قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم في تقريرها العالمي 2021 إن الجماعات المسلحة التي تدعم الحكومات الليبية المتنافسة والمستفيدين الدوليين منها كانوا مسؤولين عن خسائر مدنية جسيمة ونزوح وتدمير خلال 2020. هناك حاجة ماسة إلى إنشاء بعثة لتقصي الحقائق في ليبيا بتفويض من “الأمم المتحدة” للتحقيق في الانتهاكات ونشر نتائجها علنا.
ينبغي للمشاركين في “منتدى الحوار السياسي الليبي”، الذي يتفاوض على إطار الحوكمة والانتخابات المستقبلية، ضمان أن تكون تدابير المساءلة القوية أولوية قصوى. خارطة الطريق التي مهدت لها الأمم المتحدة في نوفمبر في تونس لا تعالج بشكل كاف الخسائر الحقوقية والإنسانية المدمرة بعد 15 شهرا من القتال المتهور.
قالت حنان صلاح، باحثة أولى في الشؤون الليبية في هيومن رايتس ووتش: “تقاعس منتدى الحوار السياسي عن التوصل إلى خارطة طريق تلتزم بشكل مباشر بالعدالة والمحاسبة على الجرائم الخطيرة، هو دليل على سياسات التهدئة. لن تنتهي الحلقة المفرغة من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة إلا عندما يواجه كبار القادة والمسؤولين الذين يأمرون بارتكاب الانتهاكات الجسيمة، أو يتغاضون عنها، عواقب أفعالهم”.
في التقرير العالمي 2021 الصادر في 761 صفحة، بنسخته الـ31، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 100 دولة. في مقالته الافتتاحية، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أن الإدارة الأمريكية المقبلة ينبغي أن تُدمِج احترام الحقوق في سياساتها الداخلية والخارجية بطريقة تكون أكثر قابلية لأن تستمر في الإدارات الأمريكية المقبلة التي قد تكون أقل التزاما بحقوق الإنسان. شدّد روث على أنه حتى لو تخلت إدارة ترامب عن حماية حقوق الإنسان، فقد هبّت حكومات أخرى لمناصرة الحقوق. ينبغي لإدارة بايدن أن تسعى إلى الانضمام إلى هذا الجهد الجماعي الجديد، وليس استبداله.
أسفر النزاع الذي استمر من أبريل 2019 إلى يونيو 2020 عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين وتدمير واسع للمباني الحيوية ونزوح عشرات آلاف الأشخاص داخليا. أطراف النزاع، بما في ذلك تركيا، التي تدعم حكومة “الوفاق الوطني” وروسيا والإمارات ومصر، التي تدعم المجموعة المسلحة المعروفة باسم “القوات المسلحة العربية الليبية” بقيادة خليفة حفتر، انتهكت مرارا حظر الأسلحة الذي فرضه “مجلس الأمن الأممي”. زوّدوا الأطراف بالأسلحة والذخيرة ودعموا الجماعات المحلية بضربات جوية وغارات بطائرات مسيّرة ومقاتلين أجانب.
وجدت هيومن رايتس ووتش استخداما مكثفا للألغام الأرضية المضادة للأفراد والأفخاخ المتفجرة المحظورة دوليا، واستخدام أقل للقنابل العنقودية من قبل القوات المسلحة الليبية والقوات التابعة لها. وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا ضربات جوية وغارات بطائرات مسيرة نفذتها عناصر تابعة للقوات المسلحة الليبية التي قتلت مدنيين، ووثقت إعدامات دون محاكمة، وتدنيس جثث من قبل القوات التابعة للقوات المسلحة الليبية.
قالت سلطات حكومة الوفاق الوطني إنها عثرت على 120 جثة على الأقل في 27 مقبرة جماعية في ترهونة جنوب شرق طرابلس، والتي كانت تحت سيطرة ميليشيا الكاني، الحليف الرئيسي للقوات المسلحة الليبية في غرب ليبيا، بالإضافة إلى عشرات الجثث في مواقع أخرى في الضواحي الجنوبية لطرابلس.
قُتلت حنان البرعصي، المنتقدة الجريئة للانتهاكات التي ارتكبتها الجماعات المسلحة في شرق ليبيا، بالرصاص في بنغازي على أيدي مسلحين ملثمين مجهولين في 10 نوفمبر. ظهرت حنان مرارا في بث مباشر على “فيسبوك” تزعم فيه انتشار الفساد بين أعضاء الجماعات المسلحة في شرق ليبيا واتهمتهم أيضا بالاعتداء والاغتصاب.
يواجه المهاجرون وطالبو اللجوء ظروفا غير إنسانية في مرافق الاحتجاز التي تديرها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني وعلى يد المهربين والمتاجرين بالبشر. يتعرضون أيضا للعمل القسري والضرب والاعتداء الجنسي.
بعثة تقصي الحقائق بشأن الانتهاكات في ليبيا التابعة للأمم المتحدة والتي تأسست في يونيو، تتمتع بولاية للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة في ليبيا منذ 2016. “المحكمة الجنائية الدولية” لديها ولاية للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في ليبيا منذ 2011.