عربي 21-
أثار الاهتمام المفاجئ الذي أبداه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بملف ليبيا، مع قرب عودة السفارة الروسية لطرابلس مزيدا من التكهنات والتساؤلات عن أهداف الخطوة الآن وما إذا كان تقارب موسكو مع الغرب الليبي يعني فك الارتباط مع حفتر وعقيلة صالح وشرق ليبيا.
وقال بوتين إن “روسيا مهتمة بحل الصراع الذي طال أمده في ليبيا، وتعول على استئناف عملها بها في جميع المجالات، فالنظام العالمي يتغير حاليا، والعالم يتجه نحو التعددية القطبية”.
في حين أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف أن “موسكو تعتزم استئناف عمل سفارتها في طرابلس، وتعيين السفير الروسي هناك سيُعلن قريبا”.
فما وراء الاهتمام الروسي الآن بملف ليبيا؟ وهل تواجدها في غرب البلاد سيؤثر على علاقتها القديمة بحفتر وعقيلة صالح والشرق؟
صفقة جديدة
ومن جهته، قال الأكاديمي الليبي، عماد الهصك إن “روسيا تعتبر ليبيا منطقة نفوذ مهمة بالنسبة لها، كما تراها من ضمن مناطق التنافس بينها وبين أمريكا، غير أن روسيا كانت تعول على الحل العسكري وتعتبره الطريق الأسرع لبسط نفوذها على الساحة الليبية، وبعد خسران الورقة العسكرية بدأت روسيا تعود إلى واقعية السياسة”.
وأشار في تصريح خاص لـ”عربي21″ إلى أن “كون العاصمة طرابلس أصبحت بعيدة المنال عن الخيار العسكري، فقد رأت موسكو أن التعامل بواقعية السياسة مع المسيطر على العاصمة هو أقصر الطرق وأقلها تكلفة، فتعوض بالسياسة ما فقدته بالحرب وتصريحات بوتين تصب في هذا الاتجاه”، وفق تعبيره.
وتابع الهصك: “أعتقد أن خطوة روسيا الأخيرة هي مؤشر على دخول الروس ضمن ترتيبات صفقة جديدة وسفر عقيلة صالح الأسبوع القادم إلى موسكو يمكن قراءته في هذا السياق”.
انفتاح وتعزيز دورها دوليا
ومن جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون شمال أفريقيا، خيري عمر أن “روسيا كانت ترتب للعودة والتواجد في ملف ليبيا منذ فترة عبر مسارين: التواصل مع معسكر الشرق الليبي عبر تواصلها مع حكومة الثني السابقة، ومسار تواجدها في مجلس الأمن ورفض بعض القرارات ومنها تمديد فترة البعثة الأممية، واهتمامها الآن بالأزمة الليبية يأتي في ظل الصراع الدولي ولتعزيز دورها دوليا”.
ورأى في تصريحات خاصة لـ”عربي21″ أن “عودة روسيا إلى العاصمة الليبية “طرابلس” هو أمر بروتوكولي دبلوماسي فقط ولا يعني عودة العلاقة مع حكومة الدبيبة أو تحيزها لها لكنها تعني الانفتاح على الطرفين بهدف العودة لملف ليبيا”، بحسب تقديره.
وبخصوص تقارب معسكر الشرق الليبي مع أنقرة مؤخرا وتأثيره على العلاقة مع روسيا، قال الأكاديمي الليبي: “التقارب مع تركيا سواء من قبل عقيلة صالح أو حفتر لن يؤثر على العلاقة القديمة مع موسكو ولا يتعارض مع السياسة الروسية، موسكو تدعم من يحقق مصالحها، لذا لن تفكر في سحب مرتزقة فاغنر من ليبيا إلا إذا احتاجتهم في حرب أوكرانيا، لكن استمرار تواجدهم في الداخل الليبي يصب في مصلحة الكرملين”.
تحالف مع الدبيبة وحفتر
ومن جانبه، قال محمد الصريط إن “روسيا ستنسق مع الأطراف التي تتواجد فعليا على الأرض معسكر الشرق ممثلا في “خليفة حفتر” ومعسكر الغرب ممثلا في “الدبيبة” ومن يتحالف معه من القوى الميدانية وأيضا هناك طرف “أنصار النظام السابق” وهم على تواصل مستمر مع الحكومة الروسية ويتلقون الدعم اللوجستي منها”.
وأضاف الصريط لـ”عربي21″: “أما بخصوص تقارب الشرق الليبي مع تركيا وتأثيره على العلاقة مع روسيا فإنه لن يؤثر كثيرا كون التقارب مع تركيا هو تقارب مصالح وليس تقاربا سياسيا عميقا، فتركيا تبحث عن آفاق ومسارات أخرى لتحقيق مصالحها والاستفادة من الاتفاقية الموقعة مع ليبيا وقد اختارت من الشرق عقيلة وأبناء حفتر”.