العربي الجديد-
في ظل استمرار حملات رسمية لإزالة العشوائيات في أغلب المناطق والمدن الليبية، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عزمها إطلاق خطة لمعالجة العشوائيات في ثلاث مدن، فيما يعبر سكان العشوائيات عن قلقهم حيال مصيرهم.
في منتصف الشهر الجاري ناقشت الحكومة إمكانية إطلاق مرحلة أولى من خطة قصيرة الأجل لمعالجة عشوائيات في منطقة عين زارة جنوبي طرابلس، بمساحة 22 ألف هكتار، ومنطقة السيدة عائشة في مدينة بنغازي بمساحة 15 ألف هكتار، ومنطقة بمساحة سبعة آلاف هكتار في سبها.
وبدأت حملة إزالة المحال التجارية التي بنيت بشكل عشوائي من دون تراخيص، في مارس الماضي، على خلفية مشاريع لتنفيذ طرق رئيسية تتطلب توسيع مساراتها في داخل الأحياء السكنية وفي محيطها، قبل أن تتوسع الحملة لتضم منازل في الكثير من الأحياء.
وفي بنغازي، قامت جرافات بهدم منازل بأحياء وسط المدينة، رغم احتجاجات أهالي المدينة الذين اعترضوا على عدم إعلان أسباب الهدم، قبل أن يعلن المجلس البلدي أن الحملة على علاقة بإنشاء مشاريع تنموية، وبحجة مداهمة أوكار للخمور والمخدرات قامت جهات أمنية في مصراته وسبها بإزالة عدد من العمارات السكنية خلال الأشهر الماضية.
يعبر رضا نجم، وهو من سكان العاصمة طرابلس، عن مخاوفه من أن يلقى محله التجاري بمنطقة زناتة نفس مصير المحال التي طاولتها عمليات الإزالة في منطقة قرقارش، ويضيف لـ”العربي الجديد”، أن “الحكومة جرفت منازل السكان غير المرخصة، ووعدتهم بتعويضات، لكن كثيرين منهم لا يزالون ينتظرون. عمليات الإزالة في قرقارش تمت في أكتوبر 2022، والسلطات لمحت خلال الهدم إلى أن أصحابها سيتم تعويضهم، ولكن لو افترضنا جدلاً أن الأمر صحيح، فلماذا تتم هذه العمليات بطريقة تشبه المداهمة من دون سابق إنذار؟ كثير من المواطنين تضرروا ولحقتهم خسائر”.
وسبق عمليات الإزالة التي أجرتها الحكومة في حي قرقارش، إعلان وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية إطلاق حملة أمنية كبيرة داخل الحي للقبض على مجرمين وتجار خمور ومخدرات ومهاجرين سريين متورطين في جرائم.
ويؤكد فوزي الشاوش، وهو من سكان حي قرقارش، لـ”العربي الجديد”، أن “التعويضات المالية لم تصرف لجميع من فقدوا منازلهم، ومن صرف له تعويض، لم يكفه المال لشراء أرض لبناء مسكن بحجم مسكنه السابق، ما يجعل هذه الإجراءات تفاقم أزمة السكن في البلاد”.
وينتقد الشاوش قرارات الحكومة كونها “غير مدروسة”، ويضيف أن السلطات أعلنت منح الشباب قروضاً سكنية مع قروض الزواج، لكن لم يحصل سوى عدد قليل من المتقدمين على تلك القروض، ورفعت الإعلانات من أسعار الأراضي والمساكن بشكل كبير.
في المقابل، يرى الصديق السالمي، وهو أحد سكان حي سوق الجمعة بطرابلس، أن إزالة العشوائيات فيها جانب إيجابي، إذ تقلل من الزحام، وتنهي التعدي على الطرق والأراضي العامة، لكنه يعبر عن تخوفه من إمكانية عدم استكمال الحكومة مشاريعها التنموية الخاصة بمعالجة أزمة العشوائيات. ويقول لـ”العربي الجديد”، إن “صفة المؤقتة التي تلازم الحكومات تثير القلق، فكل حكومة تلغي إجراءات السابقة وتبدأ من جديد، والأحرى أن تتوجه الحكومة إلى معالجة أزمة السكن في المناطق المتضررة من الحرب. أحياء جنوبي طرابلس تحولت منازلها المدمرة إلى ما يشبه العشوائيات، فضلاً عن أزمة مساكن الأحياء القديمة التي يضطر لسكنها الفقراء، وهم الأحق بمعالجة أزماتهم”.
وكرر سكان أحياء طرابلس القديمة، ومن بينها حي بالخير، الشكوى من مخاطر انهيار العديد من البنايات السكنية، والتي انهار عدد منها خلال السنوات الماضية بالفعل، وكان آخرها انهيار منزل في حي بالخير، في يناير الماضي، والذي لم يخلف ضحايا، وفق جهاز الإسعاف والطوارئ، والذي أوضح أن الأسرة التي كانت تقطن المنزل تم إخراجها من شرفته الخلفية.
وبحسب الصديق السالمي، فإن الأحياء القديمة في طرابلس تضم ما يزيد عن 150 منزلاً معرضة للسقوط في أي وقت، وبعض هذه المباني يعود تاريخ إنشائه إلى ما يقارب 100 عام.
بدورها، تقول حورية شعنان، التي تقطن في حي فاطمة الزهراء بمنطقة عين زارة، لـ”العربي الجديد”: “نحن أولى بالإعمار وتصحيح الإنشاءات، وينبغي صرف الأموال التي وعدتنا بها الحكومة لإصلاح منازلنا التي دمرتها الحرب. أسرتي لم تنتظر تنفيذ الوعود الحكومية لإعادة تأهيل منزلنا. بدأنا إصلاح البيت على نفقتنا، وسننتهي من إصلاحه قريباً”.