الاخيرةالرئيسية

سرحان … وكينيدي … !!!

حٌرم السجين سرحان سرحان البالغ من العمر 78 عاما من نيل السراح المشروط بعد ان رفضت لجنة قد تم تشكيلها للنظر في اطلاق سراحه خصوصا وانه قد امضى 55 عاما في السجن وانه قد اعتذر عن ما فعل وانه ولعدة سنوات نجح في الحصول على تصنيف السجين المثالي الذي يلتزم بالهدوء والتعقل في سلوكياته وينمي قدراته وثقافته داخل السجون. فلماذا عجزت العدالة الامريكية ان تمنح هذا السجين ما منحته لغيره من المدانين بارتكاب جريمة قتل؟… ومن هو سرحان سرحان؟

* كتب/ عطية صالح الأوجلي،

في عام 1968 كانت الولايات المتحدة تمر بفترة من التأزم السياسي والعنف الداخلي ومن انعكاسات قضيتي الحرب في فيتنام ونضال السود من أجل نيل حقوقهم المدنية. وكانت مشاهد الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين أمرا اعتياديا.. وكذلك مشاهد اقتحام المباني الحكومية… وانتشار الأفكار والمنظمات اليسارية في الجامعات… والعنف ضد السود في جنوب البلاد والذي وصل قمته في اغتيال المناضل الأشهر مارتن لوثر كينج.

في هذه الأجواء المحمومة… بدأت حملة الانتخابات الرئاسية والتي كان من أبرز نجومها السيناتور الأمريكي الشاب روبرت كينيدي، أخ الرئيس الراحل جون كينيدي والذي مثل للعديد من الشباب أملًا في التغيير عبر صناديق الاقتراع. وبينما كان السيناتور كينيدي يقوم بحملته الانتخابية في ولاية كاليفورنيا… وتحديدا في أحد فنادق مدينة لوس انجلوس اقترب شاب نحيف وذو ملامح شرق أوسطية منه وفاجأ الجميع بإطلاق الرصاص عليه مما أدى الى وفاته…

هزت الجريمة التي شاهدها العالم على شاشات التليفزيون المجتمع الأمريكي، وازداد التوتر والخوف فيه، وأسهم الحادث في وصول ريتشارد نيكسون إلى كرسي الرئاسة… وأسهم في ارتباط أبدي بين كل من سرحان سرحان وروبرت كينيدي.

تم إلقاء القبض على سرحان وتمت إدانته في محاكمة شهيرة وحكم عليه بالإعدام في 1969 بعد إقراره بالذنب. وخفض الحكم إلى السجن المؤبد بعد سنوات على الحكم الأول.

كان الدافع للاغتيال حسب ما قيل هو الصراع في الشرق الأوسط وتأييد السناتور كينيدي لدعم إسرائيل ووعده بإرسال 50 مقاتلة لإسرائيل إذا ما نجح.. ورغم ضعف الحجة…لأن السيناتور لم يكن يملك منصبا تنفيذيا بعد… ولأن دعم إسرائيل هو أمر مشترك بين كل ساسة أمريكا… فقد تم قبولها على أنها السبب الحقيقي وراء الاغتيال.

وككل الاغتيالات السياسية راجت العديد من النظريات حول الدوافع أو وجود قوى خفية من وراء الستار، لكن أكثر الشكوك جدية كانت عن احتمال وجود مسلح ثان في فندق أمباسادور في الخامس من يونيو 1968. وقد تم تشكيل لجنة للتحقق من الأمر، ولم تصل إلى نتائج محددة.. وأصبح اغتيال كينيدي موضوعا لعشرات الكتب ولجهود العديد من المحققين المستقلين دونما رجحان لنظرية أو الوصول إلى يقين.

وبالرغم من أن أسرة كينيدي بعد اجتماع مطول بين أحد أبناء السيناتور الراحل والسجين سرحان قد قدمت التماسا إلى إدارة السجن أكدت فيه أنها ترى أن القاتل قد نال عقوبته وأنها لا تعارض إطلاق سراحه المشروط، فإن السلطات التنفيذية لازالت ترفض الموافقة على ذلك… ويبقى الإصرار على الرفض كما الاغتيال موضع جدل ونقاش… هل لإطلاق سراح السجين الهرم ثمنا سياسيا لا يتجرأ حاكم كاليفورنيا على دفعه… أم هناك أسباب خفية وراء ذلك؟… لا نعلم!… وكحال الاغتيالات السياسية تختفي الحقائق فيها وراء ضباب كثيف من المصالح المتشابكة والرؤى المتعددة… والتأويلات بأشكالها… ويبقى سرحان السجين تذكيرا لنا بذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى