العربي الجديد-
أثار قرار رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بتشكيل لجنة لإعادة هيكلة توزيع الميزانية المخاوف مجدداً من الزج بورقة النفط في الصراعات السياسية تحت مسمى “التوزيع العادل للثروة”.
وقال الخبير السياسي حسن بن حمادي، إن “قرار مجلس النواب سياسي بامتياز، فهو من جهة لا يعترف بحكومة طرابلس، ومن جهة أخرى يطالبها بضرورة منحها نسبة من ميزانيتها لأقاليم الشرق والجنوب”.
وأضاف لـ”العربي الجديد” أن “القرار لم يوجه اتهامات للحكومة التي شكلها وصرفت خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذه السنة 8 مليارات دينار ليبي (نحو 1.6 مليار دولار)، دون أي محاسبة أو مراجعة”.
وأشار إلى أن “مجلس النواب يتغاضى عن مصدر الأموال التي ينفقها صندوق إعمار بنغازي، فهي بلا شك تصل إليه من الحكومة في طرابلس، فهي الوحيدة من تمتلك القدرة على التمويل”.
لكن بن حمادي أشار أيضاً إلى أن “قرار صالح هذه المرة جاء متوازناً، فهو يلبي مطالب ومصالح الداعين لوقف تدفق النفط من جهة، ويتجه لممارسة ضغوط مباشرة على الحكومة والمصرف المركزي في طرابلس من جهة أخرى”.
وأشار إلى أن “عنوان القرار يختلف، فهو يستخدم عدالة توزيع الثروة، وهو مبدأ تشجع عليه أطراف دولية، لأنه قد يكون حلاً للمشكل السياسي، كذلك فإنه يلقى قبولاً محلياً، لكونه سيفتّت المركزية التي تمثل مستوى من مستويات الأزمة السياسية أيضاً”.
وتابع بالقول: “ولأن القرار يختلف عن الخطوات السابقة، فقد سارع الدبيبة بمواجهته بقرار آخر ركز فيه على أصل المشكلة لتفكيكها، وهو بند التنمية في الميزانية”.
وعبّر بن حمادي عن مخاوفه من تداعيات القرار الذي قد “يشجع أطرافاً دولية لوضع موارد النفط تحت وصاية أممية ودولية وحرمان البلاد فرص الاستثمار والتنمية لمدد طويلة، حتى لو استقر الوضع السياسي”.
من جانبها وصفت المحامية الليبية، ثريا الطويبي، القرارات الهادفة للحسم المباشر من إيرادات النفط بـ”عملية الحرابة”، معتبرة أن مثل هذه العمليات فاقت “النهب والسلب”.
وقالت في تصريحات إعلامية، إن اللجنة “ستحسم قيمة المخصصات التسييرية ومخصصات التنمية مباشرة من إيرادات النفط بحجة تقسيم الثروة وعدالة توزيعها”، واصفة “التصرف بإيرادات النفط بالحسم منها مباشرة دون إحالتها على الخزانة العامة بعملية حرابة تتم على إيرادات الثروة النفطية، فهذا قد فاق النهب والسلب”.
وأصدر رئيس مجلس النواب الأسبوع الماضي، قراراً بتشكيل لجنة لوضع “تصور لإعادة هيكلية الميزانية العامة للدولة”، مؤكداً “ضمان حق الأجيال القادمة في ثروة وطنهم، بحيث تقسم المبالغ المخصصة للبابين الثاني والثالث في الميزانية العامة إلى نسبتين مئويتين”.
وطالب القرار بأن “تودع النسبة الأولى في الحسابات المالية المفتوحة لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، وتودع النسبة الثانية في الحسابات المالية المفتوحة لدى مصرف ليبيا المركزي في بنغازي، على أن تتم عملية الإيداع والتحويل باستقطاع هذه النسب مباشرة من إيرادات ومبيعات النفط والغاز ومشتقاته”.
ويترأس اللجنة، وفقاً للقرار، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، بالإضافة إلى عضوية مندوبين اثنين من غرب وشرق البلاد عن فرعي المصرف المركزي وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية.
وجاء القرار تجاوباً مع مطالب رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب، عيسى العريبي، الذي طالب، في أثناء جلسة مجلس النواب الاثنين الماضي، بوقف تدفق النفط، متهماً حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس بالتصرف في عائدات النفط، دون أن تستفيد مناطق البلاد الأخرى، ولا سيما شرق وجنوب ليبيا، على حد تعبيره.
وإثر قرار المجلس، عقد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، لقاءً برئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الأربعاء الماضي، بمقر ديوان المحاسبة في طرابلس، ناقشا خلاله الاتفاق الحكومي عن النصف الأول من العام الحالي.
ووفقاً للمكتب الإعلامي للحكومة في طرابلس، فإن “حكومة الوحدة الوطنية تصرف مرتبات العاملين بالدولة الليبية كافة دون استثناء، ومخصصات الباب الثاني لمؤسسات الدولة كافة وفق المعتمد من وزارة المالية”.
وأشار إلى أن “79% من إجمالي الإنفاق خلال النصف الأول ذهب للمواطن مباشرة، في شكل مرتبات وعلاوة الزوجة والأبناء ومنح الشهداء وطلبة الجامعات ودعم المياه والكهرباء والخدمات العامة”.
وأصدر الدبيبة قراراً بتشكيل لجنة برئاسة عدد من الوزراء وعضوية عدد من الجهات الحكومية والرقابية، تتولى بموجبه “إعداد مقترح توزيع ميزانية التنمية للعام” الحالي، مع مراعاة الأولوية للمشروعات الجاري تنفيذها بما يضمن استكمالها.