عربي 21-
أثار البيان الصادر عن نائب رئيس الحكومة الليبية، حسين القطراني، الذي هاجم فيه الدبيبة، واتهمه بالفشل وممارسة الديكتاتورية؛ مزيدا من التساؤلات حول إمكانية تشكيل حكومة موازية موالية لحفتر في شرق البلاد، أم تأتي في إطار الخطوات الساعية لتحقيق امتيازات محددة.
وهدد القطراني في بيان متلفز رئاسة الحكومة باتخاذ إجراءات تصعيدية هو وممثلي “برقة” في الحكومة، حال لم يستجب الدبيبة لمطالبهم، والتي لخصها في ضرورة تنفيذ بنود الاتفاق السياسي وخارطة الطريق من توزيع عادل للمقدرات، وتحديد اختصاصات نواب الرئيس والوزراء، وتعيين وزير دفاع جديد.
فشل وديكتاتورية
وشن نائب الدبيبة هجوما شرسا على الأخير، متهما إياه بممارسة الديكتاتورية في اتخاذ القرارات، وكذلك فشله في إدارة الخلاف السياسي، وعدم التزامه بتنفيذ خارطة الطريق وتفعيل الاتفاق السياسي، مطالبا الدبيبة بالابتعاد عن “الحسابات الشخصية والتصريحات غير المسؤولة”، وفق بيان وصل “عربي21” نسخة منه.
وذكرت مصادر مطلعة أن “القطراني تواصل مع الوزراء الممثلين للشرق الليبي في الحكومة، ودعاهم لاجتماع عاجل وطارئ، إلا أن الوزراء لم يستجيبوا لذلك، وبعضهم أغلق هاتفه حتى لا يتعرض لضغوط قبائلية أو عسكرية من قبل حفتر أو ابنه صدام الذي يقال إنه وراء الأمر برمته”، وفق المصادر.
ولاقت خطوة القطراني واتهاماته في هذا التوقيت ردود فعل وتساؤلات من قبيل: هل يخطط نائب الدبيبة والمعروف بولائه الشديد لحفتر للانقلاب على رئاسة الحكومة وتشكيل أخرى موازية؟
مخطط حفتر
من جهته، أكد نائب الحاكم العسكري في شرق ليبيا سابقا، العقيد سعيد الفارسي، أن “الخطوة والبيان والاجتماع كلها من تخطيط حفتر الذي لا يزال مدعوما من دولة مصر، وهدفها الضغط على الحكومة؛ لترضخ لمطالب الجنرال العسكري، وتمكنه من حكم ليبيا، أو تقسيم البلاد، خاصة أن ممثلي برقة هم في حقيقتهم ممثلو حفتر”.
وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″ أن “حفتر قد يأمر ممثليه بالانسحاب من الحكومة بحجة حقوق برقة، كما أنه قد يلجأ لخطوات تصعيدية من قبيل غلق الموانئ النفطية؛ للضغط أكثر على الدبيبة، وكل ما يحدث في الشرق الليبي يتم بتعليمات مصرية ومن ورائها الإمارات، لذا لن تحدث أي انتخابات طالما حفتر موجود في المشهد ومدعوم إقليميا”، وفق تقديراته.
محاولة خطيرة
في حين، رأى عضو مجلس الدولة الليبي محمد الهادي أن “هذه الخطوة من قبل القطراني لها عدة أهداف، أهمها قطع الطريق على رئيس الحكومة للحيلولة دون كسب أكبر قاعدة اجتماعية وشعبية يمكن الصعود بها والفوز في الانتخابات القادمة، وكذلك محاولة للضغط على الحكومة لأجل الإذعان والسير في مخطط ومشروع حفتر”.
وأضاف في تصريح لـ”عربي21″ أن “الخطوة أيضا بمثابة رسالة للمجتمع الدولي؛ بهدف لفت أنظاره للمنطقة الشرقية وقيادتها، بعد أن خف بريق لمعانها، وشعورها بأن حلفاءها بدأوا بالتخلي عنها واقتناعهم بمشروع الدبيبة، لكن تظل تحركات القطراني محاولة خطيرة جداً، وستضع الجميع على المحك، وأولهم البعثة الأممية والمجتمع الدولي، وتجعلهم أمام خيارين: القبول بحفتر وتصرفاته، أو الانحياز للدبيبة وحكومته المدعومة دوليا”، كما قال.
وتابع: “هذه المحاولة هي أشبه برصاصة الرحمة على أي عملية سياسية قادمة، بل حتى على أي استحقاق يمكن أن يصل بليبيا إلى بر الأمان، لكن لا أعتقد نجاحها على المدى البعيد كونها جاءت بخلاف ما يصبو إليه الشعب الليبي، ومنهم المنطقة الشرقية، بعد الشعور بالوحدة ووقف الحروب”، كما توقع.
ليست انقلابا
الكاتب والمدون من الشرق الليبي، فرج فركاش، قال إن “خطوة القطراني لا يمكن اعتبارها انقلابا في الوقت الحالي، ولكنها تعبر عن تذمر وعجز ربما من بعض الوزراء في أداء أعمالهم بعد سحب صلاحياتهم والاستحواذ عليها من قبل الدبيبة، وأيضا التأخر في دفع مرتبات الوحدات التابعة للقيادة العامة وتخصيص ميزانيات خاصة للوزراء والوكلاء”.
وتابع: “كما أنها تأتي أيضا بعد فشل طرف القيادة العامة (حفتر) في التحصل على وزارة الدفاع وعلى ميزانية خاصة، بالإضافة إلى أمور أخرى لها علاقة بالديون، وهي خطوة قد تتكرر لاحقا بشكل تصعيدي، خاصة مع قرب موعد الانتخابات، وهو ما قد يؤثر على العملية الانتخابية نفسها”، حسب توقعاته.
وأردف لـ”عربي21” بقوله: “ننتظر خطوات جادة من الحكومة لنزع فتيل الأزمة، وسحب البساط من تحت من يسعى لاستخدام مطالب عادلة، كوسيلة ابتزاز، أو إعادة الانقسام السياسي من جديد، وهدم جهود ومكتسبات ملتقى الحوار السياسي”.