نوفا-
قالت وكالة نوفا الايطالية للأنباء إن عام 2023 قد يشهد نقطة تحول في المشهد الليبي بعد مرور عام 2022 الذي عاشت فيه البلاد انقساما كبيرا منذ ما لا يقل عن عشرة أشهر بين تحالفين سياسيين وعسكريين متنافسين.
من ناحية، حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والمدعومة من تركيا بينما على الطرف المقابل، حكومة الاستقرار الوطني بقيادة رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا ومقرها في بنغازي.
وبحسب الوكالة الإيطالية، يجري حفتر، اتصالات سرية مع سلطات طرابلس مما أدى فعليًا إلى التخلي عن دعم الحكومة الموازية في بنغازي.
في الأثناء، تعافى إنتاج النفط في الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد عمليات إغلاق الحقول في منتصف العام، ليستقر في الوقت الحالي عند معدل 1.2 مليون برميل من النفط يوميا.
فيما لا يزال وقف إطلاق النار ساري المفعول منذ أكتوبر 2020 على الرغم من تواصل تواجد المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا و كذلك الروس من مجموعة فاغنر.
تذكر الوكالة الإيطالية وقوع حوادث متفرقة من الهجمات المسلحة، وتخص بالذكر المحاولة الفاشلة من قبل القوات المرتبطة برئيس الوزراء المكلف باشاغا دخول طرابلس في 27 أغسطس، والتي أودت بحياة أكثر من 30 شخصًا.
من جانبه، حث المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، عبد الله باثيلي، في أحدث إحاطة له لمجلس الأمن، الدول الأعضاء على “مساعدة الليبيين في جعل العام الجديد بداية عهد جديد لبلادهم، والتوجه نحو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تنهي حالة الترقب المستمرة منذ مدة طويلة “.
ولتحقيق هذا الهدف، طالب الدبلوماسي السنغالي ب”ممارسة الضغط “على القادة السياسيين في ليبيا للإسراع في إعداد قاعدة دستورية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.
ترى نوفا أن الوضع الدولي قد يكون مواتيا لهذا المسار لاسيما مع وجود حكومة سياسية مستقرة في إيطاليا بكامل الصلاحيات، والتقارب البطيء الجاري بين تركيا ومصر، وكذلك إطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة لسياسة خارجية أكثر براغماتية وهي عناصر يمكن أن تسهم في تنظيم الانتخابات، وبشكل عام، في إعادة توحيد البلاد.
كما أردفت الوكالة أن مسار ليبيا مرتبط أيضًا بالانتخابات الرئاسية في تركيا في يونيو 2023 موضحة في هذا الصدد أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استثمر بكثافة في البلد الشمال إفريقي دون أن يحصد الكثير في المقابل.
واستدلت في ذلك بالقول إن إيطاليا تعد الشريك التجاري الرئيسي لليبيا متوفقة على تركيا، بقيمة تبادلات تجاوزت 9.02 مليار يورو في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022.
وبحسب بيانات صادرة عن مكتب وكالة الترويج للخارج وتدويل الشركات الإيطالية في العاصمة طرابلس، سجلت المبادلات التجارية منذ بداية عام 2022 زيادة بنسبة 80.85 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، بحصة سوقية بلغت 23.66 في المائة، متقدمة على الصين (3.67 مليار يورو من التجارة و حصة سوقية بنسبة 9.62 في المائة)، و كذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى.
أضافت الوكالة الإيطالية أن الإعلان عن اكتشاف كميات جديدة وضخمة من الغاز قبالة سواحل ليبيا في ديسمبر الماضي قد يضفي بدوره إلى نقطة تحول.
وتذكر أن الرئيس التنفيذي لشركة إيني، كلاوديو ديسكالزي، كان قد تحدث عن اكتشاف كميات كبيرة من المحروقات: “اكتشفنا الكثير من النفط والغاز، وخاصة الغاز، نأمل أن نكون قادرين على بدء مشاريع جديدة في ليبيا”.
وتضيف نوفا أن إيني تعد الشركة الدولية الوحيدة التي لم تغادر البلاد أبدًا حتى خلال فترات الحرب مما ضمن كونها مصدر الدخل الوحيد للبلاد في مرحلة اتسمت بارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، كما أنها تستثمر عشرات المليارات من الدولارات في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
وتشير في هذا السياق إلى أن المجلس الأعلى الليبي لشؤون الطاقة، برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، استعرض قبل أيام قليلة التعاون في قطاع المحروقات مع شركة إيني الإيطالية، لا سيما فيما يتعلق بالمنطقتين الاستكشافيتين “أ” و “ھ “.
تقع المنطقة الإستكشافية “أ” في الجزء الأوسط من امتياز NC41، على بعد 75 كيلومترًا تقريبًا من الساحل الليبي على عمق مياه يتراوح بين 93 و 145 مترًا، بينما تقع المنطقة “ھ ” في الجزء الأوسط الشرقي من إمتياز NC41، على بعد حوالي 125 كيلومترًا من الساحل الليبي على عمق مياه يتراوح بين 205 و 235 متر.
تقدم مؤسسة النفط الوطنية الليبية أربعة أسباب على الأقل لضرورة تنفيذ المشروع بصفة فورية، أولاً: إنتاج الغاز في حقلي الوفاء والسلام سيبدأ في الانخفاض عام 2025 بأكثر من 440 مليون قدم مكعب يومياً.
وهو ما سيؤدي إلى عجز في إمدادات الغاز للاستهلاك المحلي، وفي حال عدم التعويض بالاستثمارات وزيادة الإنتاج، ستضطر البلاد إلى استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز.
ثانيًا: الاستثمار المخطط له البالغ 8 مليارات دولار من شأنه أن يعيد ليبيا إلى الصدارة من جديد، ويشجع على جلب المستثمرين في قطاع النفط والغاز، ما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وبذلك خلق العديد من فرص العمل ورفع مستويات الدخل.
ثالثا: قيمة العائد الذي ستجنيه الدولة الليبية من هذا الاستثمار والذي يقدر بنحو 13-18 مليار دولار، بعد استرجاع المصاريف الرأسمالية والتشغيلية.
أما السبب الرابع، فيتمثل في أن الإعلان عن هذا المشروع في عام 2023 سيدفع شركات المتعاقد معها في مجال القطع الاستكشافية البرية والبحرية لبدء أنشطتها.