عربي 21-
نشرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية مقال رأي للكاتب غوردون تشانغ تحدث فيه عن تسبب الصين في تأجيج الفوضى وتمويل الحرب في ليبيا، في حين أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يقف مكتوف اليدين.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن توصل الليبيين إلى توافق بشأن تعيين رئيس وزراء واحد فقط يعد تقدما واضحًا.
وذكر أنه بعد انتفاضةٍ مشؤومة مدعومة من حلف الناتو أطاحت بمعمّر القذافي في سنة 2011، انقسمت ليبيا إلى أجزاء شرقية وغربية وجنوبية في سنة 2014. حاولت قوات فتحي باشاغا العسكرية الاستيلاء على طرابلس في أغسطس الماضي وعزل رئيس الوزراء الليبي الآخر المدعوم من قبل الأمم المتحدة عبد الحميد الدبيبة وفشلت في ذلك. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صوّت برلمان شرق ليبيا على إقالة رئيس وزرائه.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الفوضى لم تحدث من فراغ بل هناك أطراف تسعى لتغذيتها من خارج حدود البلاد، ومن بينها الصين التي تعمل على تأجيج الصراع من خلال دعم هجوم باشاغا العسكري، بينما تقف إدارة بايدن مكتوفة اليدين مما سمح لبكين بمواصلة زعزعة استقرار الدولة التي تعاني من انقسامات شديدة.
انتهى القتال بين حوالي 86 فصيلة قبلية في الغالب بوقف إطلاق النار في سنة 2020. كانت الأمم المتحدة تسعى إلى إجراء انتخابات في سنة 2021، ولكن يبدو أن الخلاف الذي لا نهاية له حول القواعد كان يؤخر التصويت باستمرار. ويعتقد البعض أن هناك حاجة الآن إلى حكومة مؤقتة جديدة قبل إجراء أي انتخابات على مستوى البلاد. ويرى آخرون أن مثل هذه الخطوة مجرد تكتيك لتأخير الانتخابات يهدف لإبقاء “الديناصورات السياسية” في السلطة لأنهم يدركون أنهم لا يستطيعون الفوز في انتخابات حرة ونزيهة.
وأشار الكاتب إلى أن المشهد السياسي في ليبيا شهد تقدما واضحا على خلفية الاجتماع السري الذي عقدته شخصيات سياسية ليبية في المغرب والذي من شأنه أن يمهد الطريق لتنظيم انتخابات وطنية في 24 ديسمبر تزامنًا مع ذكرى عيد استقلال ليبيا. وفي الوقت الحالي، هناك اتفاق مبدئي حول قضايا مثل مؤهلات المرشح، وهي علامة تبعث على الأمل.
وأكد الكاتب أن الصين تدخلت في الانتخابات وحاولت حسم النتائج. كانت بكين تضخ الأموال بشكل علني في البنية التحتية مثل مشروع قطارات حافلات على مستوى البلاد بقيمة 33 مليار دولار، وهو جزء من برنامج “ليبيا الغد”. وتعتبر الصين الممول الرئيسي للمشروع المرتبط بفتحي باشاغا الذي تم عزله عن مهامه.
ونقل الكاتب عن جوناثان باس، المستشار في أنفرا غلوبال بارتنرز، أنه كجزء من صفقة السكك الحديدية، حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد. وقد حصلت على هذه الحقوق “بشروط مغرية للغاية”. وتعمل الصين على زعزعة استقرار ليبيا بطرق أخرى. تدعم بكين أمير الحرب حفتر، الذي يسيطر على شرق البلاد، والذي أراد الاستيلاء على طرابلس في سنة 2019 ودعم هجمات باشاغا الفاشلة في الصيف الماضي.
ورغم كل هذه التطورات التي يشهدها الوضع الليبي، لا تزال الولايات المتحدة تتخذ موقف المتفرج. وقد كشفت وثائق استخباراتية أمريكية سرية مسربة أدلة على وجود مجموعة فاغنر في ليبيا، وهجوم ناجح غير منسوب في ليبيا أسفر عن تدمير طائرة لوجستية تعود لشركة فاغنر، ناهيك عن زيارة مدير وكالة المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز طرابلس وبنغازي في يناير. لكن وزارة خارجية بايدن أبدت القليل من الاهتمام بما يحدث في شمال أفريقيا بشكل عام وليبيا بشكل خاص.
وحسب توماس رايلي، سفير الولايات المتحدة لدى المغرب من 2003 إلى 2009، “لا يمكننا تجاهل ذلك، إلا أننا كذلك. وعدم اتخاذ أي إجراء يعد أمرا غير مقبول لأنه قد يسمح لبعض الأطراف البغيضة بالركوب على الأحداث”.
وذكر الكاتب أن مشاكل ليبيا لم تعد حكرا على حدود ليبيا، حيث امتدت غربًا إلى الشريك الأمريكي المغرب، وشرقًا إلى مصر، وشمالًا إلى قارة أوروبا. تقف ليبيا والدول الأربع الأخرى في شمال أفريقيا بين الدول الأوروبية والأنظمة متزايدة الخطورة لا سيما في جنوبها. ويمكن لهذه الدول الخمس في شمال أفريقيا إما حماية أوروبا كخط دفاع أخير أو زعزعة استقرارها كمسار للبؤس والإرهاب اللذين ينتشران في أفريقيا الآن.
وفي هذا السياق، أوضح غريغوري كوبلي، رئيس جمعية الدراسات الاستراتيجية الدولية ورئيس تحرير مجلة السياسة الاستراتيجية للدفاع والشؤون الخارجية، أن “ليبيا تمثل المنطقة الأكثر أهمية وديناميكية للتنافس الاستراتيجي والمناورة في حوض البحر الأبيض المتوسط” – وهذا يعد سببا إضافيا لواشنطن للتدخل لإنقاذ هذا البلد.