العربي الجديد-
أعلن الناطق باسم قيادة مليشيات حفتر، أحمد المسماري، إطلاق عملية عسكرية في النطاق الحدودي الجنوبي للبلاد، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر عسكرية ليبية من الجنوب النقاب عن حراك عسكري كثيف لوحدات تابعة لمليشيات حفتر في محيط منطقة القطرون القريبة من الحدود مع النيجر.
وأوضح المسماري، في بيان الجمعة (25 أغسطس 2023م)، أن وحدات تابعة لحفتر أطلقت “عملية عسكرية واسعة ودقيقة ومحددة الأهداف في النطاق الحدودي الجنوبي، تأميناً لحدود الدولة ومقدراتها وسلامة مواطنيها، وجزءاً من استمرار بسط سيطرتها ونفوذها”.
ونقل المسماري عن قيادة حفتر أنها “لن تسمح أن تكون ليبيا منطلقاً لأي جماعات أو تشكيلات مسلحة تشكل تهديداً لجيرانها، أو قاعدة انطلاق لأي أعمال غير قانونية، مع التأكيد الشديد على المحافظة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة والشقيقة والجارة، ومشاكلها السياسية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى “ما تمر به المنطقة ودول جنوب الصحراء والساحل من توترات سياسية وأمنية واسعة طيلة الأشهر الماضية، ما أسهم في هشاشة الوضع في تلك الدول، وضعف قدرتها على التحكم والسيطرة على حدودها البرية، مما ساعد في تحرك خلايا من الجماعات الإرهابية والإجرامية بشكل واضح.
وبيّن أن منطلق العملية هو “حماية البلاد والشعب ومقدراته الاقتصادية والتنموية، والحفاظ على حالة الاستقرار والأمن في الجنوب الليبي كافة، ونظراً للتقارير والمعلومات المتواترة لغرف القيادة والمعلومات لدينا من نقاط السيطرة والمراقبة، بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية والأمنية الدقيقة والواسعة”.
وجاء بيان المسماري بالتزامن مع بيان آخر لإدارة التوجيه المعنوي بالقيادة العامة فرع سبها، التابعة لقيادة حفتر، أعلنت خلاله “وصول قادة عسكريين، على رأسهم آمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان، إلى الحدود الجنوبية، وتحديداً مع تشاد”، مشيراً الى أن الهدف هو “الإشراف على العمليات العسكرية الموسعة التي ستطلقها وحدات القيادة العامة (قيادة حفتر) لتطهير المنطقة من العصابات المسلحة، وضبط الأمن، وتأمين الحدود، ومكافحة الهجرة”.
وفي الأثناء، توافقت معلومات مصادر عسكرية ليبية من جنوب ليبيا حول نشاط عسكري حثيث للواء طارق بن زياد، أكبر الألوية العسكرية ضمن مليشيات حفتر، في محيط منطقة القطرون (400 كم شمال منفذ التوم الحدودي مع النيجر) منذ أكثر من أسبوع.
ووفقا لمصادر تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن سيارات عسكرية نشطت الأسبوع الماضي في محيط القطرون، ونقلت عتاداً وأجهزة عسكرية إلى مقار حكومية خالية في منطقتي “مدروسة ونقركنمة”، المحاذية للقطرون جنوباً باتجاه الحدود مع النيجر، واعتبرت أن هذا “النشاط غير المسبوق يشير إلى التحضير إلى عملية عسكرية غير واضحة التفاصيل”.
وحول طبيعة المعدات والأجهزة التي نقلتها مليشيات حفتر إلى مدروسة ونقركنمة، أوضح أحد المصادر أن المعلومات تشير إلى أنها “أجهزة مراقبة جوية متقدمة، فقد كان ضمن السيارات العسكرية ضباط أجانب من الراجح أنهم من الجنسية الروسية”.
وفيما أكد المصدر ذاته وجود تكتم، ومنع للوصول إلى محيط المقرات الحكومية في مدروسة ونقركنمة، فإنه عبر عن خشيته من تحول المنطقة إلى “ساحة مواجهة مسلحة بسبب قرب قاعدة الويغ العسكرية من القطرون”، أكبر القواعد العسكرية بالجنوب الغربي الليبي.
وحول المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام أفريقية، من بينها قناة “أفريك ميديا تي في” الكاميرونية، بشأن عزم فرنسا نقل 400 جندي من قواتها إلى قاعدة الويغ، في إطار استعدادها لدعم أي تدخل عسكري تعد له مجموعة إيكواس في النيجر، أكد المصدر أن “القاعدة لا يسيطر عليها حفتر منذ سنوات طويلة، وبين الفينة والأخرى ترد معلومات عن هبوط طائرات على مرابضها، لكنها طائرات أميركية وفرنسية، ومنذ قرابة العامين لم يرصد فيها أي نشاط أو حركة”.
وكانت جبهة الوفاق من أجل التغيير المتمرّدة (فاكت)، المعارضة للنظام في تشاد، وتتخذ من الجنوب الليبي معاقل لحركتها، قد أعلنت، في 19 من أغسطس الجاري، عن مقتل ثلاثة عناصر وإصابة أربعة آخرين، إثر قصف جوي طاول معاقلها في جنوب ليبيا، واتهمت الجيش التشادي بتنفيذه.
ويأتي إعلان حفتر عملية عسكرية جديدة في الجنوب، بعد يوم من زيارة أجراها نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف، التقى خلالها حفتر في مقره العسكري بالرجمة، شرقي بنغازي، الخميس
كما يأتي الإعلان عن العملية العسكرية لحفتر تزامنا مع الإعلان الروسي الرسمي عن مقتل يفغيني يريغوجين، زعيم مجموعة “فاغنر”، الذي طالما شكل ومجموعته أحد أهم الروابط بين حفتر وموسكو، إذ شاركت المجموعة في عدوان حفتر المسلح على العاصمة طرابلس خلال عامي 2019 و2020، قبل أن تنسحب إلى مدينة سرت، وسط شماليّ البلاد، إثر انكسار العدوان، لتتمركز لاحقاً في نقاط عسكرية استراتيجية، ولا سيما في قاعدة الجفرة وسط الجنوب، وقاعدة الخروبة المحاذية لقاعدة الرجمة للمقر العسكري لحفتر شرقي البلاد، بالإضافة إلى وجودها في العديد من المناطق في الجنوب الليبي.
ورغم نفي موسكو أي وجود عسكري لها في ليبيا، فإن عدة عواصم إقليمية ودولية اتهمتها بالضلوع في أحداث وقعت في المنطقة، انطلاقاً من قواعدها في ليبيا.
وفي إبريل 2021، اتهمت السلطات التشادية “فاغنر” بالمساهمة في دعم تمرد قوى تشادية أدت إلى مقتل الرئيس التشادي السابق، انطلاقاً من قواعد المجموعة العسكرية المذكورة في ليبيا. كذلك، اتهمت أطراف دولية عدة، من بينها واشنطن، “فاغنر” بالمساهمة في تغذية الصراع في السودان، بدعم “قوات الدعم السريع”، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).