العربي الجديد-
أكّد المبعوث الأممى لدى ليبيا، عبدالله باتيلي، أن مخرجات لجنة (6+ 6) غير كافية لتسوية المسائل العالقة لتنظيم انتخابات ناجحة، على الرغم من أنه اعتبر تلك المخرجات “خطوة إضافية إلى الأمام”.
وحدد باتيلي، خلال إحاطة قدّمها إلى أعضاء مجلس الأمن الاثنين 19 يونيو 2023م)، أربعة بنود في مخرجات لجنة 6+6 تتمحور المشكلة الأساسية فيها على معيار أهلية الترشح للانتخابات الرئاسية، وإجراء جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية حتى لو تجاوزت نسبة أصوات المرشح 50%، والبند الذي ينص على أنه إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة حاسمة في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى فإن الانتخابات البرلمانية لن تنظم، وإنشاء حكومة انتقالية جديدة قبل الانتخابات، مؤكداً أنها نقاط خلافية و”تحتاج إلى اتفاق سياسي بين الأطراف الرئيسية في ليبيا”.
وبناء على هذه البنود الأربعة أكّد باتيلي أنه “سيتعذر تطبيق قوانين لجنة 6+6 في غياب التوافق حول المواد الخلافية، ما قد يولّد أزمة جديدة، ولذا فإن على أصحاب القرار في ليبيا العمل على التوصل إلى توافق سياسي وإعلاء مصلحة الشعب الليبي على كل المصالح الأخرى”. وأضاف أنه “في حالة عدم التوافق حول هذه المسائل، فإن العملية الانتخابية ستواجه حائطاً مسدوداً، كما حدث سابقاً في العام 2021”.
وطالب باتيلي المجتمع الدولي بالضغط على الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى انتخابات، فـ”ليبيا وصلت إلى مرحلة دقيقة”، مشدداً على أن الانتخابات الناجحة لا تتطلب إدارة قانونية فقط، وإنما إطاراً سياسياً يضمن شراكة كافة الأطراف.
إعلان فشل وإقرار بالعجز
من جهته، يرى الناشط السياسي خميس الرابطي أن إحاطة باتيلي بمثابة إعلان فشل مهمته الدبلوماسية في ليبيا، وإقرار باستعصائها، مشيراً إلى أن دلائل ذلك تتلخص في عدم عرضه أي آليات جديدة يمكن أن تدفع بتعقيدات المشهد الليبي نحو طريق الحلحلة.
وأضاف الرابطي متحدثاً لـ”العربي الجديد”: “لم يتحدث باتيلي بأي نوع عن البدائل التي سبق وأن طرحها في إحاطته السابقة، كتشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم أطيافاً أوسع تشارك مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في إعداد القوانين الانتخابية”.
وتابع الرابطي قراءاته لإحاطة باتيلي بالقول “إن مطالبته بالضغط على القادة الليبيين مطلب جديد لم يسبق أن طلبه عندما كان يستعرض خبرته الدبلوماسية في السابق. الآن أقر بالعجز، وأن الحل جولة جديدة من جولات الحوار السياسي، وإذا أراد المجتمع الدولي نجاحاً، فعليه أن يضغط”، مشيراً إلى أن “مطالب الضغط الدولي على القادة الليبيين تعني ضمناً أن الملف الليبي لم يعد أولوية بالنسبة للكثير من تلك الدول الأعضاء بمجلس الأمن”.
وقال الرابطي “لقد أغفل باتيلي الكثير من العقبات، فهو لم يتحدث عن عقبة مزدوجي الجنسية التي باتت أهم عقبات تجاوز المختنق القانوني للعملية الانتخابية”، معبراً عن اعتقاده بأن مهمة باتيلي بدأت في سلوك طريق سابقيه من المبعوثين الأمميين الذين انتهوا بالفشل.
استعداد لإطلاق خطة جديدة
في المقابل، قال الصحافي الليبي سالم عرفة لـ”العربي الجديد” إن باتيلي يعد لإطلاق خطته الخاصة به، لافتاً إلى أن “ما قام به هو عرض للواقع من جهة، ومن جهة أخرى يعلن فشلاً نهائياً لمسار مجلسي النواب والدولة، والنقاط الأربع التي عرضها دليل على أن المجلسين لم ولن يصلا إلى حل”.
ووفقا لعرفة، فإن “باتيلي لو كان يلمح إلى فشل في مهمته، فإنه لن يعلن عن عزمه توسيع الحوار بين الأمنيين والعسكريين، لقد قالها باتيلي صراحة؛ إن المشكلة ليست قانونية نحصرها في حوار مجلسي النواب والدولة، بل المشكلة سياسية، ولذا حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، فإنه لا بد من توافق سياسي أوسع من رأي المجلسين وخلافاتهما ومصالحهما”.
وأضاف أن باتيلي “يدرك أن جناحا من أجنحة الصراع الليبي هم العسكريون… ولا بد من الدفع بهم للمشاركة في صنع الحل، فلا يمكن تناسي أنهم أصل المشكلة وأنهم من بيدهم قبول نتائج الانتخابات ورفضها”.
زيارة مفاجئة لرئيس البرلمان المصري إلى ليبيا
تزامنت إحاطة باتيلي مع زيارة مفاجئة لرئيس مجلس النواب المصري، حنفي الجبالي، إلى بنغازي، حيث شارك في جلسة لمجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، استعرض خلالها الدور المصري الداعم للمسار الدستوري في ليبيا، مشيراً إلى أن بلاده “لم تأل جهداً في دعم مسار التسوية السياسية للأزمة الليبية”. وشدد الجبالي على ضرورة التوافق السياسي من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.
وختم الجبالي زيارته لليبيا بتوقيع اتفاق تعاون بين مجلسي النواب الليبي والمصري، لتفعيل التعاون بين المجلسين في المجالات الفنية والإدارية والمالية، وتبادل الخبرات والزيارات المستمرة بين المجلسين.
وبحسب رأي عرفة، فإن الزيارة المفاجئة للجبالي “لها رسائلها المؤكدة على استمرار الحضور المصري في الملف الليبي، وتحديداً تمسكها بمجلس النواب ورئاسته كطرف سياسي يمثل سياساتها ومصالحها في أي عملية حوار أو توافق جديد”.
وأضاف “أعتقد أن القاهرة استشعرت قرب مرور الملف الليبي بمرحلة جديدة من الحوار قد تكون أكثر حساسية ودقة، ولذا عليها تحديد خيارها وشريكها السياسي والإعلان عنه ضمناً، وهو مجلس النواب ورئاسته الممثلة في عقيلة صالح، وربما يعني ذلك أيضاً التخلي عن حفتر”.
وتابع عرفة “المستغرب أن الجبالي لم يتحدث في كلمته عن الأزمة الحكومية ولم يشر لها، فبعد أن كانت القاهرة تصرح بدعمها لحكومة مجلس النواب وعدم اعترافها بحكومة طرابلس، لم يشر الجبالي لهذا الأمر، وربما يكون هذا مؤشر آخر يعكس تغييراً في سياسات القاهرة في الملف الليبي وتحديداً تجاه الحكومة في طرابلس”.