* كتب/ خالد الجربوعي،
“الانتخابات هي الحل”… جملة أصبحت تتردد على لسان من يتحدث عن الأزمة الليبية داخل البلاد وخارجها من كل المستويات والمناصب، وكلا لا ينهي حديثا أو يبدأه إلا بجملة الانتخابات هي الحل للأزمة الليبية، ويطالب بضرورة إجرائها في أسرع وقت ممكن..
هذا الوقت الذي مر عليه سنوات طويلة دون أن نعرف نهايته أو مدى سرعته لإجراء مثل هذه الانتخابات المزعومة والمنتظرة، والتي يزيد بها الكل على الكل ويضعها شرطا لترك منصبه وتسليمه لغيره.. والذي حوله إلى ملكية خاصة لا يحق الاقتراب منها طيلة سنوات.. وبدونها لا أحد يريد أن يترك كرسيه الذي وصل إليه بطريقة أو بأخرى حقا وباطلا.
لكن يبقى السؤال الأهم والذي ربما يطرحه البعض ولو خارج السياق ودون إعلان..”هل حقا ستكون الانتخابات هي الحل للأزمة الليبية..؟؟!!” في حالة إجراءها طبعا.. وهي من ستخرج ليبيا والليبيين من كل مشاكلهم وصراعاتهم وأزماتهم المتراكمة منذ سنوات بل ربما منذ عقود طويلة وستبنى لهم وطنا لا مثيل له.. وستقدم لهم رجالا كل همهم خدمة البلاد والعباد.. وستكون العصا السحرية التي ستغير كل ما نعيشه اليوم من أزمات وصراعات وحروب وفساد وجرائم.. وستخلصنا من كل الوجوه التي تصدرت المشهد لسنوات طويلة بكل الطرق والوسائل والمواقع.. سلطات رسمية.. سلطات أمر واقع.. سلطات مغتصبة.. سلطات إعلامية.. وغيرها الكثير ممن أصبحوا يقودون البلاد والعباد ويتحكمون في مصائرهم في كل المواقع وبكل السبل، ومن لا قيمة لهم ولا مكان إلا في مثل هكذا ظروف من فوضى وأزمات وانقسامات.
ويبقى هذا السؤال أساسا لما هو قادم حتى لا نتفاجأ عند إجراء هذه الانتخابات المجهولة الموعد والزمان “إن جرت يوما أصلا” إنها لم تحقق جديدا ولم تقدم حلولا، بل ربما قد تزيد الأزمة تعقيدا والانقسام تشديدا والأمور فسادا والوجوه سوءا.
لكن لماذا هذا السؤال الذي يحاول الكثيرون القفز عليه وعدم البحث عن إجابة حقيقية له، حتى لا نقع في المحظور، ولا تكون الانتخابات مجرد خطوة للتخلص من أزمة والدخول فيما هو أسوأ.. لأن إجراء الانتخابات في ليبيا رغم أهميتها وضرورتها في نهاية الأمر في مثل هكذا ظروف قد لا تحقق المطلوب منها.. وخاصة الانتخابات التي يمكن القول عنها أنها أس كل العقد وسبب كل تأخير، ألا وهي الانتخابات الرئاسية التي يريد كل فرد طامح للسلطة والحكم أن يصل من خلالها إلى كرسي الحكم الأول،
والذي قد يحول البعض إلى الرجل الأوحد إن تحقق له ما يريد ونجح في الوصول إليه بأي طريقة كانت انتخابات أو غيرها.. بعد أن فشل الكثيرون منهم في تحقيق هذا الحلم، رغم كل المحاولات بمختلف الوسائل الممكنة التي وصلت إلى حد فتح الجبهات وسفك الدماء وقتل البشر وتدمير الحجر.
ولكن عندما فشلت كل الطرق والوسائل أصبح الكل يردد أن الانتخابات هي الحل، ليس إيمانا بها من جلهم، ولا تمييزا لها ولا حبا في ديمقراطيتها التي آخر ما يريده مثل هؤلاء المتمسكين بالكراسي والطالبين لها.
إن وضع الانتخابات لوحدها على أساس أنها هي الحل الذي لابد منه، في ظل هكذا ظروف وهكذا شخوص، وهكذا سلطات، أعتقد أنه أمر تجانبه الحقيقة ويرفضه الواقع، ويمنعه أصحاب السلطات المختلفة.. لأن إجراء أي انتخابات في مثل هذه الوضعية ومع وجود كل هذه الشخوص التي لا يريد أحد منها مغادرة المشهد بانتخابات أو بدونها.. بل الكل يريد أن يزيد من مكاسبه ويصل إلى أعلى كراسي السلطة من خلال مثل هذه الانتخابات المزعومة، وإن لم يتحقق له ذلك فإن الأمور لن تكون كما يراد لها من الكثيرين، سواء ممن يخوضون مثل هذه الانتخابات طلبا لأعلى سلطة، أو ممن يدعمون شخوصا ويرفضون أخرى، وهم غير مستعدين للتنازل عن هذه الكراسي إلا لمن يدعمونهم، وإن حدث وفشل وصوله فإنهم لن يسلموا بالأمر، وسيجدون كل الوسائل والسبل لعرقلة مسار هذه الانتخابات ورفض نتائجها، ومنع التسليم لمن يفترض أنهم فائزون، كلا حسب موقعه وطريقته.. وطبعا الانتخابات الرئاسية ستكون هي أساس كل المشاكل وكل القضية، وهو ما سيكون له كلام وتفصيل أكثر في مقال قادم.. بإذن الله.