العربي الجديد-
تستضيف برلين مجدداً لقاء دولياً، غداً الجمعة، بمشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين وروسيا وتركيا ومصر، لمناقشة الملف الليبي.
ووفقاً للتسريبات، فإن جدول أعمال اللقاء سيتضمن مناقشة المسارين الدستوري والتنفيذي في الملف الليبي، في محطة جديدة من محطات تعكس عناية المحيط الإقليمي والدولي بمصالحه في ليبيا، وضرورة تنسيقها لتجنيبها وتجنيب البلاد المزيد من الانجراف في متاهات الفوضى.
لكن الملاحظ أن وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، التي أشارت لهذا اللقاء على هامش لقائها بالسفير الإيطالي لدى ليبيا، الأحد الماضي، لم تتحدث عن تمثيل ليبي في اللقاء.
وعلى الرغم من أن هذا اللقاء ليس الأول من نوعه، بل سبقه لقاءان في هذه الدولة، باتا يعرفان في التداول الإعلامي ببرلين 1، الذي انعقد في يناير 2020، وبرلين 2 الذي انعقد في يونيو 2021، وقبلهما لقاء باريس في مايو 2018، ولقاء باليرمو في نوفمبر 2018، فإن التمثيل الليبي في أكثرها كان موجوداً، وإن عبر أكثر من شخصية قيادية.
وتمكنت هذه اللقاءات من حصر خطوط الصراع في اتجاهات معينة، عُرفت بمسارات الحل الليبي، عسكرية وسياسية واقتصادية. وساعد الضغط في استمرار العمل بها والوصول إلى مرحلة متقدمة مثلها اتفاق جنيف، في نوفمبر 2021، الذي خلق قيادة تنفيذية موحدة بعد سنوات من الانقسام، تمهيداً لمرحلة أكثر صلابة كان من المفترض أن تنتجها عملية انتخابية في ديسمبر الماضي.
وعلى عكس المأمول، انهارت كل تلك الجهود المتراكمة. فقد كرر اتفاق جنيف ذات نتائج اتفاق الصخيرات. وبدلاً من أن يقرّب اتفاق الصخيرات وجهات النظر في قيادة واحدة، تحت شرعية حكومة وفاق وطني، فإنه خلق انقساماً سياسياً حاداً، وعزز من فرص تحول الفرقاء إلى قادة فرضوا أنفسهم في المشهد بحكم واقع الانقسام. وكذلك الحال بالنسبة لاتفاق جنيف، الذي فتت المفتت وزاد من عدد القادة. فانضم للمشهد قادة المجلس الرئاسي، ورئيسا الحكومتين، عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا.
من المؤكد أن اللقاء الوشيك في ألمانيا على صلة بتنسيق الدول المشاركة لمواقفها بعد الاتفاق على مبعوث أممي جديد إلى ليبيا. ويمكن التكهن بأن تلك الدول تفكر في رسم مرحلة سياسية جديدة في ليبيا بعد الفشل الواضح في المراحل السابقة.
لكن المختلف هذه المرة أنها لن تناقش إطاراً عاماً يسعى مجدداً للتقريب بين القادة الليبيين بهدف تصالحهم، ومحاولة جديدة لجمعهم على كلمة سواء. فهناك مؤشران أوليان يبدوان الأهم في محاولة استشراف ما يمكن أن يحمله هذا اللقاء.
الأول يتمثل في غياب التمثيل الليبي، وهو دلالة على اتجاه دولي لتجاوز القادة الليبيين جميعاً. والثاني هو أن أجندة اللقاء ستكون مناقشة المسارين، الدستوري والتنفيذي، ما يعكس انتقال المعالجة الدولية للأزمة الليبية إلى مرحلة أكثر تدخلاً. فالدستوري يعني إجماعاً دولياً على ضرورة فرض مرحلة الانتخابات وإجرائها لإقصاء وجوه الطبقة السياسية الحالية، والتنفيذي مهم لوضع حد للخلاف الحكومي الدائر حالياً.