الحرة-
عزا رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السايح، عدم إجراء الانتخابات في موعدها إلى تهديدات تلقتها مفوضيته في حال تضمنت قوائمها النهائية للمرشحين أسماء بعينها، وإلى جملة عراقيل قضائية وقانونية.
وكشفت إحاطة السايح، خلال جلسة للبرلمان في طبرق، خصصت للاستماع لأسباب فشل إجراء الانتخابات في موعدها المقرر سابقا في 24 ديسمبر، عن سلسلة من العراقيل التي عطلت عجلة الانتخابات ووضعت مفوضيته أمام ما وصفه بإعلان القوة القاهرة.
ويرى المحلل السياسي الليبي، مختار الجدال، أن “القوة القاهرة لن تنتهي. ومالم تنتقل المفوضية من طرابلس إلى أي مكان آخر ستبقى مهددة نتيجة وجود السلاح والميليشيات”، مضيفا أن “تهديد المفوضية هو إحدى النقاط المهمة التي أدت إلى إرجاء الانتخابات”.
ولم يوضح السايح ما إذا كانت التهديدات مرتبطة بالاقتحام الذي شهده مقر المفوضية بطرابلس في الثامن من ديسمبر، على يد من وصفوا أنفسهم بـ”ثوار طرابلس” والذين عكست شعاراتهم معارضة صريحة للعملية الانتخابية.
وقال الجدال لموقع “الحرة”: إنه “تم تهديد المفوضية من قبل ميليشيات مسلحة، احتلت مقر المفوضية”.
لكن المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أشرف الشح، وصف حديث السايح في البرلمان بـ”المرتبك” و”غير المدعم بالأدلة والبراهين”.
وأوضح الشح في حديثه مع موقع “الحرة” أن السايح حاول بكلامه “دفع المسؤولية من عليه بسبب إفشال الانتخابات، ووضع عدة مبررات”.
وأشار الشح إلى أن التهديد الذي كان يتحدث عنه السايح عبارة عن “مظاهرة فقط خارج المفوضية من قبل شخصيات تعترض على القوانين الانتخابية والطريقة التي تمت بها، ولم تقتحم المفوضية، وإن كان هناك تهديد شخصي لعماد السايح”.
وأضاف أنه “خلال جلسة البرلمان اليوم، رئيس البرلمان المكلف، فوزي النويري رد على السايح بأن المفوضية لم تخاطب البرلمان بأن هناك من اقتحمها”، مشيرا إلى أن السايح أيضا لم يتقدم بأي بلاغ للنائب العام”.
ويرى الشح أن السايح لم يكن مقنعا بأن هناك موانع قانونية أو لوجستية منعت إجراء الانتخابات، “ولكن المانع الرئيسي هو سياسي لأن هناك طرف لا يقبل بدخول أطراف مرجح نجاحها وبالتالي تم تأجيل الانتخابات”.
واتهم الشح البرلمان وبالتحديد عقيلة صالح وخليفة حفتر بأنهم هم الذين هددوا السايح بعدم إعلان القائمة النهائية للمرشحين بعد أن قبلت المحكمة طعون نجل الرئيس الأسبق، سيف الإسلام القذافي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الحالية، عبد الحميد الدبيبة.
وقال “المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق البرلمان نفسه الذي أمر عماد السايح نفسه بعدم إعلان القائمة النهائية بسبب وجود أسماء كانت مرجحة أن تنجح وأن دخول سيف الإسلام القذافي والدبيبة إلى معركة الانتخابات ربما لن يوصل بعض الأطراف إلى السلطة”.
في المقابل، يتهم الجدال المجلس الأعلى للدولة بأنه هو الذي هدد بعدم إجراء الانتخابات لعدم موافقته على القوانين التي أصدرها مجلس النواب.
وقال إن “عقيلة صالح وحفتر موجودان في القائمة النهائية قطعا، وليس لديهم مشكلة في دخول سيف الإسلام القذافي الانتخابات”.
ويرى الجدال أن “السبب هو أن الميليشيات والمسيطرين على طرابلس هم الذين رفضوا وجود سيف الإسلام القذافي في القائمة”.
“الدستور أم حل الميليشيات أولا“
وقرر مجلس النواب الليبي، الاثنين، إعادة النظر في مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد إزالة حالة القوة القاهرة، وذلك بالتنسيق بين المفوضية العليا للانتخابات وبين اللجنة البرلمانية المشكلة لوضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة والجهات ذات العلاقة.
لكن الشح يرى أن ليبيا غير مهيأة لإجراء انتخابات رئاسية في عدم وجود دستور، لكنها مهيأة لإجراء انتخابات نيابية لتنهي الانقسام والتنازع، بينما يرى الجدال أنها غير مهيأة في ظل وجود ميليشيات مسلحة.
وقال الشح “إن الانتخابات النيابية التي ستجري في 13 دائرة انتخابية موزعة على الأراضي الليبية وستكون فيها فرص النجاح لكل الأطراف السياسية وفرص التمثيل ويمكن إجراؤها لأنها لا تخضع لمركزية أو منطقة معينة، وبالتالي فهي فرصة لإنهاء الانقسام والتنازع بين مؤسسات الدولة خاصة مجلس النواب في طبرق والمجلس الأعلى للدولة وحكومة منتخبة في جنيف.
وحول إذا ما كان الأمن الحالي يستطيع أن يحمي الانتخابات إذا أجريت، رغم أن الأمن غير موحد في ليبيا، فقال “نعم، كل منطقة مسؤولة عن الأمن فيها”.
وأضاف “مثلا المنطقة الشرقية، فإن مسؤولية الأمن تقع على عاتق حفتر التي يتحكم في هذه المنطقة، أما في الغرب فإن الحكومة هي المسؤولة، وبالتالي فإن الانتخابات البرلمانية ستكون أكثر أمانا وهدوءا، بعكس الانتخابات الرئاسية التي سوف تكون فيها النتيجة صفرية، بمعنى أن واحد فقط من المرشحين هو الذي سيفوز برئاسة ليبيا، وقد لا يقبل البعض بالنتيجة”.
يرى الشح أن الحل يكمن في أن يضع البرلمان المنتخب الدستور ثم يستفتى عليه الشعب، وبناء عليه تجرى الانتخابات الرئاسية التي ستكون نتيجتها ملزمة للجميع بنص الدستور المستفتى عليه من الشعب”.
لكن الجدال لا يرى أن الأزمة في عدم وجود دستور دائم، وأنه حتى لو تم الاتفاق على دستور فإنه لن يحل مشكلة إجراء الانتخابات.
وقال إن “الحل بالدرجة الأولى يكمن في حل الميليشيات أو دمجها في الشرطة، وأن يبقى السلاح تحت سلطة واحدة هي الدولة، وإذا لم يستطيعوا تنفيذ ذلك، فيبقى الحل في نقل المفوضية إلى مكان آخر غير طرابلس كي تستطيع العمل”.