عربي 21-
تسبب بيان مشترك صادر من سفارات خمس دول غربية بخصوص ليبيا في حالة غضب وردود فعل رسمية رافضة له، ما أثار تساؤلات حول أسباب ذلك.
ودعت كل من الولايات المتّحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، في بيان مشترك السلطات الليبية إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقرّر في 24 ديسمبر، لإخراج البلاد من الفوضى الغارقة فيها منذ عشر سنوات.
وحذّرت السفارات الخمس من أن “الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لإجراء أي تغييرات من شأنها التعطيل في الهيئات ذات الصلة، والتي لها دور أساسي في التجهيز للانتخابات، خلال الجدول الزمني الذي حدّده مجلس الأمن”، وهو ما أثار غضبا ورفضا من السلطات في ليبيا.
“تدخل وعرقلة للتوافق”
من جهته، رفض مجلس النواب الليبي البيان الخماسي، واعتبره تدخلا غير مقبول في الشأن الداخلي الليبي، وتجاوزا مرفوضا من سفراء الدول التي أصدرت البيان، وأنه “لا يخدم التوافق الوطني الذي أنجز بعد وقت طويل، وتطلب جهدا كبيرا لنصل إلى ما تحقق اليوم”، وفق بيان رسمي.
ورفض المجلس الأعلى للدولة البيان كذلك، ووصفه بأنه يمثل انتهاكا للسيادة الليبية، مؤكدا استقلالية القرار الليبي، وأنه “أمر لا نقبل المساس به”، بحسب بيان.
وتعليقا على ذلك، أكد عضو البرلمان الليبي، صالح فحيمة، لـ”عربي21″، أنه “بدا من خلال البيان وكأن هذه الدول لها مصلحة مباشرة في استمرار أشخاص بعينهم في مناصبهم الحالية، وأنه دون الخوض في تفاصيل ذلك وبصرف النظر عن مدى صحته، فإنه لا يحق لتلك الدول أن تتدخل لتطلب إبقاء الوضع على ما هو عليه من الفوضى والانقسام”.
وأوضح أنه “يتضح من البيان محاولة تلك الدول المحافظة على مصالح معينة من خلال الإبقاء على أشخاص، وليس من خلال العلاقة القائمة على الأسس السليمة بين الدول، أما بخصوص البند الذي أثار غضب البرلمان وغيره من المؤسسات، فهو التحذير من تغيير المناصب السيادية، بزعم أن ذلك سيؤدي إلى تأخير موعد الانتخابات وهو غير صحيح”، بحسب تقديره.
“مفوضية الانتخابات”
في حين أكد وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر، أن “رفض المؤسسات الليبية لبيان سفراء أوروبا وأمريكا يأتي اعتراضا على التدخل السافر في الشؤون الداخلية والمبالغة في انتهاك السيادة، وأن هذا الاعتراض له ما يبرره كونه يتعلق بمفوضية الانتخابات التي ينتظر منها أن تنظم انتخابات حرة ونزيهة”.
وأشار خلال تصريحاته لـ”عربي21″، إلى أن “رفض رئيس المفوضية لعملية الاستفتاء على الدستور بحجج مختلفة وتناقض تصريحاته في هذا الشأن قد أفقده ثقة المؤسسات التشريعية التي ترى أن استبداله هو ضمان لنزاهة الانتخابات، وهو ما يرفضه البيان الخماسي”.
وتابع بأن “الضغوط الدولية الشديدة لإجراء الانتخابات دون مراعاة لوجود دستور ورفض الاستفتاء على مشروع الدستور الذي صاغته واعتمدته لجنة منتخبة واستبداله بصياغة من لجنة من النشطاء الذين يمثلون في الغالب طرفا واحدا يثير الشكوك حول نوايا هذه الدول”، وفق رأيه.
“المناصب السيادية”
أما عضو هيئة صياغة الدستور الليبي، نادية عمران، فقالت إن “ردود الفعل الشعبية والرسمية الغاضبة لها ما يبررها وذلك لعدة أسباب: أولا اختيار المناصب السيادية وتوقيته شأن محلي خالص ومجرد الحديث عنه انتقاص للسيادة الليبية، وثانيا موضوع المناصب السيادية كان مطروحا منذ منح الثقة للحكومة”.
وأضافت لـ”عربي21″ بالإشارة إلى أن “ما دعا هذه الدول لإصدار هذا البيان وبضغط من دول إقليمية معينة، هو طرح تغيير رئيس المفوضية للانتخابات المنساق لأهواء البعثة وخشية هذه الدول من رئاسة جديدة للمفوضية تدحض تضليلات رئيس المفوضية بخصوص عملية الاستفتاء بالذات”.
وقالت: “24 ديسمبر ليس موعدا مقدسا، وزج ليبيا في انتخابات دون دستور دائم هو تلاعب بمصيرها، واستمرار للفوضى”.