العربي الجديد-
تستعد عشرات الفرق التطوعية الأهلية في ليبيا لاستقبال فصل الشتاء بأعمال صيانة وترميم في الأحياء والمناطق في ظل تهالك البنى التحتية، إذ يزداد الأمر سوءاً مع تساقط الأمطار.
وخلال السنوات الأخيرة، زاد العمل التطوعي لمواجهة الأزمات والعراقيل التي تقيد حركة الأهالي شتاء، بسبب غياب الحكومات الغارقة في الصراعات السياسية والحروب، الأمر الذي زاد من تهالك البنى التحتية المتردية بالأساس.
وانتهى فريق تطوعي في أحد أحياء تاجوراء (شرق طرابلس) من صيانة الطريق الإسفلتي الرئيسي المؤدي إلى حيهم، والذي كان يغص بالحفر، قبل بدء موسم هطول الأمطار.
في هذا السياق، يؤكد أحد المتطوعين في الفريق، مفتاح جلغوم، أن المهمة تمت بجهود ذاتية، وقد تبرع أهالي الحي بالمال لشراء ما يلزم لصيانة الطريق. ويقول: “نستفيد من الألفة بين أهالي الحي الذين يعيشون فيه منذ وقت طويل. لدى إمام المسجد وبعض الأعيان كلمتهم في توجيه الأعمال التطوعية، وفي جمع التبرعات، سواء كانت تبرعات مالية أو عينية. وبعض أصحاب المحال يتبرعون بمواد طلاء أو إسمنت او تجهيزات وغيرها”.
يضيف جلغوم في حديثه لـ “العربي الجديد”، أن “المجلس البلدي للمنطقة ليس بعيداً عن الطريق المؤدي إلى حينا، بل إن بعض الأعضاء يدخلون إليه من دون الالتفات لحاجتنا إلى توسعته وتحسينه، ولطالما طالبنا بصيانته بالحد الأدنى لكنهم لا يستجيبون”. يتابع أنه “خلال فصل الشتاء، تتحول هذه الحفر إلى برك مائية كبيرة. أحياناً، تسد الطريق نهائياً، ونضطر إلى الاستعانة بشاحنات شفط مياه الصرف الصحي لإنقاص منسوبها حتى نستطيع التحرك في الشارع. وفي الوقت الحالي، نفكر في إنشاء قنوات على طرفي الطريق لتصريف المياه”، مشيراً إلى أن الجميع يعمل بشكل تطوعي مع الاعتماد على التبرعات، إذ لا يوجد أي خيار أمام الأهالي غير التطوع للتعامل مع المشكلات بأنفسهم.
من جانبه، يقول ابريك البرعصي، إن مدينته البيضاء في شرقي البلاد، عانت من توقف كامل للحركة على مدار يومين خلال العام الماضي، وإن السكان باتوا يسلمون أنفسهم للقدر في ظل عدم قدرتهم على إصلاح أو صيانة أية خدمات. ولا شيء يمكن أن يمنع انهيار شبكات الصرف الصحي في ظل أية سيول.
وفي مدن عدة، تعلن السلطات المحلية عن عطل تمتد أحيانا إلى أيام عدة بسبب قطع الطرقات نتيجة الأمطار والسيول، وتغلق المدارس بسبب عدم قدرة التلاميذ والمدرسين على الوصول إليها. وتُحمّل السلطات شركة الخدمات العامة وتلك المعنية بالبنى التحتية المسؤولية، في وقت يبرر مسؤولوها توقف أعمالهم بعدم حصول العمال على رواتبهم، أو نقص الميزانية، والآليات اللازمة.
ويسأل البرعصي خلال حديثه لـ “العربي الجديد”: “ماذا يمكننا أن نفعل إزاء أزمة تضرر أعمدة الكهرباء بسبب السيول وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي لأيام؟ الطرقات الرئيسية تُغلق، وأعتقد أن شركات يجب أن تتولى أعمال الصيانة وليس مجرد متطوعين”.
إلى ذلك، يتهم المسؤول في شركة الخدمات العامة عبد السلام كرواد، خلال حديثه لـ “العربي الجديد”، المواطن بالمساهمة في تعزيز الأزمات. ويقول إن “البعض يتطوع لخدمة حيه أو منطقته، وهو عمل يُشاد به، في وقت يعبث آخرون بشبكات الصرف الصحي ويسرقون أغطيتها لبيعها، الأمر الذي يؤدي إلى تجمع الأوساخ فيها وسن القنوات مع الوقت”.
بدوره، يقول عضو جمعية التيسير الأهلية حسن بركان: “ما سبق لا يساهم في حلحلة الأزمة أو إيجاد حلول”. ويؤكد أن “التطوع لمواجهة تبعات أمطار الشتاء بات أمراً ضرورياً وما من خيار آخر. ولا ينحصر العمل بهذه المشكلة. إذ يجمع المتطوعون المال لصيانة نوافذ بعض المدارس لحماية الأطفال من الأمطار وبرد الشتاء”.
ويقول بركان لـ “العربي الجديد”: “لم تعد الشكاوى والمطالب المرفوعة إلى الحكومات تجدي نفعاً، إذ تكتفي بتقديم مساعدات لاستغلالها في الدعاية السياسية. لا مناص اليوم من العمل التطوعي. ولو أحصينا عدد الجمعيات الخيرية، لوجدنا أنها تفوق عدد الوزارات وإداراتها وأجهزتها التي تصرف الملايين”.
كما تعمل الفرق التطوعية على صيانة منازل النازحين العائدين إلى مناطقهم. ويقول بركان إن بعض السكان لم يتمكنوا من صيانتها بالكامل، وما تمت صيانته قد لا يجعلهم في مأمن من برد الشتاء وأمطاره. لذلك، تطلق حملات تطوعية لمساعدتهم”. يضيف: “نعمل على إزالة القمامة ونقل المكبات العشوائية إلى تلك الرئيسية، وخصوصاً أن مياه الأمطار قد تجرفها إلى وسط الأحياء، أو تؤدي إلى إغلاق قنوات الصرف الصحي في المناطق النائية البعيدة حيث يغيب عمال النظافة”.