العربي الجديد-
تستمر حملات التبرع التي تنفذها سلطات ليبيا ومجموعات من المتطوعين، رغم مرور نحو ثلاثة أسابيع على الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسورية وخلّف أضراراً كبيرة في الأرواح والممتلكات.
والأسبوع الماضي استقبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة أعضاء فريق إنقاذ شارك في عمليات إغاثة وانتشال جثث ضحايا الزلزال في تركيا، وأشاد بجهودهم المؤثرة.
وسلم فريق الإنقاذ الدبيبة رسالة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي شكر الجهود الليبية ومساهمة الفريق في معاونة متضرري الزلزال بتركيا ومواساة شعبها.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة قد أرسلت مساعدات عينية ونقدية، فيما وعدت وزارة الخارجية في هذه الحكومة بتوفير مبلغ 50 مليون دولار، وإرسال فرق للبحث الجنائي وأطباء. كذلك نقلت سفن كميات من المساعدات، ونقلت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في بنغازي عبر رحلات جوية مجموعة من المساعدات العينية والمالية إلى مطار العاصمة السورية دمشق.
وأُطلقت في ليبيا حملات لجمع التبرعات، وتشكيل جماعات لجمعها وتنسيق آليات إرسالها إلى البلدين. يقول محمد الرحيبي، أحد القائمين على حملات جمع التبرعات، لــ”العربي الجديد”: “عزلتنا أزمات بلادنا إلى حدّ ما عن أحداث باقي البلدان، ثم سمحت كارثة الزلزال برؤيتنا المآسي التي يعاني منها أهل البلدين المنكوبين، ونبهتنا الأحداث أيضاً إلى أحوال القابعين منذ سنوات في مخيمات النزوح، خاصة الأطفال”. ويلفت الرحيبي إلى انزعاج المواطنين الليبيين الكبير من تعامل السلطات مع الكارثة. ويشير إلى أن “التحالفات السياسية أثّرت في عمليات تسيير الحملات الإنسانية، باعتبار أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس أرسلت مساعدات لحليفها التركي، مقابل إرسال سلطات بنغازي معونات لحليفها السوري، ما دفع الناس إلى إطلاق حملات تبرع”.
وبين المجموعات التطوعية التي تشكلت لجمع التبرعات، مجموعة شبابية في مدينة تاجوراء شرق طرابلس ترأسها أحمد بالأشهر الذي يقول لـ”العربي الجديد”: “أطلقنا في البداية حملة دعائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي سمحت بجمعنا عدداً من المتطوعين للعمل في ليبيا، وربطهم بآخرين في تركيا وسورية”.
يضيف: “توزّعت الأدوار بسرعة، إذ تبرع أحد المواطنين بمخزن لجمع المساعدات، فيما اهتم آخرون بالتنسيق مع جهات رسمية ومدنية، وجمع وإيصال المساعدات العينية إلى المخزن، وتنسيق التحويلات النقدية. وكنا ندرك أن الوصول سيكون سهلاً للمتضررين في تركيا، في حين ظهرت صعوبات جمّة في الشمال السوري شملت عبور الحدود السورية – التركية، ومنع وصول المساعدات إلى الشمال السوري من مطار دمشق. لكن ذلك لم يمنع أن تكون مساعدات مجموعتنا بين الأولى التي وصلت إلى الشمال السوري، وتحديداً إلى بلدة جنديرس الأكثر تضرراً بالزلزال”. ويعلّق بالأشهر قائلاً: “لاحظنا منذ البداية تصاعد منحى التبرعات، ولعبت المساجد دوراً كبيراً في جمعها وحث الناس على فعل ذلك، خاصة في أول صلاة جمعة بعد الزلزال”. ويخبر بالأشهر عن تبرع امرأة طاعنة في السن بطاقم ذهب زفافها الذي احتفظت به سنوات طويلة، وقال: “تبين أنه يساوي 47 ألف دينار، أي ما يقارب 10 آلاف دولار”.
تجاوز الصعوبات
وفي مصراتة، يؤكد رئيس فريق لجمع التبرعات يدعى معمر اليدري لـ”العربي الجديد” أن “عمليات منح التبرعات شهدت إقبالاً كبيراً خصوصاً تلك العينية من ملابس وأغطية، لكن المساعدات النقدية كانت أكثر نشاطاً بسبب سهولة تنفيذ عمليات التحويل، وساعد في هذا الأمر انضمام شبان سوريين وأتراك إلى الحملة، علماً أن بعضهم جهزوا غرف تخزين في سورية، وأرسلوا سيارات لاستقبال المساعدات”. يضيف: “لم يحصل أي توثيق للتبرعات ضمن سجلات لأنها قدمت عشوائياً، وتعامل الجميع مع المهمات بدوافع إنسانية، والشهادات التي وصلت من فرق المتطوعين في سورية وتركيا أكدت وصول التبرعات إلى المناطق الأشد تضرراً والأشخاص الذين كانوا في أمس الحاجة لها، وشجع ذلك على تزايد المشاركة وتنامي نشاط الحملة”. بدوره يؤكد بالأشهر تزايد الجهود وعزم جماعات متطوعين على إطلاق حملة أخرى باسم “تاجوراء تاج الخير” بالاشتراك مع أفواج كشافة، وبإشراف هيئة الأوقاف.