقيادة العملية العسكرية في الجنوب، ولاحقاً قدمته وسائل إعلام حفتر بصفة قائد القوات البرية.
ليس من المعروف ما إذا كان صدام، والذي لا يزال موجوداً في الجنوب، سيعود لاستكمال الدورة في مصر، لكن المهم هو عنوان هذه الدورة “القيادة والأركان”. ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان وجود صدّام في مصر ثم رجوعه على عجل لقيادة عملية عسكرية يأتي ضمن تقاطع تحالف مصري روسي في ليبيا للدفع بصدّام إلى واجهة المشهد، ودعمه لتولي قيادة موقع عسكري هام بالنسبة للدولتين.
وحتى وإن لم يكن الأمر متصلاً برؤية مصرية ــ روسية موحدة حيال صدام، إلا أن اللافت أن قربه من كلتا الدولتين يعكس قناعة لديهما بأن والده لم يعد قادراً، وربما غير راغب أيضاً، في الاستمرار في قيادة مليشياته بسبب تقدمه في السن ونكساته العسكرية والسياسية والضغوط التي يعيش وسطها منذ أن أصبح مهدداً بالمقاضاة أمام محاكم أميركية.
ولا يبدو أن هذه المحاكم تستهدفه لمجرد انتهاكات لحقوق مدنيين في ليبيا، كما هو عنوان قضاياه، بل لعلاقته بموسكو وتمكينها من تثبيت وجودها في ليبيا والانطلاق منها نحو أفريقيا.
مثل هذه القراءات مهمة وتسير في ركاب أحاديث سابقة عن رغبة صدّام في تولي منصب القيادة، وربما بموافقة والده أيضاً. لكنها في ذات الوقت قراءات منقوصة، فهي لم تولِ عوامل البناء الداخلية أي أهمية، ومنها قدرة صدّام، المدني الذي تحوّل إلى عسكري وترقى في الرتب العسكرية حتى صار اليوم عميداً، على إدارة إرث والده المتخم بتداعيات ونتائج خسائره السياسية والعسكرية المتتابعة من ناحية، وقدرته على مواجهة ضغوط واشنطن وعواصم أوروبا إذا ثبت أن موسكو تبنته فعلياً من ناحية أخرى.
ويُضاف إلى كل هذا موقعه داخل أسرته وبين إخوته الذين لم يخفوا طموحهم للقيادة أيضاً، كبلقاسم الذي يتولى إدارة ملف والده السياسي وبات يتحكم في قرارات مجلس النواب، والصديق وعقبة النشطَين في المجال المدني ومجتمع رجال الأعمال، وخالد القائد العسكري أيضاً ويتولى قيادة فصائل مسلحة قوية…
لا شك في أن العوامل المحيطة بحفتر تشي بقرب أفول نجمه، لكن المهم هو رهان حلفائه على نجله وقدرته على قيادة الكيان العسكري المتمرد من عدمها.