عربي 21-
أثارت مواقف المبعوث الأممي إلى ليبيا، وانتقاده للمسار السياسي الحالي في البلاد، خصوصا مساعي تشكيل حكومة جديدة، ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية الليبية، خاصة لدى مجلس النواب الليبي، الذي اتهم عدد من أعضائه؛ البعثة الأممية بتعطيل التوصل إلى حل يفضي إلى الانتخابات.
“تقاسم الكعكة“
الانتقادات ضد باتيلي، جاءت في أعقاب حديث “صريح” قال فيه الأحد، إن الأطراف التي تعمل على إيجاد ترتيبات وحكومات انتقالية أخرى إنما تهدف إلى تقاسم الكعكة داخل البلاد، وفق تعبيره، وذلك في إشارة واضحة إلى مساعي مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة جديدة، “مهمتها الوصول إلى الانتخابات”.
وشدد باتيلي خلال كلمته في ملتقى حكماء ونخب فزان (جنوبا)؛ على أن مستقبل البلاد يجب ألا يتوقف على مجلسي النواب والدولة، بل على طموحات المواطنين؛ مؤكدا أن البعثة الأممية ليست في ليبيا لمحاباة أي طرف أو جهة.
وأكد المبعوث الأممي أنه لا يمكن أن يتم بناء ليبيا الجديدة إلا عن طريق عملية انتخابية يتم من خلالها انتخاب أعضاء البرلمان ورئيس الدولة.
هجوم من أعضاء مجلس النواب
وشن عدد من أعضاء مجلس النواب هجوما حادا على المبعوث الأممي بعد تصريحه الأخير، واتهمه بعضهم بتضليل الرأي العام وعرقلة التوافق بين مجلسي النواب والدول.
وكانت البعثة حذرت الأربعاء الماضي، من أي مبادرات أحادية الجانب لمعالجة الانسداد السياسي بعد اعتماد مجلس النواب خارطة طريق وفتح باب الترشيحات لحكومة جديدة.
الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير قال لـ”عربي21″، إن مجلسي النواب والدولة في صدام مع المبعوث الأممي بسبب رفضه خارطة الطريق ومطالبته بالمزيد من التوافق حول القوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة 6+6.
ولفت إلى أن اللجنة ردت على تصريحات باتيلي برفضها مقترحاته، في حين رد مجلس النواب ببيان وقعه ستون نائبا يرفضون موقف باتيلي من خارطة الطريق فضلا عن دعواته المتكررة لإشراك كل القوى السياسية والمجتمعية في الاعداد للانتخابات، بينما لا يريد المجلسان أي شراكة ويعتبران ما توصلا إليه توافقا ليبيا خالصا يتعين على البعثة دعمه ومساندته، وفي الوقت نفسه يدرك المجلسان وكذلك لجنة 6+6 أن دعم البعثة والأطراف الدولية الفاعلة شرط أساسي لتنفيذ خارطة الطريق.
“قوانين غير قابلة للتطبيق”
وقال الكبير إن “القوانين المعروضة من اللجنة غير قابلة للتطبيق حسبما يرى باتيلي واليوم كان أكثر جرأة وصراحة عندما أعلن أن من يسعون لترتيبات انتقالية جديدة إنما يريدون تقاسم الكعكة، وهذه إشارة مباشرة لمجلسي النواب والدولة”.
وشدد الكبير على أن “هذه القناعة موجودة عند باتيلي منذ مدة، ولكنه لا يستطيع تجاوز المجلسين بدون موقف إقليمي ودولي قوي وهذا لا يتوفر الآن. فما زالت بعض الأطراف الفاعلة متمسكة بالوصول إلى حل عبر المجلسين ورفض أي محاولات لسحب ملف الانتخابات منهما”.
بدوره، قال المحلل السياسي، أشرف الشح، إن باتيلي كان “صريحا” للمرة الأولى وواضحا حين أدلى بتصريحه حول المعرقلين للمسار الانتخابي، مشيرا إلى أن هذا دليل على أن المبعوث الأممي وصل إلى طريق مسدود في محاولاته مع مجلسي النواب والدولة، من أجل وضع رؤية ونصوص متفق عليها لإجراء الانتخابات.
“مسار مختلف”
ولفت الشح في حديث متلفز تابعته “عربي21” إلى أن ما صرح به باتيلي رسالة للرأي العام الليبي وللاعبين في المشهد مفادها أنه آن الأوان لعدم ترك المجلسين وحدهما في ما يقومان به، ويجب أن يكون هناك خطوات أخرى ومسار مختلف بهدف الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي المرتقب.
وقال الشح إنه أصبح من الواضح أن المجلسين لن يصلا إلى أي حلول بخصوص القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات، ولجنة 6+6 التي شكلها الطرفان أعطيت الفرصة للوصول إلى مخرجات توافقية بين مختلف الأطراف في ليبيا، لكنها لم تفعل وأنتجت نصوصا قانونية مختلفا عليها.
ورأى الشح أن باتيلي يجب أن يترجم تصريحه إلى خطط مدعومة من الأطراف الدولية، بهدف إنتاج أساس لإجراء الانتخابات بضمانات، ولا يجب الانصياع إلى مطالب تشكيل حكومة جديدة الهدف منها التمديد للأجسام الحالية.
اتهامات للبعثة بالعرقلة
في المقابل، قال عضو مجلس الدولة الاستشاري عادل كرموس، إن البعثة الأممية تعرقل مسارات إجراء الانتخابات، وإن مخرجات لجنة 6+6 ملزمة ونهائية، لمجلسي النواب والدولة وعليهما إصدار القوانين فقط.
وأضاف في حديث متلفز تابعته “عربي21″، أن البعثة “هي المعرقل في أغلب المحطات التي توافق فيها النواب والدولة، والعرقلة هذه المرة ظاهرة وجلية ولا تخفى على المواطن البسيط ليعلم حجم التدخل الدولي في الأزمة الليبية”.
والثلاثاء الماضي، اعتمد مجلس النواب خريطة طريق مؤدية للانتخابات، تحدد شروط وطريقة الترشح لرئاسة الحكومة الموحدة التي ستشرف على الانتخابات.
وخريطة الطريق المعتمدة، الثلاثاء، من قبل مجلس النواب، هي إحدى مخرجات لجنة “6+6” المشكّلة من ممثلين عن مجلسي النواب والدولة، والتي أنهت قبل شهر القوانين التي ستجرى بموجبها الانتخابات المقبلة.