العربي الجديد-
لاقى إعلان وزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية الليبية علي العابد الرضا عن استقدام مليوني عامل مصري إلى ليبيا، انتقادات واسعة، انطلاقاً من أن السوق المحلي لا يستوعب هذا العدد من العمال، فيما يعاني الليبيون من أزمة بطالة متفاقمة.
يأتي هذا التصريح، مع تزايد العمالة المصرية في ليبيا خلال الفترة الأخيرة التي تعمل غالباً في الاقتصاد غير الرسمي كباعة للخضروات أو اللحوم أو عمال بناء، برواتب تناهز 1500 دينار شهرياً (الدولار يساوي 4.48 دنانير).
وقال الخبير في سوق العمل علي بن صالح في تصريحات لـ “العربي الجديد” إن السوق المحلي لا يستوعب مليوني عامل جديد، حتى لو كان الاستقدام سيتم على مراحل. وشرح أنه “على سبيل المثال مشروعات التنمية 2008 – 2012 لم تستوعب إلا 900 ألف عامل أجنبي بقيمة مشاريع تناهز 100 مليار دولار”.
وأكد أن مشاريع التنمية الجديدة لا تساوي إلا ثلث المبلغ السابق، ولا تحتاج إلى أكثر من 220 ألف عامل سنوياً. وقال بن صالح إنه هناك فوضى في سوق العمل الذي يحتاج إلى ضوابط، حيث يوجد مليونا عامل أجنبي يعملون حالياً تحت مظلة الاقتصاد غير الرسمي، وفقاً لتقديرات غير حكومية. من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي أن هذه التصريحات ليست سوى وعود سياسية.
ولفت لـ “العربي الجديد” إلى أن استقدام مليوني عامل مصري مع ارتفاع معدلات البطالة في المجتمع الليبي، إجراء مستغرب. وشرح أنه وفق آخر الإحصائيات هناك 350 ألف عاطل عن العمل. وأشار العامل المصري علي الصعيدي لـ “العربي الجديد” إنه دخل إلى ليبيا خلال شهر يناير الماضي بلا عقد عمل. وشرح أنه يعمل “في محل لبيع اللحوم في منطقة جنزور، ومعي رفاق آخرون من مصر، بعضهم يعمل في بيع الخضروات وآخرون عمال مياومون”.
وفي منطقة النوفليين في وسط طرابلس، قال المصري سيد أحمد البالغ من العمر 20 سنة لـ “العربي الجديد” إنه قدم إلى ليبيا منذ شهرين لغرض الحصول على عمل في مجال البناء، ولكن لم يستطع إيجاد أي فرصة وظيفية، بحيث يقف اليوم على الأرصفة بانتظار الحصول على عمل يومي. وكان وزير العمل قد أكد أن ليبيا تستهدف استقبال نحو مليوني عامل مصري للمشاركة في إعمار البلاد، خلال العامين المقبلين، لافتاً إلى أن أفواج العمالة المصرية بدأت في القدوم منذ شهرين.
وأضاف في تصريحات لقناة محلية، أن العمالة المصرية سيجري استقدامها لليبيا على مرحلتين، بحيث تشمل من ثلاث إلى أربع دفعات، بإجمالي يصل إلى مليون عامل خلال عام 2022، ومليون آخر في عام 2023؛ للقيام بأعمال البنية التحتية.
وأشار إلى أنه من المقرر تخصيص نسبة من العمالة الوافدة في قطاعات الطب والتمريض والتعليم؛ من أجل المساهمة في تشغيل المنشآت الصحية والتعليمية، مشيرا إلى أن العمالة المصرية مطلوبة في ليبيا، وستتولى تنفيذ المشروعات الليبية المزمع إقامتها.
ولفتت آخر إحصائيات صادرة في 2012 إلى أن 150 ألف عامل فقط من نحو مليوني عامل أجنبي دخلوا ليبيا عن طريق عقود رسمية وتعاقدات مسبقة مع مؤسسات الدولة، في حين دخل الباقون عبر المنافذ الحدودية المختلفة بحثاً عن عمل.
وأشارت تقارير إحصائية في ليبيا إلى أن أكثر من 60 في المائة من العمال الوافدون إلى ليبيا تعمل بصورة غير قانونية، الأمر الذي يجعلهم لا يتمتعون بحقوقهم العمالية التي نص عليها المشرع الليبي، ما يزيد فرص اضطهادهم وتعرضهم للاستغلال الوظيفي.
وكانت وزارة القوى العاملة المصرية قد أعلنت عن تنظيم دورات تدريبية للعمالة المصرية الراغبة في السفر إلى ليبيا، إذ تتضمن شروط قبول الالتحاق بالعمل في ليبيا تقديم شهادة خبرة في المهنة أو الحرفة التي يريد العامل ممارستها.