العربي الجديد-
تشهد الأسواق الليبية ندرة في العديد من السلع الغذائية الأساسية، وسط قفزات في الأسعار، الأمر الذي أرجعه تجار وناشطون في جمعيات حماية المستهلك، إلى احتكار فئة قليلة من الموردين للأسواق وحجب السلع بغية المضاربة ورفع أسعارها، بينما يشكو الكثير من المواطنين من التهام الأسعار زيادة الرواتب التي جرى إقرارها أخيراً.
قال نوري السنوسي الذي يعمل مدرساً في العاصمة طرابلس لـ”العربي الجديد” إن “ارتفاع الأسعار يلتهم الراتب في زمن وجيز، حتى أصبح من الخطأ أن نطلق عليه راتباً شهرياً بل يفترض أن يكون راتباً أسبوعياً، لأنه بالكاد يكفي لتلبية احتياجات أسرة مكونة من ستة أفراد لمدة 7 أيام فقط، في ظل الأسعار ومعدلات التضخم المرتفعة”.
وأضاف السنوسي أن الزيادة الجديدة في الراتب أصبحت لا تلبي احتياجات أسرته في ظل الغلاء المتصاعد. وفي نهاية ديسمبر الماضي، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رفع الحد الأدنى للرواتب بنسبة 40% من 450 دينارا إلى 750 دينارا (155.44 دولاراً).
وسرعان ما تحول ترحاب الكثيرين بهذه الزيادة إلى إعراب عن ضيقهم من موجة غلاء جديدة وشح في سلع مثل الحليب والسكر في الأسواق في الأيام الأخيرة.
وأعرب تجار عن عدم مسؤوليتهم عن هذه الأوضاع، إذ قال عبد الحميد الحمروني، وهو تاجر جملة في سوق الزناتة بالعاصمة الليبية لـ”العربي الجديد” إن “المشكلة تكمن في احتكار قلة للسلع الضرورية بغرض المضاربة”.
بدوره، قال عادل الخويلدي، بائع تجزئة في منطقة سوق الجمعة وسط طرابلس، أن الأسعار ارتفعت إلى الضعف خلال الفترة الأخيرة، مضيفا أن لتر زيت الطعام وصل إلى 15 ديناراً (3.1 دولارا)، كما أن هناك ندرة في السلع في بعض الأوقات.
وقال نائب رئيس جمعيات اتحاد المستهلك أحمد الكردي لـ”العربي الجديد” إن المستهلك في مواجهة الغلاء من دون حماية، مؤكداً أن الأسعار في تصاعد مستمر مع غياب الجهات المعنية عن متابعة الأسواق.
وأضاف الكردي أن الغلاء وصل إلى البنزين والديزل المدعوم الذي يباع بـ10 أضعاف سعره الرسمي، خاصة في مناطق الجنوب الليبي، مما تسبب في ارتفاع أجرة النقل وزيادة أعباء المستهلك.
لكن الخبير الاقتصادي عبد الحكيم غيث، رأى أن هناك ثلاثة عوامل تتسبب في ارتفاع الأسعار، أولها تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على الأسواق العالمية، وانخفاض سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار، وثالثاً تدهور الإنتاج الزراعي المحلي وسط غياب الدعم وتوقف إقراض المشاريع. وأشار غيث في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن الأسعار ارتفعت بنسبة 50% خلال 2022 مقارنة بالعام السابق عليه.
وحسب برنامج الغذاء العالمي، يقدر عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في ليبيا بنحو 1.3 مليون شخص، منهم 699 ألفاً يعانون من انعدام الأمن الغذائي في ظل الصعوبات التي تسبب فيها تدهور الاقتصاد وسط الصراع.