عربي 21-
عاد النشاط والدور الفرنسي في ليبيا للظهور مجددا، في أعقاب أنباء عن وصول خبراء عسكريين فرنسيين إلى الشرق الليبي، الذي يسيطر عليه اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، بهدف وضع ترتيبات لتسليم قاعدة عسكرية لوزارة الدفاع الفرنسية، وذلك بعد ساعات من زيارة المبعوث الفرنسي الخاص إلى ليبيا مناطق في الشرق.
ونقل موقع “ليبيا برس” عن مصدر عسكري لم يسمه، قوله إن مجموعة من العسكريين الفرنسيين وصلوا إلى قاعدة “الويغ” العسكرية بالجنوب الليبي؛ بهدف معاينتها، وإعادة تأهيلها، وإدخالها للخدمة مجددًا.
وقاعدة “الويغ” الجوية تقع في جنوب ليبيا قرب الحدود مع تشاد، وتوصف بأنها قاعدة جوية استراتيجية متقدمة في عمق الصحراء الليبية.
ولفت الموقع إلى أن قوات حفتر تنوي تسليم القاعدة لوزارة الدفاع الفرنسية، لتكون قاعدة عسكرية فرنسية في الجنوب الليبي على غرار قاعدة الوطية (غربا) التي سُلمت لوزارة الدفاع التركية.
المصدر نفسه لفت إلى أن التقارب بين حفتر وباريس جاء بعد توتر العلاقة بين خليفة حفتر ومالك شركة فاغنر الروسية يفغيني بريغوزين، الذي تتواجد قواته في مناطق متفرقة شرق ليبيا.
ورغم أن قوات حفتر لم تؤكد وصول الخبراء العسكريين الفرنسيين، إلا أن هذه الأنباء جاءت عقب ساعات من وصول المبعوث الفرنسي إلى ليبيا، ولقائه خليفة حفتر، ما ترك تساؤلات حول علاقة هذه الزيارة بالتواجد العسكري الفرنسي المزمع في الجنوب الليبي.
ومعلقا على هذه الأنباء، قال الخبير العسكري عادل عبد الكافي، إن التواجد العسكري الفرنسي المرتقب سيؤدي إلى تصاعد حدة الاستقطاب للمرتزقة داخل الأراضي الليبية، وسيهدد أمن وسلامة البلاد.
وشدد عبد الكافي في حديث خاص لـ”عربي21″ على أن هذه الخطوة -إن صحت- ستؤدي إلى “مزيد من توتر الأوضاع العسكرية، ومزيد من انتشار المرتزقة الأفارقة على الأراضي الليبية، وستفتح مواجهة غير مباشرة بين روسيا، عبر ذراعها العسكري، قوات الفاغنر، وبين فرنسا”.
وتابع قائلا: “هناك صراع بين باريس وموسكو في بعض مناطق الإقليم، منها على سبيل المثال دولة مالي، التي تم انتزاعها من قبضة فرنسا عبر مرتزقة الفاغنر الذين تعاونوا مع المجلس العسكري المالي، وأصبح لهم تواجد عسكري مكثف وقواعد عسكرية داخل الأراضي المالية، ناهيك عن دورهم في جمهورية أفريقيا الوسطى ومواقع في دول أخرى على حساب الدور الفرنسي التقليدي”.
وذكّر الخبير العسكري بأن فرنسا سعت سابقا للتواجد في ليبيا من خلال تواجدها في غرفة عمليات غريان 2019 إبان الهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس، وما تلا ذلك من هروب عناصر وخبراء فرنسيين ووصولهم إلى تونس.
ولفت إلى أن فرنسا تسعى إلى أن يكون لها موطئ قدم في ليبيا بعد أن فقدت مواقعها في مالي وتشاد ومناطق أخرى من أفريقيا، لكنها لن تنجح في ذلك؛ بسبب وجود رفض واسع لدورها في ليبيا، خاصة في الغرب الليبي الذي يرفض أي دور لباريس، إضافة إلى أن ليبيا تعتبر منطقة نفوذ لقوات أفريكوم الأمريكية، التي لها تنسيق مع الحكومات المتعاقبة في ليبيا، ومع قوات مكافحة الإرهاب الليبية.
وكان المبعوث الفرنسي الخاص إلى ليبيا، بول سولير، عقد عدة لقاءات واجتماعات، الثلاثاء، في شرق ليبيا، بدأها بلقاء حفتر صحبة السفيرة الفرنسية في ليبيا، دون كشف محاور اللقاء أو ما دار بينهما، واكتفيا بنشر الصور فقط.
كما التقى سولير رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، فور عودة الأخير من زيارة لدولة قطر، ناقش معه المسار الدستوري وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وقالت السفارة الفرنسية لدى ليبيا عبر حسابها على موقع “تويتر” إن “المبعوث الفرنسي أكد لرئيس البرلمان أولوية سيادة ليبيا، وأهمية استكمال القاعدة الدستورية، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية “سريعا” وفق رغبة الليبيين”.
ويعتقد الضابط من الشرق الليبي، العقيد سعيد الفارسي، أن “هذه التحركات واللقاءات الفرنسية مخطط لها، وهي امتداد لموقف فرنسا الثابت من دعمها لحفتر وقواته ومشروعه، بل هي الداعم الدولي الرئيسي للأخير، وهذه التحركات هي عبارة عن تجديد الدعم لحفتر فقط”.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″ أن “هذا الدعم المتجدد هدفه ألا يقدم حفتر أي تنازلات، ولو اضطر للحرب مرة أخرى، خوفا من أن تخسر فرنسا الجنوب والشرق لو خسر حفتر سياسيا، ومؤكد أن هذه التحركات جاءت بعد تقارب عقيلة وحفتر مع تركيا، أي أنها تحركات ضد أنقرة وضد الاتحاد الأوروبي كله”، وفق قوله.