* كتب/ علي محمد حمودة،
لا أدري هل كان خروج بعض رفاق معمر، فرصا إعلامية عابرة؟ أم تدرّج أو استدراج لغاية؟ على أية حال لا يهم، فالمهم مضمون اللقاءات، وما أسفرت عنه، بعد هذه التجربة؛ التي يفترض أن تضعهم – وهم في هذا العمر، وقد كان ما كان منهم، – أمام استحقاقات تفرض يقظة الضمير، وقول الحقيقة، وإنصاف الناس، وتوخّي الفارق بين: الثبات على المبادئ، والمكابرة الجوفاء.
لا ننكر أن بعض رجال العهد السابق -وهو في أوج طغيانه وعنفوانه- كانوا في مجالسهم الخاصة وبعض دوائر الثقة يظهرون تبرّمهم وامتعاظهم، من كثير مما كان يجري ويحدث، وهؤلاء ينبغي أن ينصفوا ويحسبوا على التيار الوطني.
وهناك من لا نملك تقييمهم فيما سبق، لكنهم في لحظة ما، انحازوا لشعبهم، حين رأوا بشاعة التنكيل، الذي انصبّ على المتظاهرين في فبراير، وفي مقدمة هؤلاء السيد عبد الرحمن شلقم والدباشي، أما قذاف الدم أحمد –لا سيّد– فقد كان مرتبا حسب تصريح الزوي.
وهناك من لا يزالون يهددون ويتوعدون، ولا يملكون إلا ترديد ما يعبّر عن الجهل والحقد وعمى البصيرة، وهؤلاء لا يخفى أمرهم.
صنف آخر (مذبذبين بين ذلك) الآن يداهن فبراير، بألحان ونكهة سبتمبر، ويتناوش ديسمبر، ويدّعي الفضيلة بتاريخ رجعي، والدليل: أنه قال لمعمر لا يوم كذا، وكان ضد التوريث، ولولاه لكان وكان، وهذا الصنف هو الأكثر، ومشكلته؛ تنقصهم الشجاعة الكافية لقول الحقيقة ومواجهة ماضيه؛ تداركا لمستقبله.
هؤلاء اليوم يدخلون ويخرجون، ويظهرون في المرابيع والمناسبات، ويثقون بحرمة دمائهم وأعراضهم، ويتمتعون بجوّ الحرّية؛ التي استكثروا على الناس واحدا في المائة منها، يوم كانوا يهتفون: (تبي وإلا ما تبيش) و(نصفيهم بالدّم) لكنها المكابرة، والتصابي في أرذل العمر، والاستهانة بالدماء والأعراض والمظالم، والاغتيالات الممنهجة، التي كان بعضهم جزءا منها، يكتب ويحرض ويحضر ويصفق لها.
خطر كل هذا ببالي، وأنا أحاول متابعة لقاء (محمد بلقاسم الزوي) مع إحدى القنوات، وهو يحاول تغليف بضاعته، وتزييف وتشويه الحقيقة، وترديد عبارات: التخوين والمؤامرات، ويتلمّس في ميراثه الفكري، وقاموسه الثقافي، التهم لــ (عبد الرحمن شلقم) الذي وقف موقفا لا ينسى له، وكان موقفه ووقوفه مع شعب أعزل، يقتّل ويمزّق، ولم يكن موقفه ضدا لوطنه، كما يتبجح ويحاول أن يصفه (الزوي) الذي لم يكن يملك مقومات أن هذا الموقف، بله أن يحكم عليه.
الشعب الذي انتفض وملأ الشوارع في فبراير يصفه الزوي بأنه (مغيّب) كما قال سيده المكابر من قبل: (يعطوا فيهم في حبوب هلوسة) لكن الزوي استعمل عبارة تناسب 2023 وما كان إلا مغيّبا إلا نفسه؟
أما (معمر) -الذي يغمزه الزوي من جهة أو أكثر- ويصرّ على وصفه بـ(الأخ) فيصف حركة مجموعة الضباط التي وصلت لمركز السلطة خلال ساعتين أو أقل سنة 69 بالثورة والمبادئ، وهنا ودون شك تختلف معايير الزوي وهو يدري أو لا يدري.
فبراير يا زوي وأمثالك: ثورة شعب مظلوم على فرد ظالم. أنت تعرف حجم ظلمه وموقعه من الظلم. وكيف حول ليبيا إلى عزبة ما عليها له وما تحتها لأولاده.
كون فبراير لا قائد لها؟ هذا دليل صدقها كــثورة، ألستم تقولون: الجماهير عندما تثور؟ وتحرضون الجماهير على الثورة العالمية، وديمو كراسي بمعني الجماهير على الكراسي، لا سيد ولا مسود ولا حاكم ومحكوم، أم نسيت الدرس الأول في ديماغوغيا وحي العتعت؟
نعم فبراير داهمتها الأعاصير، واستهدفتها أجهزة قذرة، ومراكز قوى ونفوذ، حتى لا تحقق مجتمعا، ينتخب من يحكمه، ويبني مؤسساته الدستورية، بمسمياتها المتعارف عليها، وهي التي وجدتموها قائمة يا زوي، وهدمتموها خلال ساعات سبتمبر الأولى!
أسألك ولتجبْ منصفا وصادقا: ما هي مبادئ ثورتكم؟ وكيف طبقت سياسات تنفيذها وتأكيدها؟ وهل دمتم عليها أم تراجعتم؟ وما الذي جناه الليبيون خلال 40 عاما؟ ولعنة الله على الكاذبين.
ولك أن تستعين في الجواب بما في مذكرات: عبد المنعم الهوني، ومحمد عبد المطلب، وبأشخاص حول القذافي وأخيرا بما كتبه عبد السلام جلود في (الملحمة) أم كل هؤلاء خونة وعملاء ومتآمرون؟
راجع كل هذا جيدا، ثم تحدّث واكتب ما يسرّك أن يبقى بعدك، ويقرأه من سيترحم عليك بعد عمر طويل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وزير سابق