العربي الجديد-
يُواجه المهاجرون السريّون خطر الإصابة بالأمراض المعدية، في وقت تكافح السلطات الليبية لتقديم الرعاية الصحية اللازمة من دون أية مساعدات من المنظمات الدولية. ويتحدّث أطباء ومسعفون عن تفشي الأمراض بين المهاجرين بشكل أكبر، وخصوصاً خلال السير في الصحراء، حيث يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء.
وتعدّ ليبيا بوابة عبور رئيسية للمهاجرين القادمين من دول أفريقية عدة بهدف الوصول إلى أوروبا. وتنشط فيها شبكات تهريب البشر عبر الحدود، بالإضافة إلى انتشار نقاط التهريب عبر الصحراء، وعادة ما يوضع المهاجرون السريون بعشوائية في مخازن تمهيداً لنقلهم إلى مراكز التهريب المنتشرة على ساحل البلاد الغربي.
وغالباً ما يواجه المهاجرون السريون أربعة مصائر، وهي أن يضبطوا وينقلوا إلى مراكز الاحتجاز في البلاد، أو أن يتم إرجاعهم من عرض البحر، أو يحالفهم الحظ ليتمكنوا من الوصول إلى دول جنوب أوروبا، أو الموت، بحسب الضابط في جهاز مكافحة الهجرة السرية الليبي رمضان الشيباني. يضيف أن أحد الأسباب الرئيسية للموت هي الإصابة بالأمراض.
ويقول الشيباني لـ “العربي الجديد” إنه “في الحالات الأربع، يواجه المهاجر أمراضاً قد تفتك بحياته. وتزيد معاناته في حال كانت عائلته معه. وهنا يأمل ضبطه ونقله إلى مراكز الإيواء التي تتوفر على قدر لا بأس به من الرعاية الصحية”. وتؤمن مراكز الاحتجاز، وخصوصاً في العاصمة طرابلس، فرقاً إسعافية لتقديم الرعاية الأولية للمهاجرين لدى وصولهم، كما يتابع أطباء حالة بعض المرضى إلى حين شفائهم.
ويقول الطبيب في مراكز إيواء المهاجرين في طرابلس عبد الفتاح زميت، لـ “العربي الجديد”، إن أكثر الأمراض التي يواجهها المهاجرون هو كورونا. ويوضح: “على الرغم من تراجع مؤشراته عالمياً، إلا أنه ما زال ينتشر بين المهاجرين”، مضيفاً: “لحسن حظ المهاجرين أن العناية بمرضى كورونا باتت متاحة في مراكز الإيواء. إلا أن الإصابة ببعض الأمراض مثل الدرن (أي السل، وهو مرض معدٍ يُصاب به الشخص نتيجة العدوى ببكتيريا تسمى المايكوبكتيريوم، والتي تهاجم الرئتين، وقد تصيب أجزاء أخرى بالجسم منها الكلى، الدماغ، والحبل الشوكي)، وتتطلب عزل المريض وإبعاده عن الآخرين. لكن هناك نقصاً حاداً في الأدوية والأمصال”. ويتحدث عن أسباب تجعل المهاجر أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، “منها الضعف والهزال بسبب النقص الحاد، وكثرة الإصابة بالحمى والأمراض الجلدية الحادة”.
كما يشير بن رابعة إلى النقص الحاد في الدعم الصحي من قبل المنظمات الدولية، قائلاً لـ “العربي الجديد”: “في الغالب، تعرض المنظمات الدولية على الأطباء المحليين عضويتها. وعندما تتحدث في تقاريرها عن وجود أطباء لها في مراكز الإيواء، تقصد الأطباء الليبيين، لكنها لا تقدم لهم شيئاً”.
وعن المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية، يؤكد الشيباني أنها “لا ترقى إلى حجم أزمة المهاجرين، موضحاً أنها عبارة عن أغطية وفراش ومؤن غذائية. وغالباً ما يشتريها مندوب أي منظمة من السوق المحلية، وتصدر على أساسها تقارير مرفقة ببعض الصور”. يضيف: “ليس لدى تلك المنظمات أي عذر. فرقها تزور مراكز الإيواء وترى حجم معاناة المهاجرين وإصابتهم بالأمراض. وغالباً ما يصل المهاجر إلى مركز الإيواء وهو هزيل الجسد ولا يقوى على المشي في بعض الأحيان”. ويقول: “التقارير لا تتحدث عن الأوضاع الصحية للمهاجرين وما يعانونه، بل تركز على بعض الجوانب كاكتظاظ مراكز الإيواء. كما لا تتحدث عن افتتاح مراكز خاصة بالنساء والأطفال وفيها إمكانات حديثة توفرها السلطات الليبية بجهود فردية”.
كما يتحدث بن رابعة عن ارتباك في بعض الأحيان في تقديم العلاج اللازم للمهاجرين، موضحاً في حديثه لـ “العربي الجديد” أن “المهاجر يصل أحياناً وهو يعاني من إصابات بليغة في جسده نتيجة تعذيب المهربين، بالإضافة إلى إصابته بالدرن. فيحار المسعفون والأطباء في أولوية العلاج… للإصابات أو المرض”، لافتاً إلى معاناة كبيرة يلاقيها الأطباء والمسعفين في تقديم الرعاية الصحية.
يضيف بن رابعة أن بعض النساء يتعرضن للاغتصاب، فيكون من الواجب تقديم الدعم النفسي لهن. كما يلفت إلى أن بعض المهاجرين يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة التعذيب وما يرونه من أهوال على طرقات التهريب عبر الصحراء، الأمر الذي يتطلب دعماً نفسياً قد لا نستطيع توفيره نتيجة الانشغال بعلاج الأمراض والإصابات الجسدية.