وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي عن 92 عاما
(رويترز)- أعلنت الرئاسة التونسية يوم الخميس وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي ساعد في قيادة الانتقال الديمقراطي في البلاد بعد انتفاضة 2011، عن 92 عاما.
وكان السبسي، أحد الرموز البارزة في رسم مستقبل البلاد منذ انتفاضة “الربيع العربي” قبل ثمانية أعوام، قد نقل إلى المستشفى أواخر الشهر الماضي حيث ظل أسبوعا بعد تعرضه لما وصفته السلطات بوعكة صحية حادة.
وقال وزير الخارجية التونسي إن جنازة وطنية ستقام للسبسي يوم السبت وحث التونسيين على الوحدة والحفاظ على حاضر ومستقبل الأمة.
وشهدت البلاد اضطرابات متفرقة بسبب ارتفاع معدلات البطالة وعدة هجمات نفذها متشددون وأسفرت عن سقوط قتلى.
وقال رئيس البرلمان محمد الناصر إنه سيتولى منصب الرئيس بشكل مؤقت وفقا للدستور.
وقال رئيس هيئة الانتخابات في تونس إنه سيجري تقديم موعد الانتخابات الرئاسية الذي كان مقررا في 17 نوفمبر دون أن يذكر تفاصيل. ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر.
وستكون الانتخابات المقبلة ثالث انتخابات رئاسية تجرى منذ انتفاضة عام 2011.
كان السبسي شخصية بارزة في تونس منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011، والذي أعقبته انتفاضات ضد الحكام المستبدين في أرجاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في ليبيا ومصر.
وبعد توليه منصب رئيس الوزراء في عام 2011 بعد الإطاحة ببن علي، انتُخب السبسي رئيسا بعد ثلاث سنوات، ليصبح أول رئيس للبلاد يتم اختياره عبر الاقتراع المباشر بعد انتفاضة “الربيع العربي”. وأسس أحد الأحزاب ذات التوجه العلماني ويشارك في الحكومة الائتلافية.
* البعض شكك في التزام السبسي بالديمقراطية
قالت الرئاسة في البيان إن السبسي جنب الشعب التونسي بعد الثورة “ويلات التدافع والتصادم وقاد مرحلة الانتقال الديمقراطي وكان حريصا على بناء المؤسسات الدستورية”.
واستبعد المحلل ابراهيم الوسلاتي أن تؤدي وفاة السبسي، أحد أكبر زعماء العالم سنا، إلى اضطراب الساحة السياسية.
وقال: “وفاة السبسي صاحب الشخصية الكاريزماتية توحد التونسيين.. أعتقد أنه لن يكون هناك مشكل لأن التونسيين لهم دستور يظهر بوضوح أن رئيس البرلمان يشغل المنصب في حال شغور دائم لمنصب الرئيس”.
وأضاف أنه “سياسيا لن يكون هناك أي إشكال وأن السياسيين في تونس لهم من الوعي الكافي ما يحقق الانتقال السلس”.
وتحظى تونس بالإشادة باعتبارها البلد الوحيد الذي حقق نجاحا ديمقراطيا بعد انتفاضات الربيع العربي، إذ وضعت دستورا جديدا وأجرت انتخابات حرة وشكلت حكومة ائتلافية تضم علمانيين وإسلاميين معتدلين في منطقة تعاني اضطرابات.
لكن التقدم السياسي لم يصاحبه تقدم اقتصادي. وتبلغ نسبة البطالة نحو 15 في المائة، ارتفاعا من 12 في المائة في 2010، بسبب النمو الضعيف وتراجع الاستثمار.
تأتي وفاة السبسي في وقت يشهد محاولات جديدة للإطاحة بحكام مستبدين في الشرق الأوسط وإقامة نظم ديمقراطية.
وخلعت القوات المسلحة في الجزائر المجاورة والسودان رئيسي البلدين بعد احتجاجات شعبية. لكن لا يزال من غير الواضح إن كان ذلك سيكفل للشعبين حريات أكبر.
وقال راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي المعتدل المشارك في الحكومة الائتلافية مع حزبين لهما توجه علماني إن الباجي يرجع له الفضل في قيادة البلاد نحو انتقال سلس للديمقراطية بانتهاج سياسات لا تقصي أجدا.
وواجه السبسي انتقادات بالسعي للعودة إلى الدولة القوية التي تتركز فيها السلطة بيد الرئيس، الذي يقتصر دوره على السياسات الخارجية والدفاعية بموجب الدستور الجديد.
كما اتهم منتقدون السبسي بالسعي لتوريث الحكم لابنه والتراجع عن الحريات المتاحة في عصر ما بعد الثورة وعدم دعمه للجنة لتقصي الحقائق تسعى لتحقيق العدالة لضحايا النظام الاستبدادي.
ونفى السبسي الذي شغل منصب رئيس البرلمان أثناء حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي جميع تلك الاتهامات.
وتجنبت تونس معظم أعمال العنف التي وقعت في أنحاء أخرى بالشرق الأوسط منذ 2011، رغم أنها كانت هدفا لمتشددين إسلاميين على مدى سنوات.
وتحارب قوات حكومية جماعات متشددة في مناطق نائية قرب الحدود مع الجزائر، بينما أثار ارتفاع البطالة اضطرابات أيضا في السنوات القليلة الماضية.