الرئيسيةثقافة

(وين سايرة يامركبي قوليلي) الأغنية التي..

 الأغنية التي عبرت عن الماضي ولازالت صالحة للتعبير عن الحاضر.

لا أستطيع أن أصدق أن الشاعر علي بلخير حين كان يكتب كلمات أغنيته (وين سايرة يامركبي قوليلي) كان يطرح السؤال بمعناه السياسي، ويتساءل إلى أين ياليبيا؟ وهو يرى بعينيه التحولات العنيفة التي راحت تشهدها البلاد منذ ماسمي في منتصف ابريل من عام 73 بالثورة الثقافية، وماتلاها من أحداث عاصفة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية،

* كتب/ إبراهيم حميدان

ينطبق هذا الكلام على الفنانين الراحلين الملحن عبد المجيد حقيق، والمطرب محمد السيلييني رحمهما الله، فنحن الذين عشنا تلك المرحلة نعلم جيدا أنه لم يكن هناك إمكانية لطرح سؤال مثل هذا، إلا على مستوى الهمس في آذان الأصدقاء،

ففي زمن كانت في بعض الأغاني تقول “دوس على الرجعي والخاين” من المستحيل طرح سؤال: وين سايرة ياليبيا؟ في أغنية

إذا الأغنية في تقديري كانت تعبر عن حالة وجدانية يتساءل فيها الشاعر عن أحواله الذاتية ومايكتنفها من مصاعب، ولكن وكما يقول الشاعر محمود درويش “خوف الطغاة من الأغنيات”.. سرعان ماتم الانتباه إلى مايقوله المطرب السيليني (الذي غنى أغنيته على المسرح كما نلاحظ في إحدى التسجيلات التي وثقها (أبوعاصم سماعي)، وبالتالي تم منع الأغنية من البث،

والمفارقة أن الصياغة الشعرية التي تدور في إطار العموميات، وتتمحور كلمات الأغنية حولها، تؤدي فعلا إلى طرح السؤال الكبير، إلى أين ياليبيا؟

وعلى رأي الأديب الليبي الراحل يوسف القويري: ‘الفنان سؤال دائم لايهدأ” لكن الأسئلة ممنوعة في أنظمة الاستبداد التي تقدم إجابات ثابتة وقطعية ونهائية، وعلى المواطن أن يبتلع تلك الإجابات دون نقاش،

ولذلك لم تكتف السلطة آنذاك بمنع أغنية (وين سايرة يامركبي قوليلي) من البث في الإذاعات الليبية فقط، بل جاء شاعر السلطة والناطق باسمها على مستوى الأغنية والشعر الشعبي علي الكيلاني، جاء ليرد على تلك الأغنية بأغنية أخرى يقول مطلعها: (سيري يامركبنا سيري ماتخافيش وعر).

ولأن شعراء السلطة كاذبون دائما، ومزيفون للواقع، أثبتت التجربة أن سؤال: (وين سايرة يامركبي قوليلي) هو السؤال الصحيح، والمعبر عن الأحوال الغامضة التي كانت تندفع نحوها البلاد، بالأمس، واليوم، لأننا نحصد سياسات التفكيك المؤسسي الممنهج منذ ما سمي بالثورة الثقافية في 73، وقد استمرت أوضاع التردي والانحدار باتجاه مستقبل غامض حتى بعد فبراير 2011 بسبب سياسيين فاسدين وعسكريين مستبدين مهووسين بالسلطة، وفنانين وشعراء مضللين لايتوقفون عن التصفيق للباطل والتبشير به، مغلبين مصالحهم الشخصية على مصالح شعبهم ووطنهم. هؤلاء جميعا أفسدوا حلم الناس بعد فبراير في العيش بحرية وكرامة في وطنهم .

سقطت أغنية علي الكيلاني منذ ظهورها، لأنها كاذبة ومضللة للناس، وبقيت أغنية الثلاثي: محمد السيليني، عبدالمجيد حقيق، علي بلخير، التي انحازت إلى طرح السؤال المصيري وابتعدت بنفسها عن التزوير والتزييف، كما هو حال الفن العظيم الذي يضمن لأصحابه الخلود والمجد .

محمد السيليني – وين سايرة

يا مركبي وين سايرة قوليلي

كلمات علي بالخير

لحن عبدالمجيد حقيق

******

وين سايرة يا مركبي قوليلي

بحرك قوي خايـف عليك تميلي

قوي تياره

وا مــواجنا يا مـــركبي محتاره

فيــه ريــح ما تنفـع معاه ادباره

وانــت طرق الصعــب تختاريلي

قولتلك من الاول

خلــي الغيــوم على النجوم تحول

تسهـــر معــاياكــان ليلــي طـول

لــيا ونــس وللطـــريق دلــيلـــي

بعيد مشوارك

ماهوش هين توصلي في نهارك

كان تحســبي اهــي قــريبه دارك

دون المراسي بحور تطوي ليلي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى