* كتب/ هشام الشلوي،
أعجبُ من بعضنا الشغوفين بحركة طالبان التي بدأت تبسط سيطرتها على أجزاء واسعة من أفغانستان البلد الحبيس من منفذ بحري والمجاور لبلدان نووية قوية كباكستان والصين والهند، أو بلدان في طريقها للانضمام لهذا النادي المرعب.
منذ تدخل الإنجليز في القرن التاسع عشر في هذا البلد ومرورا بالغزو السوفيتي لها عام 1978 وانتهاء بتدخل الولايات المتحدة عام 2001 لإسقاط حكم طالبان، وهذا البلد محط صراع القوى الكبرى الحدودية مع أفغانستان، أو غير الحدودية.
فمنذ غزو بريطانيا عام 1838 وأفغانستان تعاني من حروب مستمرة وانقلابات وتدخلات عسكرية أجنبية واستقطاب لكل القوى القبلية المحلية دمر هذا البلد تماما.
لن تستقر أفغانستان؛ لأن طالبان ستبسط سيطرتها عليها، أو لأن العالم قبل بطالبان كمفاوض واقعي وعملي له نفوذ على الأرض، ستظل هذه الأرض المنكوبة تعاني حلقات صراعات محلية، ومتنفس لكل القوى الخارجية لتصفي حساباتها مع بعضها البعض على هذه الأرض.
بالتأكيد لن تسمح الصين أو روسيا بسيطرة أمريكية مطلقة قرب حدودها أو مناطق سيطرتها الاستراتيجية، وللمخابرات العسكرية الباكستانية حساباتها المتعلقة بالداخل أو توازن القوى، والولايات المتحدة طوال عشرين عاما صنعت لها حلفاء على الأرض وستستمر في دعمهم.
في المحصلة هذا البلد لن يهنأ أو يستقر إلا إذا توافقت الدول الكبرى المجاورة له وتلك الأخرى البعيدة عنه لكنها قادرة على التأثير فيه.
أفغانستان هي صورة مكبرة مما يجري في ليبيا حيث لم تتفق القوى الإقليمية بعد والدولية على معادلة استقرار بلدنا. وبالتالي سنظل نحن وهي أي أفغانستان أرجوحة بين هذه القوى، إما لذات هذه الدول أو ارتباطنا بملفات أخرى، وهي بالتالي عملية أضحت معقدة بعد ظهور أنواع جديدة من الصراعات والحروب عن بُعد، فالدول الكبرى لم تتفق بعد على معالجة مسائل متعلقة بالحروب السيبرانية وظهور الأوبئة والفيروسات التي هزت اقتصاديات العالم.
قد يرى البعض أن هذا الرأي هو موجة غضب ضد طالبان، أكثر منه تحليل رصين، وهذا محق في بعض جوانبه، إلا أنه غضب موجه ضد تقديس الدمار والمدمرين.