عربي 21-
أثارت خطوة قيام عسكريين في طرابلس بمنع أعضاء في البرلمان الليبي من السفر إلى الشرق لحضور جلسة خصصت لمناقشة أزمة المحكمة العليا مزيدا من التساؤلات حول تداعيات الخطوة ومن يقف وراءها وما إذا كانت بقرار رسمي من رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة أم لا.
وقام عسكريون في مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس بمنع وفد مكون من أكثر من 35 نائبا من السفر عبر المطار إلى مدينة بنغازي (شرق ليبيا) لحضور جلسة خصصتها رئاسة المجلس للتصويت على تشكيل المحكمة العليا وتغيير رئيسها.
صمت وتحقيق
وتقدم عدد من النواب بمذكرة إلى النائب العام للتحقيق في الواقعة ومحاكمة المتسببين في ذلك ومن يقف وراءهم دون الكشف عن هوية من قاموا بمنع الأعضاء.
في حين قال رئيس البرلمان، عقيلة صالح إن “مثل هذا الفعل يعتبر تعطيلا لعمل مجلس النواب ومنعه من ممارسة مهامه المناطة به، ما يعد سابقة خطِرة تهدد وحدة البلاد، وتشكل جريمة تقييد حرية المواطنين وإساءة استعمال السلطة، كما يؤكد أن الحكومة لا يمكن أن تعمل من مدينة طرابلس في هذه الظروف”، وفق بيان.
وتواصلت “عربي21” مع المكتب الإعلامي لحكومة الدبيبة للتعليق على الأمر أو الكشف عن هوية من قاموا بذلك إلا أنه رفض التعليق دون إبداء أسباب معينة.
كما تواصلت “عربي21” مع كثير من الأعضاء الذين تم منعهم من السفر لكنهم اعتذروا جميعا عن التعليق لظروف أمنية وسياسية.
هذا التطور يطرح تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة وإمكانية محاصرة البرلمان عبر منع أعضاء المنطقة الغربية من حضور الجلسات وهل يقف الدبيبة أو مؤيدوه وراء هذه التصرفات؟
البرلمان هو السبب
من جهتها، رأت عضو مجلس النواب عن طرابلس، ربيعة بوراص أن “ما حدث اليوم في مطار معيتيقة ومنع أعضاء من السفر يعتبر مؤشرا واضحا على تعثر العلاقات بين السلطة التشريعية وباقي المؤسسات والفئات الرسمية وغير الرسمية”.
وقالت في تصريحات لـ”عربي21″: “لذا على البرلمان أن يعي خطورة تطور المشهد بعد هذا الموقف الذي تعرض له الأعضاء وأن يعمل بحق على خلق توازن تجاه الحفاظ على استقرار العلاقات بين المؤسسات والمجلس التشريعي لحين عقد الانتخابات والانتقال إلى مرحلة جديدة”.
مؤشر خطير
في حين رأى عضو مجلس الدولة في ليبيا، خليفة الدويب أن “ما حدث لأعضاء البرلمان بمثابة مؤشر خطير فلم تكن طرابلس تشهد مثل هذه الممارسات إلا بعد تغول حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة وبعد نشوة النصر المدعوم خارجيا”.
وأضاف في تصريحه لـ”عربي21″: “والحقيقة لا توجد معلومات دقيقة عن خلفية من قاموا بالفعل لكن هو تصرف مرفوض، أما بخصوص تأثيره على البرلمان ومحاصرته فلن يستطيع من قاموا بذلك ومن وراءهم بهذا الأمر كون سلطتهم لا تتعدى مدينة طرابلس”.
وتابع: “هذا التصرف ومثله من التصرفات يفتح أبوابا عديدة لا يريد البعض فتحها ومنها نقل العاصمة الليبية إلى مكان أكثر أمانا يستطيع الوطنيون من خلاله استعادة سيادتهم على بلدهم وإخراج المتدخلين في الشأن الليبي سواء سياسيا أو عسكريا”.
عودة الانقسام
ومن جانبه، قال الباحث والأكاديمي الليبي، عماد الهصك في تصريح خاص لـ”عربي21″ إن “ما حدث تطور خطير سيزيد من تأزم الموقف ويزيد الشقاق وهذا من شأنه أن يؤخر حصول أي توافقات في المستقبل القريب، وأعتقد أن هذا المنع جاء بالتنسيق مع الدبيبة إن لم يكن بأوامر منه كون المطار يقع تحت سلطة وزارة الداخلية والمخابرات”.
وتابع: “قد يصل الأمر إلى عودة الانقسام السياسي على المستوى الجغرافي، ونكون أمام حكومتين الأولى في طرابلس والثانية في برقة كما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، وبذلك نعود إلى المربع الأول”.
وأضاف: “جاء هذا المنع لعرقلة هذه الجلسة التي ستناقش قضية المحكمة العليا التي أصبحت محورًا في سياق الصراع مؤخرا، وهي التي ستنظر في كل الطعون المتراكمة منذ سنوات، تلك الطعون التي ستحدد مصير أغلب الأجسام السياسية التي تتصدر المشهد اليوم”.