حضرة صاحب الدولة:
جوابا على رسالتكم المؤرخة في 12 كانون الأول 1306 [25 ديسمبر 1889م] رقم 340 في خصوص التوضيح الشامل عن “ادواردو” المراد تعيينه وكيلا للقنصلية الإيطالية في مصراتة، وتنبيهكم على القائممقائميين أن لا يكتفوا في مواضيع مثل هذه بتبليغ إفادات سطحية ومختصرة، وطلبتم التحقق عن مدة إقامة “ادوارد” المذكور في مصراتة، وما هي حرفته، وسيرته، وأحواله الشخصية، وعن عدم رضاء الأهالي على تعيينه وأسباب كراهيتهم له.
كنت قد اكتفيت في رسالتي المؤرخة في 9 كانون الأول 1306 [22 ديسمبر 1889م] بإبلاغ ما جاء في برقة الشيفرة التي تلقيتها من قائمقمام مصراتة، مع العلم بأن إشعار قنصل إيطاليا بطرابلس لادواردو بتعيينه وكيلاً له في مصراتة، لا يمكن قبوله ما لم تؤيده موافقتكم بعد الاطلاع على سيرته وأحواله، والتي أوافي حضرتكم بها كما يلي:
إن “ادواردو” هو ابن فرانسيسكو” الإيطالي الذي عين مأمورًا للحجر الصحي في ميناء مصراتة عند تطبيق نظام الحجر الصحي فيها، وكان بصحبة والده وهو طفل صغير حينذاك، فترعرع وبلغ أشده في مصراتة، ولما توفي والده عين مأمورًا للحجر الصحي، وعلاوة على ذلك تولى القيام بالإشراف على المنار البحري في ميناء قصر أحمد، ولما استقال علي الفورتية من مأمورية احتكار التبغ؛ عين مكانه ولكنه تنازل عن هذه الوظيفة لأحد أقاربه فيما بعد، وبما أن ادواردو المذكور نشأ وكبر في مصراتة يتكلم العربية بطلاقة، ويرتدي اللباس الوطني، وله علاقة طيبة وألفة واختلاط بالمواطنين، وفي مدة الأربع سنوات التي قضيتها هنا، لم يتقدم أحد بشكاية منه، أما عدم رضاء الأهالي على تعيينه وكيلًا لقنصل إيطاليا، ليس كراهية لشخصه؛ بل خوفًا مما ترمي إليه إيطاليا من بث نفوذها، وتنفيذ أغراضها المشبوهة، حيث لا يوجد رعايا إيطاليون في مصراتة، وأن اختيار قنصل إيطاليا له لهذا المنصب؛ هو الاستفادة مما يتمتع به من الأوصاف المذكورة لخدمة مصالحها السياسية، ولاشك أنه سيفعل ذلك.
هذه هي حقيقة الحال عرضتها على معاليكم، وإن تعيين وكيل قنصل في مصراتة أو عدم تعيينه أمر منوط بإرادة حضرتكم والسلام.
متصرف الخمس
محمد فريد
22 جمادي الأول 1308/ 22 كانون الأول 1306
[الموافق 4 يناير 1890م].المصدر: محمد الأسطى، الوثائق العثمانية المجموعة الأولى، 1990.
