* كتب/ عبد المالك المدني،
في أكثر الأوقات صعوبة وأشدها قتالا خلال ملحمة بركان الغضب، وتحديداً يوم 1 / 7 / 2019 في محور اليرموك وكان هو اليوم الذي يلي اليوم الذي سقطت به العمارة المعروفة بـعمارة اليرموك أو عمارة الشهداء..
وقتها كان هُناك 5 شباب تحت ركام هذه العمارة هم وسياراتهم..
كان الموقف صعبا جداً، مشاهد مؤثرة، الكل كان يُفكر كيف يمكنهم إخراج رفاقهم من تحت الركام..
استمرت عمليات البحث عن الأبطال ساعات، ثم مر يوم كامل دون نتيجة، فالركام كثيف وصعب وعملية البحث أصعب..
الكل كان بداخله أمل أن يصلوا لرفاقهم ويجدوهم بصحة جيدة، وعندما طالت المدة، اجتمع الكثيرون وبدأ الكل يبحث…
الموقف استدعى جلب كاشيك (جرافة) لإزالة الركام فبدأنا بالبحث عن كاشيك خارج المحاور حتى توقفنا على سائق كاشيك وكان في عز شبابه لم يتجاوز 30 عاما تقريباً..
طلب منه الشباب وقتها القدوم معهم لإزالة الركام أو يعيرهم الكاشيك لساعات وبضمانات، هو اختار الخيار الأول (الذهاب معهم) رغم أنهم وضحوا له خطورة الموقف باعتبار أن الموقع في خط النار، ووقتها كان العدو يتعامل بالهاون بشكل مكثف لعرقلتنا في البحث عن رفاقنا..
الشاب، قال بالحرف الواحد (اللي يقاتلوا في الجبهة أني مش خير منهم)
قال أنا لست مقاتل ولا افهم في القتال ولكن سأقدم ولو جزءا بسيطا لمدينتي! وقال لا أريد أي مبلغ مقابل ذلك !فقط أريد طلبا واحدا قبل الذهاب معكم !!
– عندما سأله أحد القادة ماهو طلبك؟
قال إذا تعرضت للإصابة أو انتقلت إلى رحمة الله تعالى أريد أن تذهب أمي لحج بيت الله..
– فأجابه أحد القادة والدموع في عينه وقال له “والله حجة أمك في رقبتي ليوم الدين” المهم انت يسلمك ربي…
ذهب هذا الشاب البطل ووصل لمكان البحث وإزالة الركام، استمرت عملية البحث من قبل كل الشباب الحاضرين تقريباً ساعتين، وبعدها استأنف العدو التعامل بالهاون على مكان العمارة..
طلب القادة من الجميع الانسحاب من المكان، ولكن بعض الشباب بسبب دمهم الحار وقلوبهم على رفاقهم المتواجدين تحت الركام رفضوا ذلك، وكان الشاب سائق الكاشيك من بينهم، والذي يبحث وكأنه يعرف من تحت الركام عز المعرفة..
استمرت عملية البحث حتى جاءت المفاجأة الغير سارة، وسقطت قذائف الهاون في مقتل، ليرتقي وقتها عدد 2 شهداء، الأول سائق الكاشيك، والشهيد الثاني “عبد الله أبوسنينة” كان هو الآخر يقود كاشيك لإزالة الركام، وليتعرض بعدها بعض المقاتلين للإصابة..
للعلم / اسم سائق الكاشيك هو “أحمد شاقان” من منطقة سوق الجمعة وهو أحد أبناء العاصمة طرابلس.
وبعدها بيومين وصلنا لكل من هم تحت الركام ووجدناهم جميهم شهداء بإذن الله
هذه قصة توضح لك بأن عملية بركان الغضب هي ملحمة كبيرة وأسطورية الكل شارك فيها حسب استطاعته..
فكيف يمكننا نسيان هذه التضحيات وهذه المشاهد المؤثرة طيلة سنة وشهرين..
ستبقى بركان الغضب إلى الأبد مطبوعة على جبين كل من اعتدى على طرابلس.