عربي 21-
فتحت إدانة محكمة أمريكية لخليفة حفتر، الباب أمام أسئلة تتعلق بما يترتب على هذا الحكم من تبعات داخلية وخارجية، سواء على صعيد التعويضات التي ستحصل عليها عائلات الضحايا، أو المستقبل السياسي لأمير الحرب الذي يطمح في حكم ليبيا، وطريقة التعامل الدولية معه بعد صدور الحكم النهائي ضده وثبات تورطه بجرائم حرب.
وأعلن التحالف الليبي الأمريكي تحصله على حكم من محكمة فيدرالية أمريكية في ولاية فرجينيا يدين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في القضايا المرفوعة ضده بارتكاب جرائم حرب.
وقال المدير التنفيذي للتحالف الأمريكي الليبي، مصدق حبرارة، إن الحكم الصادر ضد حفتر، “نهائي وبات”، وإنه جرى إدانته في كل القضايا المرفوعة ضده من قبل عائلات الضحايا، مشددا على أن الحكم بمثابة “رسالة إلى كل المجرمين في ليبيا بأن القضاء يأخذ وقتا لكن الحق ينتصر أخيرا”.
وأكد حبرارة في تصريح خاص لـ”عربي21″ أن الحكم يترتب عليه دفع خليفة حفتر تعويضات لكل أسر الضحايا عن كل الجرائم التي ارتكبها بحقهم، وهذه التعويضات وقيمتها ونسبتها سيتم تحديدها في سلسلة من المحاكمات القادمة خاصة بالتعويضات.
وفي تعليق له، قال عصام عميش، رئيس التحالف الليبي الأمريكي لموقع ميدل إيست آي، إن الحكم سابقة تاريخية في المحاكم الأمريكية، تُعد الأولى من نوعها في قانون حماية ضحايا التعذيب، يتم من خلالها الحصول على حكم نهائي ضد مرتكب هذه الجرائم، ويُعطي حق المطالبة بالتعويضات لأسر الضحايا، لتقتص من مرتكبها.
وشدد عميش في تصريح لموقع “ميدل إيست آي” على أن للحكم تداعيات محتملة كبيرة داخل ليبيا وحول العالم على حفتر، الذي كان يتنافس منذ سنوات ليصبح زعيما لليبيا.
وقال عميش “داخل ليبيا، إنها دعوة للاستيقاظ للكثير من الناس الذين يحاولون إما الشراكة معه وما يسمونه الانتقال الديمقراطي لليبيا من خلال الانتخابات”، مضيفا “لا يمكنك التعامل مع مجرم متمسك بالديكتاتورية ويحكم البلاد بالقوة كشريك”.
ورأى أنه على الصعيد الدولي، قد يؤدي إثبات مسؤولية حفتر عن جرائم الحرب في محكمة أمريكية إلى مشاكل دبلوماسية للزعيم العسكري الليبي، خاصة فيما يتعلق بعلاقة ليبيا بواشنطن.
وأضاف عميش “يجب أن يكون لهذا تأثير كبير جدًا عندما يكون لدينا شخص ثبتت مسؤوليته في دعوى مدنية، ولا يزال يتم التعامل معه كقائد محتمل لليبيا، كمرشح رئاسي محتمل، وكشريك محتمل مع الولايات المتحدة”.
وتابع: “أعتقد أنه أمر فظيع بالنسبة لنا حتى التفكير في إشراكه أو التعامل معه”.
بدوره، قال رئيس مؤسسة الديمقراطية وحقوق الإنسان عماد الدين المنتصر، إن الحكم بالإدانة يفتح خيار الملاحقة الجنائية ضد حفتر ومن حوله.
ولفت في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار”، إلى أن ارتدادات الحكم ستكون مدوية وستشمل كل ما له علاقة بالمستقبل السياسي والأمني للدولة الليبية، مضيفا: “إدانة حفتر تضع أي مسؤول غربي يتعامل معه مستقبلا في حرج شديد أمام ناخبيه”.
من جهته، قال المحلل السياسي فيصل الشريف، إن الحكم الصادر من محكمة فرجينيا ضد حفتر “نقله من مركزه القانوني كمتهم إلى الإدانة، والحكم ذو طبيعة مدنية، متوقعا أن يترتب عليه تبعات تتعلق بتعويضات للضحايا بملايين الدولارات، إضافة إلى أنه سيفتح أمام الملاحقة الجنائية تأسيسًا على الإدانة.
وشدد الشريف في تعليق على حسابه بـ”فيسبوك”، أن “هذا الحكم كذلك له تبعات سياسية داخلية وخارجية وبالتأكيد لا حفتر ولا أنصاره وحلفاؤه اليوم في وضعٍ نفسي جيد”. وفق قوله.
من جهته، قال رئيس المؤتمر الوطني العام السابق، نوري بوسهمين، إن هذا الحكم رسالة لكل من أجرم في حق المدنيين بأنه لا إفلات من العقاب وهو رسالة للقضاء الليبي بالشعور بالحسرة والأسى للتباطؤ الملحوظ في عدم اتخاذ ما يلزم من تحقيقات ومحاكمات.
أما زعيم حزب التغيير، جمعة القماطي فقد تساءل معلقا على الحكم، “كيف نقبل بترشح شخص مدان في جرائم حرب للرئاسة، معتبرا أن الحكم “عار على القضاء الليبي، وموقفهم هو خذلان لتحقيق العدالة والسلام في ليبيا”. وفق قوله.
ورفعت سبع عائلات ليبية قضايا ضد حفتر في محكمة بفرجينيا الأمريكية، تتهمه فيها بارتكاب التعذيب وجرائم حرب خلال الفترة من 2016 إلى 2017.
وتتعلق الدعوى بحصار قوات حفتر حي قنفودة ببنغازي لأشهر بينما كانت قواته تشن حملة عسكرية في مدينة بنغازي، تحت مزاعم محاربة الإرهاب.
وعانت قرابة 150 أسرة ليبية، تقطن في الحيّ المذكور حصاراً خانقاً لمدة تزيد على تسعة أشهر من قبل قوات حفتر، وسط حمم القذائف والبراميل المتفجرة، قبل أن يعلن حفتر في يناير 2017، سيطرته الكاملة على الحيّ، فيما وصفت أوساط ليبية ودولية الحصار بالمجزرة الكبيرة بحق السكان المدنيين.
وكان قاض في المحكمة الفيدرالية في ولاية فيرجينيا الأمريكية أصدر توصيته الخاصة الشهر الماضي بإدانة حفتر، غيابيا، وثبوت طلب الضحايا بقيامه بجرائم حرب وقتل وتعذيب.
ويعتبر المدّعون أن حفتر، الحاصل على الجنسية الأمريكية، “أشرف على حملات قصف متهورة ومذابح متعمدة للمدنيين وتعذيب سجناء”.
وعاش حفتر في شمال فيرجينيا لسنوات، وحصل على الجنسية الأمريكية، ولديه ممتلكات كبيرة في المنطقة، وفقا لسجلات المحكمة.