
الناس-
“إذا رأيتم هذا الفيديو فاعلموا أنني اختطفت ومن معي من بحرية الاحتلال”..
كانت هذه من بين آخر الرسائل التي توجه بها المشاركون على متن سفينة “عمر المختار” وهي متوجهة لكشف الحصار عن غزة بالمساعدات الإنسانية ورسائل التضامن.
آخر بث من على ظهر السفينة حمل بضع كلمات، كان المسؤول الأمني على ظهر السفينة ينادي أن يخرج جميع الركاب لسطح السفينة، ويذكرهم بما تدربوا عليه.. بدا أن أحدهم سأله عن القادم، فأجابه بأنهم غالبا ستجهون بهم إلى ميناء اسدود قائلا: “المهم غزة ما صارش. الله غالب”!، وفي الخلفية ظهر الزورق المعادي الذي اقتحم لاحقا سفينة المساعدات.
على الجانب الآخر أظهر تسجيل مرئي من على شاطئ غزة طفلا يترقب، كان يقول للكاميرا بعفويته: “قاعد بستنى في السفن اللي جاية، إلي أسبوع باجي هين، من الظهر بقعد للمغرب بعدها بروح”..
من وسط غزة خص مكتب منظمة “صفوة سنتر” سفينة عمر المختار بالتحية، وظهر ناشطوها في تصريح صحفي أعلنوا فيه جاهزيتهم للمشاركة فيما وصفوه بأكبر مهمة إنسانية حول العالم.
المنظمة كانت نسقت مع الدكتور محمد الحداد منسق الأسطول، على أن تستلم المساعدات من على ظهر السفينة وتوزعها على مخيمات النزوح في قطاع غزة، بالتنسيق مع مبادرة “فلسطين قضيتنا. مشيرة إلى ما تحمله السفينة من مواد غذائية ومساعدات طبية وغرفة عمليات.
وكانت سترتب برنامج وصول وإقامة المشاركين.
للإبحار بقية
كنا قد انطلقنا في العدد الماضي من صحيفة الناس مع تقارير قلم السفينة لتوثيق ساعات الرحلة وأيامها، وتوقفنا عند اليوم السابع، ومن اليوم الثامن نكمل الإبحار معها..
اليوم الثامن
في الثامن والعشرين من سبتمبر، انطلقت “عمر المختار” من سواحل كريت فجرا، عجز الكادر عن صلاة الفجر في جماعة مع اشتداد الرياح، وهي تجري بهم في موج كالجبال، فصلّوا فرادى.
مع شروق الشمس هدأت الرياح فزادت السفينة من سرعتها للحاق بالأسطول الذي تفصلها عنه ست ساعات، وتمكنت من لحاقه عند العاشرة، والتحمت به.
اليوم التاسع
صباح اليوم التاسع تريث الأسطول، انتظارا لوصول قطع قادمة من إيطاليا وأخرى من تركيا، وواحدة من مصر (تم إلغاؤها لاحقا). ومع الواحدة ظهرا واصل الأسطول مسيره.
بعد الغروب حصل تشويش على سفينة عمر المختار، سرعان ما عالجه فريقها التقني. فيما كانت المسيّرات (مجهولة الهوية) تحوم فوقها.
اليوم العاشر
الثلاثاء الثلاثين من سبتمبر، لازالت “المختار” تبحر مثقلة بحملها إلى غزة، مع أمل جديد، واستمر التشويش حتى عجز طاقم السفينة أحيانا عن معرفة إحداثياتها في المياه الدولية.
وعند الثالثة وخمسة وأربعين دقيقة عصرا، أعلن المسؤول الأمني فجأة عن حالة الطوارئ، مطالبا الجميع بلبس سترات النجاة. والصعود للسطح بشكل عاجل.
“قوارب عسكرية سريعة تقترب”. هذا ما أوضحه.. وطبّق الجميع كل الإجراءات المطلوبة لأمنهم. قبل أن يعلن عن انتهاء حالة الطوارئ. فلم يكن الأمر أكثر من اختبار آخر للجاهزية، اجتازه الجميع بنجاح.
كان من الأخبار المفرحة التي وصلت يومها خبر انطلاق سفينة “الضمير” من موانئ إيطاليا، تحمل على متنها (100) من الأطباء والإعلاميين والصحافيين والحقوقيين الإنسانيين..
يوم الاقتحام..
كنا هنا.. على مرمى أمل من غزة، وسنعود..
هذا ما سطرته المختار وشقيقاتها، وصلت إلى مسافة 50 ميلا عن غزة، لكن في الثاني من أكتوبر، اقتحمت بحرية الاحتلال السفينة في المياه الدولية، بعد عملية التشويش على الاتصالات بها. واقتادتها إلى أحد موانئ فلسطين المحتلة.
ليتوقف السرد عند هذا الحد.. لكن الرحلة لم تتوقف.
كنا على مرمى أمل
انتفضت شوارع العالم، وكان الشارع الليبي حاضرا في ساحات شتى، رصدته صحيفة الناس في بني وليد والزاوية وطرابلس ومصراتة.. وعلى الصعيد الشعبي والرسمي ارتفعت الأصوات تنديدا بعملية القرصنة ومطالبة المنظمات الدولية بإعادة المختطفين جميعا..
وقد أفرج عن طاقم “عمر المختار” على دفعتين ابتداء من السبت (04 أكتوبر 2025م) وعادوا مرفوعي الرؤوس. وشرع بعضهم في الإعداد لرحلة جديدة وأمل جديد..
عقب تحرير المختطفين
عقب تحريرها كانت البريطانية “ماغريت باتيستا” سعيدة بحريتها، قالت في سعادة ظاهرة: “نحن بخير، نحن بخير”.. وعن ظروف السجن التي واجهتها قالت إنه كان سجنا فظيعا لا طعام فيه ولا ماء.
كسرت ساق ماغريت، وطلبت المساعدة من إحدى حارسات السجن لكنها أغلقت عليها الباب المعدني دون مد يد المساعدة.
“نبيل السوكني” في أول ظهور له بعد تحريره كان ممتنا، شكر شعب وحكومة ليبيا، وأفاد من اسطنبول بأن أربعة ليبيين فقط من رفاقه لازالوا محتجزين (وقتها) وهم كمال الشامي والكابتن مصطفى أبوشنب، وناصر الأسطى وسعد المغربي..
نتوقف هنا.. ولنا لقاء آخر..