اخبارالرئيسيةعيون

مليشيا حفتر تهدم سجن الكويفية لطمس انتهاكات

العربي الجديد- 

نقلت مليشيا تابعة لحفتر معتقلين في سجن الكويفية شرقي بنغازي، تمهيداً لبدء هدم أجزاء منه بذريعة تنفيذ إجراءات صيانة جديدة.
وقال وكيل وزارة الداخلية في الحكومة المكلفة من مجلس النواب والموالية لحفتر، فرج قعيم: “سيُزال المبنى الرئيسي للسجن من أجل إعادة بنائه في شكل حديث ضمن مشروع يلحظ تطوير وصيانة غرف التوقيف والتحقيق، ودورات المياه والساحات. وسينقل العدد الزائد من معتقلي سجن الكويفية إلى سجون أخرى، بينها قرنادة، من أجل تخفيف الاكتظاظ، ومعالجة ظروف اعتقالهم”.
وأعلن قعيم تشكيل لجنة، في شكل عاجل وفوري، لتنفيذ مهمة إعداد تقارير شاملة ودقيقة عن أوضاع سجن الكويفية، مؤكداً أنها ستعمل بالتنسيق مع السلطات القضائية لتسريع البتّ في مسائل تتعلق بموقوفين بتهم غير خطرة.
واللافت أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس أعلنت العام الماضي عزمها على الإفراج عن جميع المعتقلين في قضايا لا أساس قانونياً لها. وأقرّت بوجود سجون خارجة عن سيطرة الدولة، وعزم الحكومة على إخضاع من يديرها لسيطرة الدولة، لكن أياً من هذه الوعود لم يتحقق.
وكشفت أوساط أمنية في بنغازي أن عمليات هدم أجزاء من سجن الكويفية بدأت فعلياً، علماً بأن كثيرين يصفون هذا السجن، وبينهم الناشط الحقوقي رمزي المقرحي، بأنه “أكثر سجون حفتر رعباً على غرار سجن قرنادة”.

ويلفت المقرحي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن “قرار هدم سجن الكويفية على علاقة بمحاولة منع فريق تابع للأمم المتحدة من زيارته، بعدما أعلنت منظمات حقوقية في مايو الماضي، بينها محامون من أجل العدالة في ليبيا، ورصد الجرائم في ليبيا أنها وثقت شهادات مروعة لتعرّض سجناء داخله لتعذيب وإخفاء قسري وأنواع من المعاملة السيئة والعنف”.
وأكدت المنظمتان، في بيان مشترك، أنهما حصلتا على شهادات وفرّها سجناء تحدثوا عن تعرضهم لشتى أنواع التعذيب والانتهاكات، مثل الضرب المبرّح في أنحاء الجسم، والذي وصفوه بأنه ممارسة روتينية من مسؤولي السجن لمعاقبة المحتجزين”.
ومن الانتهاكات التي أثبتت المنظمتان وجودها في سجن الكويفية: الإخفاء القسري، والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاغتصاب وسوء المعاملة، والحرمان من الرعاية الطبية، ومن رؤية أفراد العائلة والحق في تعيين محامين للدفاع عنهم.
وفي شأن أسباب الاحتجاز، أوضحت المنظمتان أنها تتعلق غالباً بمعارضة الشخص المعني قوات حفتر أو انتقاده لها، أو مشاركته في عمليات قتالية ضدها، وكذلك بانتمائه إلى مناطق تُعتبر غير موالية لقوات حفتر.

ويصف المقرحي المبررات التي قدمها قعيم لنقل معتقلين من سجن الكويفية بأنها “غير مقبولة، إذ كيف يمكن تفسير استقبال سجن قرنادة ذي المنشآت الأكثر عتمة واحتضاناً للتدابير الظالمة والانتهاكات هؤلاء المعتقلين؟”. يتابع: “طالب قعيم السلطات القضائية بالنظر في قضايا الموقوفين على ذمم قضايا غير خطرة لمحاولة إيهام الرأي العام بالانفتاح على الحريات والتقليل من عدد المعتقلين، لكننا نسأل لماذا لم يعلّق على ما تضمنته الشهادات التي وثقتها المنظمتان؟”.
ويرجح المقرحي أن تصدر منظمات أممية ودولية تقارير جديدة عن منع موظفي الأمم المتحدة من الوصول الى سجن الكويفية.
وتزامنت خطوة هدم سجن الكويفية مع إجراءات أخرى اتخذها مجلس النواب الموالي لحفتر، بينها إعادة تشكيل المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان (أعلى جهة رسمية معنية بحقوق الإنسان والحريات في ليبيا)، وشملت تعيين أشخاص على علاقة بحفتر، وإعلان إجراء تعديل على قانون العقوبات العسكرية يقضي بمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
ويعتبر محللون أن الإجراء الخاص بمنع مثول مدنيين أمام المحاكم العسكرية يهدف إلى توفير تغطية قانونية لمحاكمات عسكرية سابقة أجريت لمدنيين في بنغازي.
ويعلّق المحامي والباحث في الشأن الحقوقي بلقاسم القمودي بالقول لـ”العربي الجديد” إن “إجراءات مليشيا حفتر تهدف إلى تبرئة ساحته قبل صدور مطالب دولية بالتحقيق مع أي شخصية ليبية متورطة في جرائم الحرب والانتهاكات. ومن الطبيعي أن يسعى حفتر إلى فعل ذلك قبل أن تصل التحقيقات إليه”، لكنه يستدرك بأن “هذه التدابير لن تكفي لأن السجلات الجنائية لحفتر كثيرة جداً، ولا يمكن في أي حال إخفاؤها أو تغطيتها، لكن المهم في هذا السياق هو إنقاذ السجناء، وإنهاء معاناتهم”.

يضيف: “أعتقد بأن هذا ما تنشده المنظمات والنشطاء الحقوقيون في ليبيا، فالسجناء لن يستفيدوا من اتهام حفتر بارتكاب مخالفات أو إثبات تورطه فيها ما دامت السجون تكتظ بمعتقلين من دون سبب قانوني، ولا تتوفر لهم ظروف ملائمة في هذه السجون التي تضع لافتات تزعم أنها مؤسسات للإصلاح”.
ويعتبر القمودي أن “هدم مليشيا حفتر سجن الكويفية قد يسلط الضوء على قضايا السجون في ليبيا، ويدفع إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لكشف ممارسات التعذيب والإخفاء القسري وانتهاكات أخرى، علماً بأن غالبية السجون في البلاد لا تخضع لسيطرة الدولة، بل تديرها مليشيات تسجن فيها من تشاء، وتطلق سراح من تشاء أيضاً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى