
الناس-
حرم المنتخب الليبي لرياضة البوتشيا من خوض غمار المنافسات الإفريقية المؤهلة إلى كأس العالم في كوريا الجنوبية.
واعتبرت السيدة “وداد الشويهدي” رئيسة منظمة التحدي للمرأة ذات الإعاقة ما حدث “فضيحة” بعد أن عجزت الدولة الليبية عن تأمين الإقامة لمنتخبها، والأنكى أن حرمان الفريق من التوجه إلى مصر لخوض غمار البطولة كان قبل ساعات فقط من انطلاق الطائرة..
رياضة البوتشيا تخص ذوي الإعاقة، وهي لعبة جديدة في ليبيا، وقد شاركت لأول مرة في بطولة البحرين، حيث نشرت صحيفة الناس في مايو الماضي خبر تفوق الرياضية هديل الأصيفر على إحدى المصنفات دوليا بنتيجة (6- 2)، وكرمتها وزيرة الدولة لشؤون المرأة وأشادت بمشاركتها.
هذا الأمر شجع القائمين على اللعبة للاهتمام بها، وإعداد منتخب ينافس إفريقيا ويتأهل لبطولة العالم في كوريا الجنوبية 2026م. فلماذا تعثرت المشاركة في آخر الساعات بعد استعدادات مكثفة، حتى إن رئيس الاتحاد الدولي وجه نداء للمسؤولين الليبيين لإنقاذ المشاركة الليبية، عارضا مساعدته ودعمه. لكن لم تجد نداءاته صدى.
صحيفة الناس تابعت الأمر مع السيدة “الشويهدي” ما الذي حدث؟ وكيف حرمت شريحة المعاقين في ليبيا من مشاركة ربما كانت واعدة؟ فأجابت:
منذ حوالي أكثر من شهرين كلمني الأستاذ “عز الدين بلعيد” رئيس اللجنة العليا لرياضة البوتشيا (الخاصة بذوي الإعاقة الشديدة كضمور العضلات والشلل الدماغي) بأنهم قد اختاروا اللاعبتين “هديل الأصيفر”، و”نوارة سعد” من منظمة التحدي للمشاركة الإفريقية بمصر، فكلفنا مدربا وشرعنا في التمرينات إما في صالة المدينة الرياضية أو كلية العلوم التقنية.
أخبرنا الأستاذ عزالدين بأن البطولة ستنطلق في نهاية يوليو، وأننا سنكون هناك. وبناء على كلامه سعينا للحصول على كرات معتمدة أصلية ومستلزمات أخرى للعبة، بمجهودات شخصية وعلى حسابنا الخاص، وانطلقنا في تدريباتنا، وتواصلنا مع الأندية الأخرى للتنسيق، وكانت الأمور تسير كما ينبغي، واقترحت من عندي إقامة بطولة على مستوى ليبيا بعد البطولة الأولى في طرابلس، وعرضت استضافتها في مصراتة (كنت أول امرأة في ليبيا تنظم هكذا بطولة).
بفضل الله نجحنا في تنظيم البطولة، فشارك معنا لاعبون من ذوي الإعاقة من بنغازي وهون وسبها وطرابلس. بالإضافة إلى فرق مصراتة. ومن خلال البطولة اخترنا شبابا وشابات للتنسيق في بطولات أخرى.
اقترب موعد السفر إلى مصر، وأبلغني الأستاذ “عزالدين” بالحصول على التذاكر للسفر عن طريق صندوق التضامن الاجتماعي، وتواصلنا مع الأستاذ خالد الرقيبي رئيس اللجنة البارأولمبية، وطمأننا على سير الأمور في نصابها”.
حتى هذه النقطة من كلام “الشويهدي” فقد كانت الأمور تسير بسلاسة ودون عراقيل، وقد اختير لتمثيل المنتخب كل من: مسعودة الجويفي، هديل الأصيفر، حمزة الهمالي، نوارة سعد، طه يحيى، علاء أبوخطام، محمد النويجي، ووليد الشعافي.
موعد انطلاق البطولة الإفريقية هو الثامن والعشرين من يوليو 2025، وكان موعد السفر للمنتخب الليبي هو السابع والعشرين من الشهر، لكن قبل السفر بساعات حصلت مفاجأة، وهو ما تتحدث عنه الشويهدي في السطور التالي تقول:
“باقتراب الموعد حصلت مفاجأة غير سارة، اتصل بي الأستاذ عز الدين قبل يومين من السفر وأخبرني أن أمر المشاركة بات مشكوكا فيه! كيف؟ قال إن أشخاصا تدخلوا لإفشال مشاركتنا!
كانت الحجة أننا شاركنا من قبل في البحرين ولم نتحصل على النتائج المرجوة. والحقيقة أننا لازلنا نؤسس للعبة ونمهد لها، فعمرها في ليبيا هو بضعة شهور، وقد نافسنا في البحرين من سبقونا بعقد من الزمان وفزنا عليهم، كما تفوقنا على إحدى المصنفات”
تتابع: “جاء يوم السابع والعشرين موعد سفرنا ولا شيء حدث، ثم يوم الثامن والعشرين، فطلب مني الأستاذ عزالدين الانطلاق، فاستعنت بصندوق التضامن الاجتماعي مصراتة في توفير حافلة، وأخذت اللاعبتين هديل الأصيفر ونوارة سعد من منظمة التحدي معي، وانطلقنا للعاصمة طرابلس، على أن تنطلق الطائرة من مطار معيتيقة عند الساعة السادسة مساء باتجاه القاهرة.
عندما كنا في منتصف الطريق اتصل بي الأستاذ عز الدين وطلب مني العودة، لأن السفر قد ألغي! لأن لا أحد تكفل بمصاريف الإقامة بمصر!”.
الشويهدي: عندما كنا في منتصف الطريق اتصلوا بنا وطلب منا العودة، لأن لا أحد تكفل بمصاريف إقامة المنتخب
تهدج صوت المتحدثة قبل أن يمتلئ بالتحدي وهي تقول: “حز في نفسي هذا الخذلان، وقررت في نفس اللحظة أن أواصل الرحلة على أن أتكفل بمصاريف الإقامة من جيبي الخاص، لكن حتى هذه لم يسمح لي بها، وأخبرني محدثي بأن ذلك غير ممكن، لأن كل فرق البطولة ستنزل في نفس الفندق وفق تنظيم رسمي لا يسمح بتجاوزه”.
وتساءلت محتجة: “كانت تكاليف الإقامة للشخص الواحد طيلة مدة البطولة هي (1800) دولار، هل عجزت الدولة عن توفير هكذا مبلغ، لأبناء هذه الفئة، والتي تعد مثل هذه المشاركات جزءا من علاجهم النفسي والجسدي؟ لو كان هذا الموضوع جلب فرقة للرقص والغناء لصرفت الملايين في ليلة واحدة”.
والتفتت إلى لاعبات منظمتها اللاتي كن يرافقنها بعين الشفقة: “كانت البنيات في حالة نفسية سيئة للغاية. وعدنا جميعا مكسوري الخاطر، ولم أتوقف عن المحاولة عبر الهاتف مع من يمكنه المساعدة، لكن الحقيقة أننا دخلنا في الوقت الضائع، ولم يستطع أحد تقديم شيء”.
وعلقت الشويهدي قائلة: “نحن لا نقل كفاءة عن الآخرين، لقد شاهدنا في البحرين لاعبين من مختلف الدول، وأؤكد أننا نتفوق عليهم كفاءة لو تحصلنا على الدعم المطلوب.
لقد كان هدفنا الوصول إلى بطولة العالم. وعقدنا العزم على ذلك. لكن في آخر لحظة شخص ما قال لا! وهذه هي الحكاية..
البطولة أقيمت بالفعل في الفترة من (30 يوليو إلى 05 أغسطس) بمشاركة خمسة منتخبات إفريقية، وهي: مصر، تونس، جنوب أفريقيا، ناميبيا، وليبيا (قبل أن تنسحب).
رئيس الاتحاد الدولي لرياضة البوتشيا “بول تراينر” وجه نداء عاجلا في الثامن والعشرين من يوليو بعد علمه بتغيب المنتخب الليبي عن الاجتماع الفني للبطولة، إلى الجهات الليبية المعنية، ولعله أبلغ أن السبب هو عدم توفر الدعم المالي اللازم من قبل وزارة الرياضة الليبية.
وجاء في الخطاب الرسمي أن المنتخب الليبي “كان قد شارك مؤخرا في بطولة التحدي الدولية بالبحرين، وأظهر اداء تنافسيا عاليا يؤهله للمشاركة في البطولة الإفريقية، التي تعد حدثا حاسما للتأهل المباشر إلى بطولة العالم المقبلة في سيول”.
ودعا الجهات الليبية إلى تذليل العقبات وتمكين الفريق من اللحاق بالبطولة، معربا عن “استعداده لتقديم أي مساعدة لضمان مشاركة المنتخب الليبي في البطولة، مشددا على أن هؤلاء الرياضيين يستحقون كل الدعم”.